الرأي

“قرّوه في الدّار”!

جمال لعلامي
  • 2440
  • 10
ح.م
نورية بن غبريط

التدريس أيام السبت وأمسيات الثلاثاء، تحوّل إلى حكاية طويلة، فالوزارة تصرّ على “خلاها” بعدما خرّبت الدروس الخصوصية المدرسة، والنقابات تلحّ على الإضرابات والاحتجاجات رفضا لساعات إضافية يقضيها الكثير من الأساتذة، وليس كلهم، بالمستودعات يجمعون فيها دنانير إضافية من التلاميذ!
المختصون يقولون إن التلاميذ بحاجة إلى حطة جديدة، وليس إلى حجم ساع آخر قد يُرهقهم ويُمرمدهم، لكن السؤال المطروح: لماذا لا يحتج الأساتذة المعنيون على الساعات الإضافية في المستودعات والبيوت، لكن يحتجون على بضع ساعات إضافية في المدارس تقول الوصاية إنها في صالح المتمدرسين، خاصة منهم المقبلين على الشهادات النهائية!
القضية لا يجب اختزالها في قطاع التربية فقط، فأغلب القطاعات تعاني من إشكالية سرقة الوقت، إمّا من طرف الوصاية أو من طرف بعض الموظفين، والحال أن “الحالة” أصبحت مرضية وقريبة إلى الوباء منها إلى العدوى، ولعلّ الوقت هو الذي يدفع أساتذة إلى رفض العمل أيام السبت وأمسيات الثلاثاء، بسبب أن العملية غير مدفوعة الأجر!
صحيح أن الواقع المهني والاجتماعي، يحرّض هؤلاء وأولئك من العمال والمستخدمين على “التقاعد المسبق”، من أجل الظفر بتقاعد مقبول، ثم الانصراف إلى مهنة ثانوية، تتأتـّى لهم بمصروف جديد، يعوّض عليهم “الخسارة” التي تكبّدوها خلال مسارهم المهني الطويل!
صحيح أن الدروس الخصوصية “أنقذت” الكثير من التلاميذ من الإعدام وجنّـبتهم عبارة “يوجّه للحياة العملية”، وعلى هذا كلّ الشكر والعرفان والتقدير للأساتذة، لكن بالمقابل، فإن الدروس الخصوصية، أفرغت المدارس من محتواها، وأصبح للأسف الأولياء يبحثون عن النجاح بالمستودعات، بدل إحرازه في المؤسسات التربوية التي أضحت خاوية على عروشها إلاّ أيام الإضرابات!
نعم، من حقّ الأستاذ “المزلوط” أن يحسّن مستواه المعيشي، ويضمن مدخولا جديدا يسدّ به أبوابا ونوافذ لم يتمكّن من سدّها بعائداته الأصلية، لكن أن تتحوّل الدروس الخصوصية أو دروس الدعم أو دروس التقوية، إلى وسيلة ضغط ومقايضة وأحيانا ابتزاز، فهذا ما لا يجب السكوت عنه!
“قرّوه في الدّار”.. هي العبارة التي أصبح الكثير من الأساتذة، وليس كلهم طبعا، يردّدونها، على مسامع الأولياء، إذا قصدوهم للاستفسار عن مستوى أبنائهم التلاميذ، أو عند استلام كشوف النقاط عند نهاية كل فصل دراسي، ولكم أن تتصوّروا كيف تتحوّل القضية التربوية إلى ما يشبه عملية بيع وشراء بين الأستاذ والتلميذ والوليّ وتحت الرعاية السامة لقوانين مظلومة تغبوية عاجزة عن وضع النقاط على الحروف!

مقالات ذات صلة