لإن شكرتم….

مع إعلان الحكومة، وفي ظرف خمسة أشهر فقط (لم تفعل ذلك حتى خلال 15 سنة، فكيف تفعلها في أشهر؟)، عن إجراءات كانت مغيبة منذ الاستقلال، وبعضها فرض على شكل “تحفيزات” للجزائري لكي يغلق فمه لبعض السنوات، ريثما يصل الوضع إلى حالة التعفن. عندها، هذا الجهاز الإداري، لن يكون قائما (ولا قاعدا)، وتكون بذلك الحكومة قد سيرت فترة حكمها غير آبهة بما يأتي بعدها، بل ستقول بأننا كسلف، كنا أحسن خلف!..

بعد كل هذا وجدتني أنام “قرير العين”، لأجد نفسي مواطنا “صالعا”، أذهب إلى “البلاء ـ دية” فيبتسم الموظف في وجهي ويعرض علي قهوة أو شايا قبل أن يطلب مني طلباتي، فأطلب منه بطاقة التعريف، فيضغط على زر فيستخرجها الكمبيوتر مختومة، وختامه مسك! أبتسم له، ولا أجبر على تحسس حافظة نقودي..! كما وجدت نفسي، أطلب جواز سفر عن طريق الأنترنت، فيعطوني موعدا خلال 48 ساعة لاستلامه.! كما وجدت نفسي أعيش حالة تشبه الحلم! كل الشباب صاروا أرباب عمل بفضل دعم لونساج! الشركات صارت أكثر من العاملين! كل موظف صار رجل أعمال، إنما ماذا يعملون.؟ الله أعلم! لأنه لا يوجد عمل ولا عمال! العمال الصينيون قد غادروا البلاد، وجاء جيل من العمال الهنود والأفارقة، وصار سوق الخادمات أكثر مما هو عليه في دول الخليج! المال كثير، لأن أصحاب الشركات لا يدفعون الضرائب، ولأن شركاتهم تسير بالمساعدات، فلا إنتاج ولا منتوج! كل شيء مستورد حتى “السفنج” و”المحاجب”! الدراهم “باراطو”، والدولة يدها سخية تجاه مواطنيها الكرماء الذين انتخبوا على الاستقرار. الجيوب مليئة، والسلع متوفرة ورخيصة، والسفر متاح بدعم من العملة الصعبة لكل جزائري ما مقداره سنويا ألف أورو.. بدون مقابل بالدورو! “هدية وكرامة من الدولة  للشيوخ والشباب ربي يخلف” يوويوويو !، وهذا مكافأة لهم على الانضباط وغلق الفم والسمع والطاعة. النجاح في البكالوريا مضمون لكل من دخل الامتحان، حتى من غش، لأن الغش تقنية تدل على الذكاء! فأنت تكتب دفترا في ورقة بحجم ماصة الشمة، فهذه تقنية متطورة لتخزين المعلومات في جهاز كمبيوتر جزائري الصنع! التعليم، صار المتخرجون من الجامعة أكثر ما كانوا عليه قبل 11 سنة، لما دخل هؤلاء إلى السنة أولى ابتدائي! أليس هذا نجاحا؟

وأفيق من “التهتريف” وزوجتي تصرخ بجواري: التلفون هذا ما يخدموهش؟ آعباد الله، راه مقطوع هذو عامين ونص، وحنا نخلصوا الفاتورة.. هذه بلاد هذه؟