رياضة
ما شاهدناه في مصر يبعث على الحسرة في الجزائر

كأس إفريقيا 2019 تكشف عيوب الملاعب الجزائرية

الشروق الرياضي
  • 5159
  • 6
ح.م

هناك إجماع على ضرورة ألا تبقى كرة القدم الجزائرية في الحضيض، وتطوير الدوري الجزائري الذي صار لا يمثل الوجه المشرق للمنتخب الجزائري الذي أحرز هذا العام اللقب القاري في قلب مصر، صار ضرورة ملحة، ولكن هذا التطور مهما كانت النيات الصادقة لبعثه يبقى مصطدما بواقع مرّ من حيث البنية التحتية للرياضة الجزائرية، وخاصة في لعبة كرة القدم، فما هو موجود من ملاعب هو عار حقيقي للجزائر، وهو ما جعل القنوات الرياضية العربية تشتري حقوق بث مباريات المغرب وغالبية الدول العربية، ولا تشعر بالراحة والاطمئنان في نقل المباريات من ملعبي 20 أوت وبولوغين بالجزائر العاصمة، وهما ملعبان صارا يمثلان عارا على الكرة الجزائرية أمام الكثير من بلدان العالم العربي والإفريقي.

وأمام التماطل في إنجاز الملاعب الكبرى في العديد من الولايات مثل سطيف وقسنطينة وباتنة بحجة التقشف، فإن الملاعب الأخرى مازال تسلميها بعيد وحتى في حالة انطلاق العمل فيها، فإنها غير كافية ويبقى تسييرها هو مشكل كبير، لأنها من المفروض أن تنطلق طبقا للقوانين العالمية من خلال شراء التذاكر عبر الانترنت ودخول المناصر وهو يعلم مكان وترقيم مقعده وضرورة المحافظة على العشب الطبيعي من طرف أهل الاختصاص وليس كما هو الشأن في ملعب 5 جويلية الذي حوّل الكرة الجزائرية إلى مهزلة بسبب غلق الملعب سنويا من أجل تغيير العشب الطبيعي الذي تداولت عليه شركات أجنبية من البرازيل وهولندا وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا.

وعندما نعلم بأن أكثر من 20 فريقا جزائريا من كل الأقسام يتواجدون حاليا في مدن صغيرة في تونس لأجل التحضير للموسم الكروي القادم، بسبب امتلاك تونس الصغيرة والفقيرة ماديا للمنشئات الرياضية، ندرك بأننا متخلفون جدا في هذا المجال وقد نكون البلاد الأكثر تخلفا في العالم العربي.

الدوري الجزائري الحالي يفنقر لمركبات رياضية كبيرة، وحتى الأندية المعنية بالمشاركة القارية تعاني، فقد منّينا النفس بأن يستقبل شبيبة القبائل المريخ السوداني في أولى مباريات رابطة أبطال إفريقيا في ملعب تيزي وزو الجديد، وتمنينا أن يستقبل البطل اتحاد العاصمة في أولى مبارياته الإفريقية منافسه في ملعب براقي الجديد، ولكن لا شيء تحقق، وسيكون مخجلا جدا عندما يستقبل شباب بلوزداد في منافسة الكونفدرالية الإفريقية منافسيه في ملعب 20 أوت، وهو نفس الملعب الذي استقبل فيه شباب بلكور في زمن حسان لالماس نادي جان دارك السيغالي في كأس الأندية البطلة في سنة 1968، أي لا شيء تغير في الجزائر في أكثر من نصف قرن، ومخجل أيضا أن يستقبل نادي بارادو الذي يقال عنه بأنه أكاديمية ومشتلة النجوم قدمت في أمم إفريقيا السابقة يوسف عطال ورامي بن سبعيني واللاعب بوداوي، مخجل أن يستقبل منافسيه في ملعب بولوغين المعشوشب اصطناعيا.

طوّرت تونس ومصر والمغرب من منافستها المحلية بملاعبها الجميلة ونظامها وقوانينها الصارمة، وهو ما جعل العائلات التونسية والمغربية وحتى المصرية كما شاهدنا في أمم إفريقيا السابقة، تملأ الملاعب وترفع درجة الفرجة وتحاصر المشاغبين.

فالجزائريون هم من أكثر الشعوب مشاهدة للمباريات الأوروبية وحتى الخليجية وهم يتأسفون للمستوى المتدني لبعض الجمهور عندنا، بالخصوص الذي لا يتقن التشجيع إلا بالكلام الفاحش والسب وبالشماريخ، والجزائريون هم أيضا من أكثر المشجعين الذين يتنقلون بعشرات الآلاف خارج الوطن كما فعلوا هذه المرة في القاهرة، وهم يتأسفون عندما يجدون النظام في مختلف ملاعب العالم وبحضور العائلات، بينما تبقى ملاعبنا أشبه بالسجون التي يملأها المشاغبون، من أكشاك التذاكر إلى المدرجات الحجرية، التي لا تليق بالحيوانات، فما بالك بالإنسان.

الدولة الجزائرية بعد أن كافأها أشبال بلماضي باللقب القاري، ورفعوا رايتها إفريقيا بطريقة رائعة، مطالبة بعملية ترميم لكل المركبات الرياضية الموجودة في الجزائر، حتى تصبح تليق بالممارسة وتليق بالجمهور، وهذا على أقل تقدير وأن تنزع نهائيا العشب الاصطناعي الذي كان من مشاريع العصابة في الجزائر، من أجل الربح السريع، وتستبدله بالعشب الطبيعي، وأن تزرع كل المدرجات بالكراسي، وتنتقل إلى بيع التذاكر إلكترونيا، التي تقي المناصر الحرج والزحام والسوق السوداء، كما أن الحراك الشعبي الذي بقي حضاريا وسلميا يجب أن يسيطر على الشارع وعلى ملاعب الكرة بالخصوص، ويمنع كل التجاوزات من سب وشتم ورمي للمقذوفات لأن الملاعب هي متاحف رياضية ونافذة على بلدان العالم، ومن غير المعقول أن تقدم المغرب التي لا تمتلك الإمكانيات المادية، ملاعب تحفة في أغادير ومراكش وتبقى الجزائر في كل سنة تطل على العالم بملاعب مثل 20 أوت وبولوغين وعين مليلة وكلها صغيرة جدا ومن العشب الاصطناعي والقائمة طويلة في بلد هو حاليا صاحب اللقب الإفريقي.
ب.ع

مقالات ذات صلة