رياضة

كلنا يوسف بلايلي!

حفيظ دراجي
  • 48179
  • 0

قد يبدو العنوان مفاجئًا وصادمًا لبعض من يعتقدون بأنني أقصد المعنى الحقيقي للجملة، وبأنني أساند وأتضامن مع اللاعب، الذي تعرض لعقوبة الإيقاف لسنتين بسبب تعاطيه مواد محظورة، وأشجع غيره من اللاعبين والشباب على تعاطي المواد المحظورة قانونيا ورياضيا، فيما يعتقد بعضهم الآخر بأنني أستهزئ بمن تعاطفوا مع اللاعب، وأتلاعب بالكلمات والمشاعر قصد تعميق جراح الرجل وعشاقه الذين صدموا بالعقوبة أكثر من صدمتهم بالفعل في حد ذاته!.

في الحقيقة لا أقصد من خلال تناول الموضوع سوى إثراء النقاش الذي أثارته القضية في مختلف وسائط التواصل الاجتماعي، والتي راح بعض أصحابها ينددون بتصرف اللاعب ويقرون باستحقاقه العقوبة عما فعله، ويطالبون فريقه بتسليط عقوبات إضافية عليه بسبب فعلته التي ستنعكس سلبا على مستقبل النادي، في وقت راح بعضهم الآخر يتضامن مع اللاعب وينتقد الفاف والكاف وغوركوف ويتحدث عن مؤامرة ضد اللاعب لإبعاده من المنتخب أو ضد اتحاد العاصمة لحرمانه من التتويج بدوري أبطال إفريقيا!.

بعض التحاليل والتعاليق التي قرأتها في مختلف وسائط التواصل الاجتماعي، وحتى في بعض وسائل الإعلام جعلتني أتحسر على الرداءة التي وصلنا إليها، وأشفق على أصحابها وليس على يوسف بلايلي لأنها تنم عن جهل وتخلف وعناد لا مثيل له، سواء من خلال التشفي في اللاعب وفريقه والتذكير بسلوكياته السابقة، أو من خلاله تبرئته وتحميل المسؤولية فقط لمحيطه أو للمنظومة الرياضية التي لم ترافق اللاعب وتحميه من كل الإغراءات التي تحيط بشاب يملك موهبة كروية ويتقاضى ما يقارب نصف مليار سنتيم شهريا.

قد تكون بعض التحاليل والتعاليق صائبة، نتفق أو نختلف مع بعض أصحابها، لكن الإعلام الرياضي يتحمل نصيبا من المسؤولية فيما وصل إليه اللاعب بسبب محاولات تبرير تصرفاته، والنفخ فيه واعتباره لاعبا متميزا ومثاليا يستحق اللعب في المنتخب الوطني، لذلك تملكه الشعور بالظلم وراح يتعاطى المواد المحظورة عوض الاجتهاد وبذل المزيد من الجهد لإثبات قدراته! 

قد يكون اللاعب أيضا ضحية لسلوكاته ولمحيطه ومقربيه من المنتفعين منه، لكن الحقيقة التي لا يختلف حولها اثنان أن يوسف بلايلي يتحمل المسؤولية الأخلاقية والرياضية والقانونية، وأخطأ في حق نفسه وفي حق فريقه، وارتكب حماقة يندد بها كل عاقل، وتقتضي منه تحمل المسؤولية، ووقفة حازمة ومسؤولة من طرف الأولياء والمسيرين والمسؤولين؛ لأن تعاطي المنشطات والمخدرات تفشّى في الأوساط الرياضية والشبانية بشكل كبير، سواء عند المهمومين من أبنائنا أو أولئك الموهوبين الذين ابتسمت لهم الدنيا وكان من المفروض أن يكونوا قدوة لغيرهم!.

قليلة هي التعاليق التي تحدثت عن تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات في الأوساط الشبانية وأثارها السلبية على كثير من أبنائنا، وقليلة هي التحاليل التي دعت إلى التضييق على المتاجرين والمستهلكين لمختلف أنواع المنشطات والمخدرات حتى في الأوساط المدرسية والجامعية، وفي أوساط الفتيات اللواتي تجاوزن مرحلة التدخين إلى تناول الكوكايين والمورفين والهيروين والحشيش، وكل أنواع المنشطات والمنومات والمسكنات والمهدئات بسبب الثراء الفاحش أو تزايد الهموم والمشاكل وتردي الأخلاق وغياب الوازع الديني، وتراجع دور الأسرة والمدرسة والمسجد!.      

قد نتضامن مع اللاعب من باب الرأفة والشفقة عليه، ونسعى إلى التخفيف عنه ومساندته في محنته حتى يتجاوزها ويعود إلى أجواء المنافسة، ولكن لا يمكننا تبرير فعلته والتضامن معه ضد الكاف والفاف والناخب الوطني، ولا يمكن تحميل المسؤولية للهيئات الكروية والتسويق لنظرية المؤامرة، ولا يمكننا أيضا السكوت عن تفشي الظاهرة وتناميها في كل أوساط المجتمع.  

مقالات ذات صلة