رياضة

كرنفال الفرح في ريو

بعيدا عن مشاهد الميوعة، والإشهار لجسد النساء، الحاصل في المدن البرازيلية، التي تُعرض على مختلف القنوات وتدخل بيوت الجزائريين، ويستقبلونها بالترحاب، بل وبدفع المال، ولو على حساب تكاليف شهر الصيام، تقدّم البرازيل كرنفال فرح، تشارك فيه مختلف الشعوب التي فهمت بأن الكرة وسيلة ترفيه وراحة، بينما الوطنية، هي شأن دائم لا يعني بالضرورة عالم الكرة، فبعد نهاية مباراة المنتخب الإسباني أمام منتخب شيلي، والتي شهدت سقوط أبطال العالم بالضربة القاضية منذ الجولة الثانية من المنافسة، وهم الذين سيطروا على مقاليد اللعبة منذ أزيد عن ست سنوات…

 قدمت شاشات التلفزيون ما يشبه الدرس للجزائريين، عندما بيّنت صور مشجعين إسبان يضحكون، وفي قمة سعادتهم، وواضح بأنهم سافروا إلى البرازيل من أجل السياحة ومعرفة الآخر ومشاهدة مباريات الكرة، كما خرج اللاعبون الإسبان بنفس ملامحهم التي كانوا عليها منذ أربع سنوات، عندما رفعوا الكأس إيمانا من الجميع بأن الكرة دواليك يوم لك ويوم عليك، بينما الابتسامة والفرح لكل الأيام، فما بالك في عالم لعبة كرة قدم، التي مازالت بالنسبة إلينا، مصدر الفرح الوحيد ومصدر الحزن الوحيد، والذي شاهد الجزائريين في حدود السابعة من مساء الثلاثاء الماضي، يخال بأنهم فقدوا جميعا في ساعة واحدة وليّ أمرهم، أو أصابتهم صاعقة الحزن أو طاعون اليأس، والذي شاهدهم في انتصارات الكرة، يخال بأنهم طردوا استعمارا أو ربّما بُشروا بجنة النعيم، وقد يكون المدرب الجزائري وحيد خاليلوزيتش مخطئ في كل خططه التكتيكية ولا علاقة له بعالم الكرة إلى درجة الأمّية، ولكنه على حق عندما يرى بأن الضغط الذي يمارسه الجزائريون على لاعبي الكرة، لا يُحتمل، في بلد فيه القليل من الذين يعملون والقليل من الذين يفكرون في حاضرهم ومستقبلهم، والقليل من الذين تهمهم الزراعة والصناعة والعلم، وحتى الدين، ولكنهم جميعا، مدربون ولاعبو كرة، يفهمون أحسن من سكولاري ولا نقول خاليلوزيتش.

البرازيل التي سافر الجزائريون إليها وأيديهم على قلوبهم بعد أن تهاطلت نشريات أمنية، تؤكد بأن البلد يعيش أفلام ويسترن على المباشر، لا يفصل بين مشجعي الكرة ولاعبها غير فقاعات الأوكسجين ولمح البصر من دون سياج أوحائط إسمنتي كما في ملاعبنا، البرازيل التي قيل إن الكثير من شعبها لا دين له، ويصبح على جريمة ويمسي على جريمة، قذف المشاهدين بأطنان من الابتسامات، حتى صار همّ ثلاثة آلاف جزائري متواجدون حاليا في البرازيل أن يأخذوا صورا مع هاته الابتسامات العابرة للقارات، وإرسالها إلى ذويهم وأصدقائهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعندما يصبح ثمن صورة مع فتاة مبتسمة بغض النظر عن الميوعة، ثمنها رحلة مادية وصحية إلى البرازيل، وعندما تصبح متعة الجزائريين عبر شاشات التلفزيون، هو متابعة ما يحدث في المدرجات أكثر مما يحدث على المستطيل الأخضر، فمعنى ذلك أننا نعيش أزمة فرح حقيقية، وهي أغرب أزمة يعيشها الإنسان في حياته، في بلد نحفظ جميعا الحديث الشريف الذي يقول: الابتسامة في وجه أخيك صدقة؟

مقالات ذات صلة