-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قلّة دبلوماسية !

الشروق أونلاين
  • 2468
  • 0
قلّة دبلوماسية !

قادة بن عمار

يبدو أن وزير الخارجية الفرنسي بيرنار كوشنير خانته دبلوماسيته هذه المرة حتى جعلته ينطق بما هو محظور النطق به بين الدول والحكومات، أو أنّ لسانه زلّ فجعله يهين وزيرا جزائريا فوق أرض بلاده.ربما لأن الوزير الفرنسي المعروف بانتمائه للتيار الاشتراكي تعب من كثرة ترحاله بين بيروت وباريس، وجفّ ريقه أخذا وردا مع رموز المعارضة والموالاة الذين عجزوا عن اختيار رئيس توافقي هناك فظن مخطئا أن العرب سواسية في عدم احترامهم لمسؤوليهم، وقال في قرارة نفسه “إن كان اللبنانيون قد مرمدوا رئيس جمهوريتهم بهذا الشكل المخزي وفرّقوا دماءه بين الحكومات والأنظمة فالأولى أن يسكت الجزائريون عن اهانة وزير في حكومتهم ولا ينطقوا بكلمة حق ترفعه أو باطل تنزله إلى المقام الذي وضعه فيه كوشنير” حين قال أن لسانه يرفض نطق اسم الوزير محمد شريف عباس.
الراجح أن زيارة ساركوزي التي ستنتهي اليوم إلى الجزائر، كانت بحقّ زيارة دولة من النوع الرفيع، ولكن جميع التصرفات والقرارات فيها لم تكن قرارات دولة، خصوصا بين بلدين ما يجمعهما هو نفسه ما يفرقهما، كما أن أكثر شيء يؤلم في تصريح الوزير الفرنسي ولاشك أنه سيعود بالوبال الدبلوماسي والشعبي على الحكومة هو اكتفاؤها بالصمت إزاء ما تلفظ به من كلام غير دبلوماسي.
خصوصا أن ما قاله أخطر بكثير من تصريح الوزير عباس عن أصول الرئيس الفرنسي ساركوزي، فان كان وزير المجاهدين في حكومتنا لا يعرف ماذا يقول ويتدخل في ما لا يعنيه، حسبما جاء في اعتذار الرئيس بوتفليقة، فان الوزير كوشنير يعرف جيدا ماذا يقول، وكلامه ليس اعتباطيا كما أنه لا ينطق عن الهوى الدبلوماسي، بل كلامه خطير جدا وفي استطاعته أن يحرق كل ما صرح به ساركوزي على مأدبة الغذاء حين ساوى بين جرائم المستعمر الذي كان جائرا وما قام به شعب مقاوم يبحث عن حريته المسلوبة!
الأمر الخطير الآخر أن عباس قال كلاما لمصدر إعلامي وطني واحد وتراجع عنه بلباقة رجال الدولة وحكمة الوزراء، أمّا كوشنير الدبلوماسي جدا ففضل أن يوزع أحكامه ويحاسب وزيرا على أرض دولته وأمام الصحافة الأجنبية وذلك من دون أن يرد عليه مسؤول جزائري واحد، وفقا لقاعدة (حلال على وزيرك حرام على وزيري) ! ما حصلت عليه الجزائر من حفنة كلمات قالها ساركوزي وغايته من ورائها جبر الخواطر عن فترة استعمارية حالكة هو مقدمة فقط وليس اعتذارا كاملا مثلما وصفه وزير الداخلية يزيد زرهوني، وهو غير كاف أيضا لإدارة الظهر وغض الطرف عن تصريح الوزير الفرنسي، فالمطلوب هو المعاملة بالمثل، اعتذار مقابل اعتذار، فكرامة الوزير من كرامة دولته، وتمريغ سمعته بهذا الشكل المستفز إلى حد التجاهل أقبح وأخطر من ترديد تهمة السامية التي حوكم بها وزير المجاهدين من رئيس دولته قبل الفرنسيين أنفسهم !

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!