-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قرارنا الاستراتيجي مع الصين وروسيا قبل فوات الأوان…

قرارنا الاستراتيجي مع الصين وروسيا قبل فوات الأوان…

تضع التحالفات العالمية الجديدة الجزائر في موضع استراتيجي صعب للغاية، وعليها أن تقوم بأفضل اختيار قبل فوات الأوان. لقد أصبح هناك صراع معلن بين القوى الرئيسة الكبرى التي تتعامل معها الجزائر أو تربطها معها علاقات شراكة إستراتيجية: الصين وروسيا من جهة والولايات المتحدة وفرنسا من جهة أخرى.

أصبحت الأحلاف العسكرية والاقتصادية واضحة اليوم أكثر من أي وقت مضى، لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر فرنسا شريكا استراتيجيا، لقد تخلت عنها لصالح التحالف مع الأنجلوسَاكسون وتسببت لها في خسارة مليارات الدولارات من خلال إفشال صفقة القرن المتعلقة بالغواصات الأسترالية والفوز بها. وبات اليوم واضحا أن حلفا عسكريا جديدا قد نشأ بموازاة مع الحلف الأطلسي، ولعلها ستكون بداية تفكك الحلف الأطلسي الذي  لن تبقى فيه سوى القارة العجوز.

لن تقود فرنسا سوى بعض الدول الأوروبية المتهالكة عسكريا واقتصاديا، وهو ما عَبَّر عنه بوضوح المحلل Bruno Tertrais من مجموعة التفكير لمؤسسة البحث الاستراتيجي الفرنسية.

لقد شبه هزيمة فرنسا أمام الحلف الجديد الأمريكي بهزيمة أسطولها البحري أمام الأسطول الملكي البريطاني سنة 1805، معتبرا ذلك بمثابة واقعة Trafalgar ثانية، وهو ما يعني إمكانية تبدل كبير في التحالفات الإستراتيجية في المدى القريب والمتوسط.

ومن جهة أخرى وفي ذات الوقت تقريبا من الإعلان  الأمريكي للحلف الجديد يوم 15 سبتمبر الجاري وبفارق ساعات فقط، تبلور بشكل أوضح حلف منظمة شنغهاي في قمة “دوشنبه” العاصمة الطاجيكية.

لم تكتف القمة برص صفوف المنظمة بل قبلت إيران عضوا كاملا بها بما يَحمِل ذلك من رسالة واضحة إلى الطرف الأمريكي الذي جعل من صميم أهدافه الإستراتيجية تغيير نظام الحكم في طهران ومنعها من أن تتحول إلى قوة نووية إقليمية.

أي أن المجال اليوم أصبح ضيقا للمناورة بالنسبة لأية دولة في العالم.

لقد تبلورت التحالفات بشكل واضح وعلى كل دولة أن تقوم بخيارها الاستراتيجي مع أوروبا بقيادة فرنسا، أومع  آسيا بقيادة آسيا الصين وروسيا، أو مع أمريكا بقيادة الولايات المتحدة والحلف الأنجلوساكسوني والكيان الإسرائيلي.

لقد ضاقت مساحة الخيار وستضيق أكثر في المستقبل القريب عندما تًنفذ الخيارات ويخسر من بقي خارج التحالفات ويتحول إلى كرة تتقاذفها الأرجل هناك وهناك هذا المصير الذي علينا تجنبه، وكلما كان خيارنا الاستراتيجي أسرع كلما كنا في أفضل موقع وتحملنا مسؤولياتنا كاملة. لسنا أقل شأنا من بعض الدول الصغرى بما في ذلك الإفريقية التي اتخذت قرارها ه منذ مدة علنا وبالوضوح التام.

إن إبقاء الغموض في الموقف بحجة التعامل مع الجميع، وربط علاقات إستراتيجية مع الجميع، خيار غير صالح  أبدا في وقتنا الراهن لأن ذلك يعني ببساطة أننا سنخسر مع الخاسرين ولن نربح مع الرابحين.

ويبدو لي أن مصالحنا وتاريخنا وماضينا وتقاليدنا تُلزمنا جميعا اليوم أن نكون ضمن مجموعة الصين وروسيا ومن خلالها نتعامل مع المجموعات والتحالفات الأخرى، وعلينا أن نسارع لذلك  لعلنا نفوز بمكانة مع هؤلاء في المستقبل لنطلب  العضوية من اليوم في منظمة شنغهاي ولسنا أقل شأنا من بعض الدول الإفريقية التي سبقتنا وطلبت بالعضوية كشركاء حوار أو مراقبين في انتظار القبول.

إن الانتماء الجغرافي اليوم لم يعد بعائق ولا شرط في التحالفات الجديدة الولايات المتحدة و بريطانيا وأستراليا كل في قارة وأسسوا حلفهم ماذا يمنعنا نحن؟ إن القوة والمصلحة والمستقبل أساسها قرار وعلينا صناعة واتخاذ وإعلان مثل هذا القرار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ياسر

    أنا أعتقد أن الحلف المثالي للجزائر هي ألمانيا واليابان وتركيا لانهما الدولتين الوحيدتين التي لم تتلطخ أيديهما بدماء المسلمين الأبرياء.