جواهر
عندما تختار المرأة العنوسة وتسعد بها:

لا أريد أن أتزوج!

جواهر الشروق
  • 45498
  • 137
ح.م

إذا كانت العنوسة كابوس يقض مضجع الكثير من النساء اللواتي تقدم بهن العمر دون زواج، فألقين بمخاوفهن على أبواب المشعوذين والرقاة وحتى الأطباء النفسانيين، أو كتمنها في صدورهن خوفا من تشفي المتشفين أو تهكم المتهكمين، فإن صنفا آخر من النساء اخترن العنوسة عن سبق إصرار و تخطيط كما سنرى في هذه العينات.

مشروع كبير لا أقدر عليه

تقول “حليمة م” ذات ال 45 سنة حول هذا الموضوع: “لا أفشي سرا إذا قلت أن الزواج بالنسبة لي مشروع حضاري ينبغي أن نمنحه كل ما لدينا من طاقات، ولا أفشي سرا آخر إذا قلت أنني لا أملك القدرة على المغامرة بهذا المشروع، فمنذ أن بلغت سن الزواج تملكني شعور قوي بعدم قدرتي على تحمل تبعاته، كمسؤولية الزوج والأطفال والبيت، وخوفي الشديد من أن أجد صعوبة في التأقلم مع أهل الزوج وأمور أخرى لا أحب أن أفصح عنها، كانت السبب القوي وراء إضرابي عن الزواج، أو بالأحرى خوفي منه، وهذا الشعور ليس غريبا عني، فمنذ طفولتي كان الحديث عن الزواج في بيتنا يأخذ شكل الطلاسم والمتاهات حتى صرت أعتقد من كثرة ما سمعته عن الزواج من كلام قبيح أنه أشرس ما في هذه الدنيا، وعندما بلغت سن المراهقة صار أهلي ينظرون للزواج نظرة مشوبة يختلط فيه العيب بالحرام، غير أنه وبعد سنوات المراهقة مباشرة صار أهلي يفاتحونني في أمر الزواج و يضغطون علي أحيانا لقبول الخطاب الذين يتقدمون لي، ولكنني كنت أواجه هذه الضغوط بثورة كبيرة تنتهي بانتصاري عليهم مما جعلهم يعتقدون أنني على علاقة برجل ما، ولكنني برهنت لهم أكثر من مرة أن حياتي لا يمكن أن يكون فيها رجل، فتركوني وشأني خاصة وأنني أستاذة في التعليم الثانوي وأتكفل بكل مصاريفي.

مسرورة بعنوستي

وتقول جميلة ذات ال 48 سنة وهي موظفة في مركز بريدي بسطيف: “الآن، وأنا على عتبة الخمسين، إن بقيت لي فرصة واحدة للزواج فلن أتزوج” هكذا بدأت جميلة حديثها، وإن كانت محدثتنا الأولى بدت حزينة وهي تسرد علينا حكايتها مع الإضراب عن الزواج، فإن الآنسة جميلة كما يحلو لها أن نسميها، بدت سعيدة جدا وفخورة بنفسها كونها لم تتزوج، وبرّرت موقفها من كون الخطاب لم يقصدوا بيتها يوما إلا و حملوا معهم عشرات الشروط التي لا تتلاءم مع طبيعتها الحسّاسة، فهذا يطلب منها أن تترك العمل، والآخر يشترط عليها أن تكون في خدمة أهله وعماته العانسات، وثالث يرسل لها “وفدا ” من النساء يتفرسن وجهها ويتأكدن من صحة بدنها، ومنذ ذلك الحين قرّرت جميلة أن لا تتزوج حتى وإن تقدم لها وزير كما تقول.

أشعر بحرية أكثر دون زواج

أما عتيقة التي تعدت الخمسين فتتساءل عن الفرق بينها و بين ابنة الجيران وبنات الأقارب اللواتي تزوجن منذ سنوات طويلة، وتضيف: “أنام قريرة العين، وأزور الأقارب وأمضي أوقاتا ممتعة مع الأحباب، فلا زوج يترقب عودتي و يكتم أنفاسي، ولا أطفال أشعر نحوهم بالتقصير أو يجحدون تضحياتي من أجلهم، لذلك أعتقد أنني   تفوقت على بنات جيلي لأننى لم أتزوج”.

 غيّري الزاوية

هؤلاء النسوة اللواتي اخترن العنوسة وسعدن بها، نظرن إلى الزواج من زاوية ضيقة، فرأين وجهه المظلم وغفلن عن المودة و الرحمة التي يحققها الزواج للمرأة و الرجل على السواء، وإذا كان علينا أن نترك العلم يتحدث عن فوائد الزواج للمرأة مثلا، فعلينا أن نعرف أن هذا الرباط المقدس يجعل المرأة المتزوجة أكثر عطاء من المرأة غير المتزوجة التي أثبتت التقارير العلمية أنها أكثر تعرضا لأمراض القلب بسبب الضغوط التي تحيط بها، لذلك حري بكل امرأة قرّرت أن لا تتزوج حتى تتجنب الوقوع في المشاكل، وحتى لا تتحمل تبعات الزواج، أن تغيّر الزاوية التي ترى منها الزواج، وتراجع نفسها وتلتحق بهذه المؤسسة الشرعية التي تعطي المرأة أكثر مما تأخذ منها.

مقالات ذات صلة