الرأي

كورونا والمدارس!

ح.م

الارتفاع الرّهيب للإصابات والوفيات بوباء كورونا بعد أشهر من التّراجع يجعل الجزائريين أمام مسؤولية كبيرة، خاصة أن الارتفاع جاء هذه المرة متزامنا مع الدخول الاجتماعي ما أدى إلى تراجع احتياطات التباعد الاجتماعي التي اعتمدت منذ بداية الجائحة وجنبت البلاد كارثة صحية وجعلتها في رواق أحسن من جيرانها في المغرب العربي مثل تونس والمغرب، حيث يحصون الإصابات اليومية بالآلاف.

ويبدو أنّ السّلطات العليا حسمت أمرها فيما يتعلق بالدخول الجامعي والمهني بتأجيله إلى منتصف الشهر المقبل، لكن قراراتها المتعلقة بأطوار التعليم الأخرى فيها كثيرٌ من الارتباك، وقد تجلت آثار ذلك الارتباك في الاختلالات الموجودة في تطبيق البروتوكول الصحي الذي يفرض على القائمين على المؤسسات التربوية تقسيم الأفواج التربوية إلى مجموعتين.

لقد أظهرت الأيام الأولى التي تلت الدخول المدرسي عدم جدوى البروتوكول الصحي المعتمد في منع انتشار الوباء، وبالمقابل نتج عنه زيادة في الأعباء على الأطقم التربوية والإدارية، لذلك فإنّ الاستمرار في هذا البروتوكول هو مجرد إجراء شكلي لتحقيق حالة الرضا، ولا يمكن أن يحدّ من انتشار الوباء في المدارس أو خارجها.

ومع تزايد المطالبات بإجراءات جذرية أكثر لمواجهة وباء كورونا وأخطرها العودة مجددا إلى تسريح التلاميذ وغلق المدارس، فإنه ينبغي على السلطات العليا التفكير بجدية أكبر عند القيام بإجراء جديد، لأن الأوضاع منفلتة تماما خارج المدرسة وخارج المسجد، بينما الحديث كله يدور حول هاتين المؤسستين اللتين أثبتت التجربة أنهما أكثر انضباطا من باقي المؤسسات والفضاءات الأخرى.

وعليه؛ فإنّ الاستمرار في تطبيق البروتوكول الصحي الذي يجعل تلاميذ الابتدائي يدرسون بالتداول يوما بعد يوم، أو إقرار إجراء جديد بتوقيف الدّراسة مؤقتا، سيكون ضربا من العبث في ظل التسيّب المسجّل في وسائل النّقل وفي الأحياء السكنية، لأن التجربة أثبتت أن إجراء الحجر الصحي لمنع انتشار الوباء يجب أن يُؤخذ كلًّه أو يُترك كلُّه، أما إجراءات الحجر الصحي الجزئية زمانا ومكانا فلا يمكن أن تمنع انتقال الفيروس حسب المختصين.

إن أي إجراء يتعلق بقطاع التعليم يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أن أبناءنا توقفوا تسعة أشهر كاملة عن الدراسة، وأي انقطاع آخر ستكون آثاره كارثية على المستوى العام للتعليم المتدهور أساسا، وهنا لا بد من القيام بعمل جاد لاعتماد التعليم عن بُعد في كل المستويات كنمط مكمِّل للتعليم الحضوري وبديل له في حالة تطور الأوضاع الصحية في البلاد إلى الأسوأ.

مقالات ذات صلة