الجزائر
غياب الرقابة جعله وسيلة نقل مجانية

لا راحة ولا أمان.. مستعملو “ترامواي الجزائر” يستغيثون!

الشروق
  • 4622
  • 14
ح.م

يشكو مستعملو ترامواي الجزائر، نقائص عدة، واختلالات تحرمهم من السفر براحة وأمان، وهم الذين استبشروا خيرا ساعة إطلاق وسيلة النقل العصرية هذه، على اعتبار أنها كانت ستخلصهم من معاناة الازدحام وسوء خدمات الناقلين الخواص.

يعرف “ترامواي الجزائر” بالعاصمة، غيابا شبه تام للمراقبين، فبات من الناحية العملية وسيلة نقل مجانية، يركبها من يشاء متى يشاء، وهذا طبعا على حساب الزبائن الذين يقتنون تذاكر ويدفعون أموالا، دون أن يتمكنوا من السفر في راحة وأمان، بسبب الاكتظاظ الكبير داخل العربات لا سيما على الشطر الرابط بين درقانة وجسر باب الزوار، حيث تحشى العربات بالمسافرين، وغالبيتهم ممن يصعدون دون اقتناء التذكرة، ودون أن يعترضهم أحد، ويزاحمون الذين اقتنوا تذاكرهم ودفعوا أموالهم.

فكثيرا ما تجد المواطن قد اقتنى التذكرة وحرم من ركوب الترامواي، بفعل الاكتظاظ فلا يجد مكانا يقف فيه داخل الترامواي، فيضطر لانتظار الترامواي الذي يليه والذي يليه، وتتعطل مصالحه ويضيع وقته والكلام هنا عن السفر وقوفا، أما الظفر بمقعد هو ترف بعيد المنال! وهذا دون الحديث عن تهديد سلامة المسافرين، بفعل صعود منحرفين غالبا ما يستفزون المسافرين، فضلا عما يعانيه الجنس اللطيف من تحرش لفظي وغيره. يحدث كل هذا في غياب شبه تام للمراقبين، الذين تندر مشاهدتهم في العربات، وإن حدث وصعدوا فعملهم يشوبه التراخي فنادرا ما يحررون غرامة للمخالفين، فهم “يوقرون” كبار السن رغم أن المقام ليس مقام توقير لكبار السن، فهم فئة لديها امتياز الحصول على اشتراك شهري بمبلغ رمزي، وهم يعفون التلاميذ من الدفع، رغم أن هؤلاء أيضا بإمكانهم الاشتراك بمبلغ رمزي شهريا، لذلك تجد في بعض المحطات “تسونامي” من التلاميذ وقد اجتاح العربات وزاحم المسافرين ومنع آخرين من الصعود، فضلا عن الفوضى والجلبة التي يسببونها لكثرتهم وحيويتهم. كما يتفادى المراقبون تحرير مخالفات لباقي الفئات، ويكتفون بـ”معاتبة” المخالفين، وفي أكثر حالاتهم “حزما” يكتفون بإنزال المخالف في المحطة، دون أن يدفع مخالفة الـ200 دينار، فينتظر ترامواي آخر يزاحم ركابه ويضايقهم.

كما يشهد الترامواي غزوا من جيوش المتسولين “المحليين والأجانب”، ويتجول في أرجائه المجانين والمشردون، والباعة المتجولون بكل حرية. وثمة من حوّله إلى وسيلة لنقل البضائع والسلع.

ومع الاحترام الشديد لعمال النظافة، ومهنتهم التي هي من أنبل المهن، فإن ذلك لا يبيح لهم امتطاء الترامواي، بملابس العمل، التي تعلق بها كل أنواع الجراثيم والفيروسات، فضلا عن أنهم يجمعون النفايات بأيديهم مباشرة دون قفازات، لكنهم يستعملون وسيلة النقل هاته، ويلمسون المقابض والكراسي والأبواب وغيرها.

هذا هو الحل!

لوحظ على المراقبين، على قلة عددهم ومحدودية نشاطهم، ظهورهم في مقاطع دون أخرى، فنادرا ما يظهرون على محور درقانة ـ برج الكيفان ـ جسر باب الزوار، وهو ما يشجع المسافرين المجانيين على استعمال الترامواي في ذلك المحور، في حين قد تجد المسافرين يتعرضون لثلاث عمليات رقابية أو أكثر خلال رحلة واحدة في محاور أخرى لا يتعدى عدد محطاتها الثلاث، وهذا ما يثير التساؤلات حول سبب تجنب محاور دون أخرى.

ويرى مراقبون أن المؤسسة المسيرة للترامواي، ملزمة بوضع آلية رقابية تمنع صعود كل من لا يحوز تذكرة، لأن من حق المواطن أن يسافر في راحة وأمان، وليس من حق أي أحد أن يسافر مجانا. وكانت المؤسسة أعلنت العام الفارط أن خسائرها جراء التهرب من الدفع، تقدر بـ24 مليار سنتيم سنويا، أي ما يعادل 40 بالمائة من مداخيلها السنوية. وإن كانت مداخيل الشركة، رغم أن الخسائر، تغطي نفقاتها وتحقق لها الربحية، وإن كان من حقها أن تستغني عن تحصيل من مداخيل إضافية، تجنيها من فرض الرقابة، فليس من حقها أن تنفض يديها من التزاماتها حيال المسافر، وتتنصل من ضمان أمنه وراحته. وقد جعلت هذه الوضعية كثيرا ممن عايشوا فترة الثمانينيات يتذكرون، ما حل بشركة النقل العمومية العاصمية وقتها “أراستيا”، التي كانت نهايتها الإفلاس بعد أن حول الكثيرون حافلاتها إلى وسيلة نقل مجانية، فكان أن حلّت وتشرد عمالها، وتركت المسافرين فريسة للخواص.

يبقى الحل في نظر المراقبين هو نشر أعوان الرقابة في مداخل كل المحطات ومن دون استثناء، للتحقق من وجود تذكرة صالحة، لدى كل مسافر قبل دخوله المحطة، ما سيمنع الطفيليين من الركوب. أو نصب بوابات تعمل بطريقة آلية، ولا تنفتح إلا بعد إدخال التذكرة بها، وهذا ما هو معمول به، في “ميترو الجزائر” الذي يسافر مستعملوه بكل راحة وأمان.

من جهتها، حاولت “الشروق”، على مدار نهار أمس، الاتصال بالمؤسسة المكلفة باستغلال وصيانة الترامواي “سيترام”، لنقل موقفها من هذا الوضع، غير أن رقم الهاتف الموجود في واجهة موقعها الإلكتروني كان خارج الخدمة.

زبدي: الأمان أول حقوق المستهلك ويجب توفير رقابة قريبة ودائمة

قال رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي، إنه “يجب توفر مراقبة قريبة ودائمة، لضمان راحة وسلامة المسافر”، وهذا لدى تعليقه على شكاوى مستعملي “ترامواي الجزائر”. وأضاف زبدي، في اتصال مع “الشروق”: “نتلقى من حين لآخر شكاوى، وصورا يندى لها الجبين في الترامواي.. فهناك أشخاص يصعدون لمجرد الصعود أو التنزه، ويمكن أن يمثلوا خطرا، ما دام الولوج لهذه الوسيلة ممكنا، عكس الحافلات، على سبيل المثال، التي دائما يكون بها سائق أو قابض يتولى الرقابة”. وشدّد رئيس الجمعية على أنه “ينبغي أن يتعرض كل من يلج الترامواي إلى الرقابة، والجانب الرقابي يجب توفره من أجل سلامة الجميع، وعلى كل مقدم خدمة، أن يكون ساهرا على تقديم خدمة في المستوى”.

وأضاف المتحدث أن جمعيته، كلما سنحت لها الفرصة، تتحدث عن النقائص التي تشوب مختلف أنماط النقل: النقل الجوي، البحري النقل بالقاطرات وغيرها، “تحن نرسل دعوات مستمرة، لأن أول حق من حقوق المستهلك هو حق الأمان” يقول زبدي.

مقالات ذات صلة