-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كيف نقوم للمعلم؟

كيف نقوم للمعلم؟

عاد عمال التربية إلى “القاعدة” التي ارتضوها منذ سنوات منهجا لهم، وهي الإضراب، بعد “الاستثناء” الذي نأوا عنه بجانبهم وهو التدريس، الذي مارسوه في الأشهر الماضية، ليزيدوا إشكالية المستوى العام للمدرسة الجزائرية تعقيدا، وعادت معهم الوزارة لتتذكر أن تحت قبعتها يعيش عشرات الملايين من الأساتذة والتلاميذ والأولياء، وتُقبر نهائيا أي اجتهاد لتحسين مستوى الأساتذة والتلاميذ الذي بلغ الحضيض باعتراف الجميع.

وقد يكون أولياء التلاميذ، وضعوا حجر أساس لأسلوب، قد يقي البلاد من هذا الشلل الحاصل في زمن العمل، فما بالك في زمن الإضراب، باقتراح لجوء مختلف النقابات إلى رفع الدعاوى القضائية ضد الوزارة المعنية، بدلا من ممارسة حريتهم وحقهم في الإضراب باللعب برقاب التلاميذ، وهو أسلوب ربما يراه الأساتذة غير جاد، إما بسبب عدم ثقتهم في القضاء أو بسبب المدة التي يستهلكها، لكن مجرد جر المسؤولين للقضاء، قد يعصف بالكثير منهم إذا تكرر هذا الأسلوب، وليكن الإضرب، إذا صمّت العدالة آذانها، أو منحت الحق لغير أهله، وسينتقل بالتأكيد هذا الأسلوب إلى بقية القطاعات ويصل إلى المواطنين الذين صاروا يقدمون صورة بشعة عن الجزائر، بقطع الطرقات، والاعتصام أمام المديريات والمجالس البلدية، وخاصة بمشاهد الانتحارات ودلاء البنزين المحمّلة نحو أسطح البنايات العالية، لأن سنوات الإضراب ومسلسل قطع الطرقات وسيناريوهات الحرق والإضراب عن الطعام، أبانت دائما أن لا خاسر فيها سوى المواطنين، الذين تعطلت أعمال من له عمل فيها، وزاد يأس العاطل فيها عن العمل، من دون أن تتحرك شعرة من نظام ومسؤولين، صاروا أحيانا يتسلّون بهاته الاحتجاجات، لأنها ستمنع المواطن من بلوغ مكان يريده، وتحرم التلميذ من كرسي الدراسة من دون أن تمس الكرسي الذي يجلس عليه الوزير أو مدير التربية، ولم نسمع أبدا عن تغيير وزير بسبب الإضرابات أو تغيير مدير تربية ولا نتحدث عن الاستقالات.

وتعلم نقابات التربية التي نجحت في تحقيق مزايا مادية بالكامل، في السنوات الماضية، وتطالب الآن بالرتب والتصنيفات، وهذا من حقها، وربما هو قليل من الحقوق، أن عشرات الآلاف من خريجي الجامعات وحتى من العباقرة مازالوا في طوابير البطالة، وتعلم أن بلوغ مناصب العمل يتطلب في كثير من الأحيان الوساطات وحتى الرشوة، ومع ذلك لا تلتفت لهؤلاء الضائعين ولهذه الأساليب ولو بأضعف الإيمان، أما عن الانهيار الذي تعرفه المنظومة التربوية فيبدو أننا لن نجد حتى من يبكي عليها عندما تشيّع إلى مثواها الأخير.

لا جدال في أن حقوق المعلم في الجزائر كانت ومازالت وقد تبقى مدى الدهر مهضومة، ماديا ومعنويا، ولا جدال في أن الرجل المناسب في المكان المناسب وهم في قطاع التربية، ولكن الأساتذة أيضا وقعوا في فخ النظام، فصاروا يجرون التلاميذ إلى الهاوية دون نية الإضرار بهم، لأن النقابة الداعية للإضراب في نداء مستعجل طلبت من أولياء التلاميذ تفهمهم وعدم اتهامهم بالتلاعب والعبث بمستقبل أبنائهم، عليها هي أيضا أن تتفهم الطبيب المضرب الذي يترك المرضى، وعامل البلدية المضرب الذي يغرق المدينة في القمامة، وسائق الحافلة الذي يرسل المواطنين إلى مصاصي الدماء…؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!