جواهر

لا تسأل المرأة عن سنّها!

الشروق أونلاين
  • 5751
  • 14
ح.م

ظالمة حدّ التطرّف تلك الأمثال والأقوال التي تتهكم من انزعاج أو تحفظ أو كذب المرأة حينما تسأل عن سِنِّها، الأدهى والأمرّ أن تأتي على لسان فلاسفة، وكأنّ خجل المرأة بسنّها نشأ من فراغ، أو تطبّعت عليه في كوكب آخر.

هي إحدى نتائج الثقافة الجماعية المبنية على زيف مفروض، والزيف الذي لا يكبر بالحقيقة كما يقول طاغور حتما سيكبر بالقوة، فكم من القوة تحتاج تلك المرأة المسكينة لتجابه قوة مجتمع يخضع مراحل حياتها لمواسم التشييء؟ ويضع لها تاريخ انتهاء صلاحيتها عند سنّ محددة؟

صحيح أن الإنسان بطبعه رجلا كان أو امرأة يشقّ عليه أن يرى نفسه يسير في الجانب الآخر من هرم الحياة، ويحزن عندما تبدأ قواه في التضاؤل، ولعوامل أخرى تتعلق بحب الإنسان للجمال سيضيق صدره من التجاعيد التي على حين غرة ترسم خارطتها في وجهه، والشعر الأبيض المتكالب، وقد برز خوف الإنسان منذ القدم من الشيخوخة فترجمه في أسطورة “ينبوع الشباب”. لكنّ الأمر الأخطر هو الإحساس بانعدام القيمة، لأنه نوع من العنف النفسي المضمر، الذي يحبس المرأة في قمقم، فلا ترى نفسها إنسانا غاية خلقه وهدفه في الحياة أسمى من أدوار لا تتعدّى مصلحة البشر؛ بل تراها جسدا تنتهي بانتهاء أدواره البيولوجية والغريزية.

وهنا لا يفوتني أن أعتب على من يقول أن المرأة في مجتمعنا تزيد قيمتها كلّما كبرت، فهذا الكلام تدليس يكابر أمام حال الواقع، لأنّ القائل به يستشهد بمكانة الأمّ لدى أبنائها ومن ثمّة أحفادها، لكنّهم يتجاهلون حال تلك المرأة التي لم تنجب، أو لم تتزوج، ويتناسون أن أيّ امرأة يقدّر الله لها حياة بمقاس أصغر أو أكبر من مقاس ثوب المجتمع، ستسمع لا محال ما يهزم رشدها من عبارات التجريح أو العزاء، وستبقى صفة “المسكنة” تلاحقها حتى لو ملأت الدّنيا بالنجاحات والإنجازات.

إن الطريق طويلة وغير معبّدة ليصل المجتمع إلى مرحلة يعتبر فيها المرأة إنسانا، وقيمتها تقاس بمعيار التقوى والصلاح والنفع وليس بما تقدمه من مصالح ضيقة ينتفع منها الرجال أكثر مما ينتفع منها المجتمع، ولا أدّعي امتلاك الحلول التي تختصر وتعبّد هذا الطريق لكنّني لا أفوت فرصة إقناع بنات حواء بالتحررّ من عقدة السنّ بثلاث حجج منطقية هي: إما أن يكون شكل المرأة مطابقا لعمرها، وهنا العدالة كل العدالة أن تفصح به دون خجل. أو أن يكون شكلها أصغر من عمرها، وهذه نعمة حقّ لها التفاخر بها؟ أو أن يكون شكلها أكبر من عمرها، وهنا من حقّها تصويب من يخطئ التقدير.

مقالات ذات صلة