-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كنز الدّنيا والآخرة

سلطان بركاني
  • 709
  • 0
كنز الدّنيا والآخرة
ح.م

من الحقائق التي قرّرها القرآن وكرّرها أنّ نعيم الجنّة ينال بعد فضل الله ورحمته بتحصيل أعظم كنز يمكن أن يحوزه عبد في هذه الدّنيا، كنز من ظفر به دخل جنّة الدّنيا ووجد السّعادة والرّاحة، ودخل جنّة الآخرة، وكان له فيها ما يشاء.. إنّه كنز التقوى، الذي ما فرض الصيام ولا سنّ القيام في رمضان إلا لتحصيله.. ألم يقل الحنّان المنّان سبحانه: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون))؟

حريّ بنا ونحن نَعدّ ساعات اليوم السّابع من أيام رمضان، أن نتلمّس قلوبنا وأرواحنا، ونبحث بين جوانحها عن تقوى الله وخشيته واستشعار رقابته.. ما منّا من أحد إلا وهو يستشعر نظر العليم الخبير سبحانه، ويستحضر رقابة القريب -جلّ شأنه- واطّلاعه، ويتحرّز من دخول أيّ شيء مهما كان يسيرا، ولو كان قطرة ماء، إلى جوفه، في نهار رمضان، مع أنّه لا أحد يطّلع عليه إلا الله.. لكن، هل ترانا نتحرّز –كذلك- ممّا يخرج من أجوافنا وتلفظه ألسنتنا من كلام؟ هل نتحرّز لما تراه أعيننا وتسمعه آذاننا وتسعى إليه أرجلنا؟… هل نستشعر رقابة الله في كلّ هذا ونستحي من نظره واطّلاعه؟ يقول صحابيّ رسول الله –صلّى الله عليه وآله وسلّم- جابر بن عبد الله رضي الله عنه: “إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى النّاس، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك، ولا تجعل يوم فطرك وصومك سواء”.

إنّ الله –سبحانه وتعالى- ما فرض الصيام إلا لنربّي أنفسنا على الخوف منه -جلّ في علاه- وعلى تقواه، والتقوى التي يريدها الله ويربّينا عليها رمضان، هي التي تجعل العبد المؤمن يستشعر رقابة الله –جلّ وعلا- في كلّ مكان وفي كلّ وقت، فيكون في الخلوة كما في الجلوة، بل يكون في الخلوة أفضل من الجلوة، يكون وهو وحيد في غرفته أفضل ممّا يكون عليه بين النّاس. يستحي من الخالق أكثر من حيائه من المخلوقين. إذا خلا بنفسه يبكي على ذنوبه وينكسر بين يدي خالقه ومولاه، ويطيل السّجود، ويبكي في الدّعاء. إذا حدّثته نفسه بمعصية الله، يتذكّر أنّ الله يراه، فيستحي منه جلّ في علاه، ويستغفره ويتعوّذ به من شرّ نفسه ومن شرّ الشّيطان وشَركه.

إنّ استشعار رقابة الله هو الدّواء لكلّ أدوائنا، وهو البلسم لقسوة قلوبنا وغفلة أرواحنا، وهو العلاج لجموح أنفسنا نحو المعاصي وركونها إلى الغفلة، يقول الداعية علي الطنطاوي رحمه الله: “خوف الله هو الأصل، فإنْ ذهب لم تسدَّ مكانَه الأخلاق ولا القوانين؛ لأنّ القانون يبقى ما بقي الشرطي، فإذا أمِنتَ أن يراك الشرطي لم تُبالِ بالقانون، والأخلاق تبقى ما بقي الناس، فإن لم يرَك الناس لم تُبالِ بالأخلاق”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!