قلنا لكم حذار ثم حذار!
-
-
24906
-
35
بعد المباراة الودية أمام الغابون كتبت وكررت محذرا الطاقم الفني واللاعبين والجماهير والزملاء الصحافيين من هذا الذي وصلنا إليه اليوم من تعثر أمام تنزانيا وتشاؤم وسط الجماهير، وإمكانية الغياب عن دورتي كأس أمم إفريقيا المقبلتين بسبب الإفراط والتفريط، والتهاون والغرور، وبسبب اللعب على مشاعر الجماهير في ظل هشاشة المنتخب الوطني معنويا وفنيا، وحملة التشكيك التي لازمته منذ كأس العالم الأخيرة، وكذا الاعتقاد الخاطئ بأننا وصلنا، وكل شيء صار في متناولنا منذ تأهلنا إلى كأس العالم، والاعتقاد أيضا بأن تألق منتخبنا لكرة القدم سيحل كل مشاكلنا، وإخفاقه يمثل نهاية العالم لبلد من حجم الجزائر..
أدرك جيدا بأن السكاكين ستنخر جسد سعدان رغم أنه يتحمل قسطا من المسؤولية بسبب إصراره على اختياراته التي لم تكن موفقة، ولكنني لن أتحدث عنه اليوم لأنه انسحب وليس من عادتي إطلاق النار على سيارة الإسعاف أو إشهار السكين على الثور عندما يسقط لذلك لن أتحدث عن الرجل بسوء وتكفيه كل الانتقادات والشتائم التي تعرض لها ويكفيه أنه خرج من الباب الضيق بعدما كان معه (الجيش والشعب).
يكفينا اليوم التساؤل عن المستقبل ومن سيخلف سعدان على رأس الخضر وكيف سيتصرف اللاعبون والجماهير ووسائل الإعلام خلال المباريات المقبلة؟ وهل فعلا نملك منتخبا متكاملا ولاعبين محترفين ومحليين ممتازين؟، وهل يكفي ذهاب سعدان واستدعاء فلان أو علان لكي نفوز ونتأهل؟ وهل مجيء المدرب كابيلو اليوم سيحل كل مشاكل المنتخب؟، وهل التعادل أمام تنزانيا هو نتيجة غير منتظرة وفاجأت الجميع، أم هي نتاج مجموعة من العوامل والأسباب التي تحدثنا عنها ونعرفها كلنا؟
صحيح أن معنوياتنا منهارة اليوم وحظوظ منتخبنا في التأهل تضاءلت، والإقصاء يعيدنا سنوات إلى الوراء، ولكننا ننتمي إلى جيل وبلد يؤمن بالمعجزات، وقادر على رفع التحديات، وأثبتنا ذلك عديد المرات في أصعب الظروف، وكل شيء يبقى متوقف على اللاعبين ووعيهم بضرورة رد الجميل لهذا الوطن الذي جعل منهم نجوما ومنحهم فرصة المشاركة في المونديال واللعب لمنتخب يحلم بحمل ألوانه الكثير، ووضعت تحت تصرفهم إمكانيات لم يسبق لها مثيل، ورفعتهم الجماهير فوق الرؤوس، وصارت مسؤولياتهم اليوم أكبر مما يتصورون.
التعثر أمام تنزانيا مخيّب ومحزن، ولكنه مفيد عندما يأتي في بداية المشوار التصفوي وعندما نحفظ الدرس، وعندما نفهم كلنا بأن المدرب الوطني لا يمكن أن يفرقنا مهما كان اسمه ومهما كانت درجة اختلافنا معه وعدم رضانا على اختياراته، لأن ما حدث مع سعدان انعكس سلبا على أداء اللاعبين وعلى تجاوب الجماهير، وإذا تكرر مع المدرب القادم سيتكرر نفس السيناريو.
التعادل مفيد لأنه يعيد اللاعبين إلى جادة الصواب، ويذكرنا بأننا لن نصل إلا بالعمل وبالمزيد من العمل والتواضع والابتعاد عن الغرور وعن الإفراط في التفاؤل، والتفريط في المكتسبات التي لم نحسن توظيفها بعد في حياتنا وفي مجالات أخرى ..
لقد حان الوقت لكي نفهم بأن الكرة الإفريقية ليست فقط مصر ونيجيريا وكوت ديفوار والكامرون وتونس والمغرب بل هي أيضا تنزانيا وإفريقيا الوسطى والغابون ومالاوي، ونفهم بأن المنتخب الجزائري لا يجب أن يرتكز فقط على اسم المدرب ولا حتى على لاعبين محترفين ومحليين متواضعين بعضهم لم يجد ناديا يلعب له، ولا يرتكز أيضا على ما حققه سابقا أمام مصر في كأس العالم وكوت ديفوار في كأس أمم إفريقيا، كما أن اللعب في البليدة أو 5 جويلية لا يحل مشكلة العقم الهجومي أو طريقة اللعب التي لم نستقر عليها بعد.
يجب أن نفهم بأن المنتخب الذي يخسر بالثلاثة أمام مالاوي وصربيا ويتعثر أمام الغابون وتنزانيا، ولا يسجل الأهداف في مباريات المونديال، وتتغير طريقة لعبه عندما يغيب لاعبا أساسيا واحدا هو منتخب متواضع لم يصل إلى مصاف الكبار، وهو منتخب بحاجة إلى عناية ورعاية وإلى المزيد من العمل والانضباط والتواضع، وبحاجة إلى مساندة إعلامية وجماهيرية مستمرة لا تتأثر بالتعادل أمام تنزانيا، وهو منتخب لا يزال يبحث عن هويته، ويبحث عن لاعبين متميزين وبحاجة إلى وقت أطول لكي يستقر على حال.
لقد خسرنا نقطتان ووجدنا أنفسنا في مأزق البحث عن مدرب جديد في بداية الطريق وتأثرت معنوياتنا بعد التعثر وقد نخسر ثقة جماهيرنا إذا لم نتحلى كلنا بالشجاعة والصبر والحكمة في التعامل مع الوضع، خاصة بعد تعثر المغرب أمام إفريقيا الوسطى، لذلك نجدد التحذير من مغبة الاستسلام والتشاؤم وتحطيم كل الذي تحقق بفضل المنتخب، ونجدد التأكيد على هشاشة المكسب وضرورة الحفاظ عليه لأننا لا نملك منتخبا آخرا ولا وطنا آخر غير الجزائر، ولأن البقاء في القمة أصعب من الوصول إليها ..
