الجزائر
الإصلاحات السابقة كانت على المقاس

كل التفاصيل عن جديد قانون الإجراءات الجزائية

سميرة بلعمري
  • 27773
  • 13
أرشيف

ألغت الحكومة جميع الأحكام التي عرقلت تحريك الدعوى العمومية وفرضت قيودا على عمل الشرطة القضائية في محاربة قضايا الفساد المالي والإداري، وقررت رفع التضييق الذي عرفته مهام الشرطة القضائية للمصالح العسكرية للأمن وأبطلت مفعول هذه الأخيرة وقلصت دورها في البحث والتحري عن الجرائم بعد ما كانت مهمتها تشمل كل الجرائم المقررة في القانون الجزائي وجمع الأدلة.

واعترفت حكومة نور الدين بدوي في عرض الأسباب التي قدمتها لتبرير التعديلات المدرجة على القانون المتضمن قانون الإجراءات الجزائية أن هذا الأخير كان يحمل إجراءات معرقلة لمحاربة الفساد المالي والإداري الذي استشرى في المؤسسات، ووجهت اتهامات صريحة لوزير العدل حافظ الأختام السابق الطيب لوح بوضع عقبات وممهلات لإبطال مفعول الشرطة القضائية وقطع طريق الشرطة القضائية للمصالح العسكرية للأمن في محاربة الفساد.

هذه العراقيل التي وضعت في طريق مكافحة الفساد

وتشير وثيقة مشروع القانون الذي يقترح تعديل قانون الإجراءات الجزائية، أن مراجعته في هذا التوقيت بالذات تهدف إلى تعزيز الإطار القانوني لمكافحة مختلف أشكال الإجرام بإلغاء الأحكام التي كان لها أثر سلبي في تحريك الدعوى العمومية وتلك التي أدخلت قيودا على عمل الشرطة القضائية.

وفي هذا الإطار يقترح المشروع إلغاء المواد 6 مكرر و15 مكرر و15 مكرر1 و15 مكرر2 من قانون الإجراءات الجزائية، ويتعلق الأمر بالمادة التي تشترط الشكوى المسبقة من الهيئات الاجتماعية للمؤسسات لتحريك الدعوى العمومية ضد مسيري المؤسسات العمومية الاقتصادية التي تملك الدولة كل رأسمالها أو ذات الرأسمال المختلط عن أعمال التسيير التي تؤدي إلى سرقة او اختلاس أو تلف أو ضياع أموال عمومية أو ضياع أموال عمومية أو خاصة المنصوص عليها في المادة 6 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية أو المدرجة فيه بموجب الأمر رقم 15-02 الصادر سنة 2015، ويندرج هذا الإلغاء في إطار تعزيز حماية المال العام ومكافحة الإجرام المالي.

إسقاط الحصار الذي عرفته المصالح العسكرية للأمن

كما يؤكد المشرع على إسقاط الحصار الذي عرفته مهام الشرطة القضائية لضباط وضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن في الجرائم الماسة بأمن الدولة المنصوص والمعاقب عليها في قانون العقوبات طبقا لأحكام المادة 15 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية والمدرجة بموجب القانون رقم 17-07 الصادر في 2017.

إذ تؤكد الوثيقة أن تضييق مهام الشرطة القضائية للمصالح العسكرية للأمن أدى خلال العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة، إلى تقليص دورها في البحث والتحري عن الجرائم بعد ما كانت مهمتها تشمل كل الجرائم المقررة في القانون الجزائي وجمع الأدلة عنها والبحث عن مرتكبيها، الشيء الذي ساهم في مكافحة الجريمة بمختلف أشكالها.
وتؤكد وزارة العدل من موقعها كصاحبة مشروع القانون أن الممارسة الميدانية أثبتت أن حصر مهام هذه المصلحة، أي الشرطة القضائية للمصالح العسكرية للأمن، أثر سلبا على السير الحسن للتحريات والتحقيقات في قضايا القانون العام بما فيها قضايا الفساد، في حين أن مهام هذه الشرطة القضائية يجب أن تسند إلى جميع الجرائم المنصوص عليها في التشريع الوطني والتي تختص بها المصالح العسكرية للأمن وفقا للنصوص القانونية والتنظيمية التي تخضع لها هذه المصالح.

كما ينتقد مشروع النص عنصر “تأهيل” النائب العام لضباط الشرطة القضائية للممارسة الفعلية للصلاحيات المرتبطة بهذه الصفة المادتين 15 مكرر1 و15 مكرر2 من قانون الإجراءات الجزائية، وتنص المادة 15 مكرر1 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه لا يمكن لضباط الشرطة القضائية الممارسة الفعلية للصلاحيات التي تخولها لهم هذه الصفة إلا بعد تأهيلهم بموجب مقرر من النائب العام لدى المجلس القضائي الذي يوجد بإقليم اختصاصه مقرهم المهني، بناء على اقتراح السلطة الإدارية التابعين لها.

لقد أفرز إجراء التأهيل الذي بدأ العمل به في اكتوبر 2017، مجموعة من الإشكالات وأثر على السير الحسن لمصالح الشرطة القضائية، تشير الوثيقة بالنظر إلى طول إجراءات التأهيل وضرورة تجديده كلما يتم تحويل ضباط الشرطة القضائية الى مجلس قضائي آخر، إلى جانب إقصاء عدد كبير من ضباط الشرطة القضائية من إجراءات التأهيل لأسباب تتعلق بالمهام التي تخول لهم خارج مهام الشرطة القضائية من طرف السلطة الإدارية التي يتبعونها وعدم قيامهم بمهام الشرطة القضائية بصورة مستمرة.

ويقترح المشروع تعديل المادتين 15 و19 من قانون الإجراءات الجزائية عن طريق تكييف تسمية ضباط وأعوان الشرطة القضائية للدرك الوطني مع تلك المنصوص عليها في النصوص القانونية والتنظيمية المطبقة على هذا السلك، كما يقترح تعديل المادة 207 من قانون الإجراءات الجزائية والمتعلقة بمراقبة غرفة الاتهام لأعمال ضباط الشرطة القضائية، بالنص على أن النائب العام المختص سيتولى إعلام النائب العام العسكري المختص بالإخلالات المنسوبة إلى ضباط الشرطة القضائية للدرك، وإذا تعلق الأمر بضباط الشرطة القضائية للمصالح العسكرية للأمن، تحال القضية على غرفة الاتهام لمجلس قضاء الجزائر من طرف النائب العام لدى نفس المجلس القضائي، بعد رأي النائب العام العسكري المختص إقليميا المعبر عنه في أجل 15 يوما من إخطاره.

هؤلاء يتمتعون بصفة الضبطية القضائية

ولمعالجة الاختلالات ورفع الحواجز التي عرفها مسار مكافحة الفساد بجميع أنواعها، وسع مشروع النص من الجهات التي تتمتع بصفة الضبطية القضائية لتسهيل محاربة الفساد في جميع مستوياته، إذ أصبح يتمتع بهذه الصفة كل من رؤساء المجالس الشعبية البلدية وضباط الدرك الوطني والموظفين التابعين للأسلاك الخاصة للمراقبين، ومحافظي وضباط الشرطة للأمن الوطني، وكذا ضباط الصف الذين أمضوا في سلك الدرك الوطني 3 سنوات على الأقل وتم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الدفاع الوطني بعد موافقة لجنة خاصة.

ويعد أيضا من أعوان الضبط القضائي موظفو مصالح الشرطة وضباط الصف في الدرك الوطني ومستخدمو المصالح العسكرية للأمن الذين ليست لهم صفة ضبط الشرطة القضائية، ويرفع الأمر لغرفة الاتهام إما من النائب العام أو من رئيسها عن الإخلالات المنسوبة لضباط الشرطة القضائية في مباشرة وظائفهم ولها أن تنظر في ذلك من تلقاء نفسها بمناسبة نظر قضية مطروحة عليها، ويتم اعلام النائب العام العسكري المختص إقليميا إذا تعلق الأمر بضباط الشرطة القضائية للدرك.

مقالات ذات صلة