الشروق العربي
صديق الثورة موريس أودان

كذبة فرنسا التي احتملت 50 سنة وانكشفت

صالح عزوز
  • 4506
  • 3
أرشيف
موريس أودان

في الكثير من الثورات والحروب التي حدثت في العالم، نشأت هناك فرق وجماعات، وكذا ظهور شخصيات تقف ضد تيار الاحتلال، لتجد نفسها أمام الدفاع عن بلد غريب، وفي نفس الوقت مفتوحة الصدر أمام البلد الأم، هذه الأخيرة تعتبر هذا العمل خيانة لا تغتفر وجب المعاقبة عليه، ولعل الثورة الجزائرية أكبر شاهد على ظهور ما يسمون بأصدقاء الثورة، على غرار موريس أودان، الذي بقي لغزه محيرا إلى حد اعتراف الرئيس الفرنسي الحالي ماكرون، الذي كشف واعترف في نفس الوقت عن مسؤولية الجيش الفرنسي بمقتل الأستاذ الأنيق بعد أكثر من خمسين سنة عن اغتياله.

الكذبة… التي لن يمحوها الاعتراف

بالرغم من أن الاعتراف كان من أعلى سلطة في فرنسا وهو رئيسها، غير أنها تبقى مجرد اعتراف لا غير، فقد مرت سنوات عديدة وفرنسا متكتمة على هذا الفعل في حق سياسي معزول من السلاح قامت بتعذيبه وقتله ورميه عشوائيا ولم يظهر أثره بعدها، بل واجتهدت في عدم فتح هذا القفل رغم الكثير من الأدلة الواضحة التي تبين أن الجيش الفرنسي هو المتهم الأول في اغتيال من وقف ضدهم، في فكرة احتلال الجزائر التي كانت حرة مطمئنة.

قبل الحديث عن نهاية هذا البطل، الذي ذهب ضحية من أجل الدعوة إلى استقلال الجزائر وإيمانا بمبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها، وجب علينا العودة إلى الوراء، وإعادة نبش صفحات التاريخ من أجل الوقوف على ملامح هذه الشخصية، فقد كان أستاذا للرياضيات في جامعة الجزائر، وانتماءه السياسي إلى الحزب الشيوعي الجزائري، من مواليد 1932م، في تونس، كان مناضلا بارزا في هذا الحزب الذي كان يدعو صراحة إلى استقلال الجزائر، وكان صوته مسموعا، خاصة أنه وقف موقفا مضادا للمستعمر الفرنسي، الذي عاث في الجزائر فسادا، اتهم فيما بعد بالتواطؤ مع مجموعة من الحزب الشيوعي وإيوائهم في بيته، اقتيد مباشرة إلى آلة التعذيب من أجل الاعتراف وتقديم حقائق عن هذا التيار وميوله، وكذا الضغط عليه من أجل البوح بأسرار قد تخدم المستعمر في تكميم الأصوات التي تنادي بضرورة الاستقلال، بعدها مباشرة أصدرت السلطات الفرنسية يبانا كتبت فيه أن صديق الصورة قد فر من الاستجواب ،وهو الفار الذي لم يظهر عليه أثر بعدها.

انتهت الثورة واستقلت الجزائر، وبقي اسم موريس ادان محفورا على شارع من الجزائر العاصمة، وبقيت وفاته لغزا محيرا في كتب التاريخ وعند المؤرخين، وفي سنة 2014، بدأت حقائق هذا “الفار” الذي لم يظهر ترى النور، خاصة حينما اعترف الجنرال “بول أوساريس”، أن الجنرال “مارسيو” هو الذي أمر بقتل أستاذ الرياضيات موريس أودان، ليكون رسالة واضحة لكل صديق للثورة، وأن البطش لن يفرق بين جنسية من يريد استقلال الجزائر حتى ولو كان فرنسيا.

جاء بعدها اعتراف الرئيس الفرنسي بمسؤولية فرنسا في اغتيال صديق الثورة، فلِم هذا التأخير في الاعتراف بالجريمة يا ترى؟

مقالات ذات صلة