الرأي

قانون “الأقلية الساحقة”

عمار يزلي
  • 2533
  • 0

بداية الحديث عن “بطاقة المعوز” التي قد تمنح للعائلات “الفقيرة” لمواجهة “داعش الأسعار”، ليس بالأمر الجديد! بل هو إجراء قديم مستنسخ عما كان يسمى في فترة الاحتلال “ببطاقة الأنديجين”، والتي كانت تميز بين “الكوليج الأول والثاني” من حيث الانتماء الطبقي: العائلات الفقيرة من السكان الجزائريين الأهالي، وبقية الطبقة الأوروبية والجزائريين السائرين في ركابها!

هذا المشروع إذن هو عودة بالعمل الاستعماري لمحاولة رأب الصدع بين طبقتين فقيرة ومترفة، تشكلتا من نهب مال اليتامى الجزائريين ومن المال الفاسد. هذا الإفقار قد يمس نحو 30 مليون جزائري مقابل 8 ملايين فقط من النخب التي يفوق دخلها 15 مليون سنتيم في الشهر! فالخبراء، والإحصائيات الوطنية الأخيرة تقول أن الفرد الواحد يكلف مليون سنتيم في الشهر على الأقل! أي على الأسرة التي عدد أفرادها 5، أن يكون دخلها لا يقل عن 5 ملايين سنتيم! كان هذا قبل أكثر من 5 سنوات! أما ما بعد 2016، وباعتبار أن الزيادات قد تصل إلى 25 في المائة، فهذا يعني أن نفس الأسرة، أن يتجاوز دخلها 7.5 مليون سنتيم.. للبقاء على قيد الحياة! ولأن الخبراء يقولون بأن من لا يتعدى دخله الشهري 15 مليون سنيتم يعتبر فقيرا، فإن 95 في المائة هم فقراء وتستوجب لهم “بطاقة الأنديجين الوطنية”! ذلك أن 15 مليونا، تساوي “السميق” في فرنسا أي ألف أورو! ونحن نشتري الآن كل السلع من أوروبا بأسعارها هناك! فمن يقل دخله عن ألف أورو.. فقير أوتوماتيكيا وبامتياز!

نمت على هذا الهم، لأجد نفسي ضمن مجموعة الملايين الخمسة من المترفين الميسورين الذين صاروا هم أوليغارشية الجزائر المالية والسياسية! بل وزيرا للمالية كواحد منهم! قلت لهم في “ندبة صحفية”: سنوزع على 5 ملايين ميسور، بطاقة خضراء تسمى “بطاقة القفر” فيما نوزع على 30 مليون مسلم جزائري: بطاقة صفراء تسمى “بطاقة الفقر”. البطاقة الأولى “بطاقة القفر” ستسمح بتحويل كل ما هو أخضر إلى قفار ولون أصفر من خلال التشجيع على الاستيلاء على الأراضي الفلاحية لتحويلها إلى عمران وأبراج وفنادق سياحية لجلب السياح وجلب مزيد من الدوفيز. لن نحتاج إلى فلاحة، لأن الشعب الأصفر الفقير لا يريد أن يعمل فلا يأكل! يريد أن يعيش على الكسل، أو على عمل العمالة الصفراء من الصين! نحن من سيتكفل “بالاستوراد”! ولن ينال أحد إلا بحسب ما يستحق! وعليه، نتوقع ارتفاعا في “الصادرات” إلى الآخرة من هذا الشعب خلال السنوات الـ5 المقبلة: سيتناقص تعداد الغاشي بعد أن يتذوق طعم الغاشية! وسنصل مع مطلع 2030 إلى تقليص العجز في ميزانية العجزة والعاجزين عن العمل والعاملين على التعجيز بنحو 20 مليونا، مع قلة الزيادة في واردات المواليد: هكذا نتوقع أن يكون هناك وفرة في الأغنياء وفقر في الفقراء بعد أن يغنيهم الله من فضله ويزهق أرواحهم وهم فقراء إليه! سيكون معنا فقط نحو 10 ملايين فقير مع وجود نحو 10 ملايين غني بعد انتهاء الجيل الثاني من عمر جيل الثورة والثروة! ثم سيتقلص عدد هذه البطون، إلى أن يبقى فقط نحو 5 ملاين بطن، مقابل 15 مليونا من البطانة! وسنحول الجزائر إلى جنة عدن.. لغير المتقين!

وأفيق وأنا أنادي ابني “عبد الغني” الذي كان يغني بصوت نكير كصوت الحمير: غن.. يا ابن الفقير.. غن!!

مقالات ذات صلة