-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا لسُجون الخمس نجوم

حسين لقرع
  • 2691
  • 4
لا لسُجون الخمس نجوم

يسجِّل منحنى الجريمة في الجزائر تصاعداً خطيراً في السنوات الأخيرة، وبات الناسُ غير آمنين على أنفسهم وأطفالهم وبيوتهم وأموالهم، ومع ذلك فإن الإجراءات المتخذة لمكافحة الجريمة المستفحَلة لا تزال غير كافية لتحجيمها على الأقل، إن لم يتمّ القضاء عليها.

ولا يختلف اثنان أن الأمان الذي كان يشعر به الجزائريُ في العقود الماضية، قد تحوّل إلى خوف وتوجّس وقلق في ظل تصاعد الإجرام واللصوصية واستشرائهما في كل مكان، وكثرة المنحرفين والمجرمين ومدمني المخدرات الذين لا يتورعون عن قتل مواطن من أجل 200 دينار.

وحينما تتعرّض العصابات للمواطنين وهي مدجّجة بالسيوف والمناجل ومختلف الأسلحة البيضاء أو حتى بقنابل الغاز و”المولوتوف”، أو تهاجم أحياء بأكملها وتبث الرعب في قلوب نسائها وأطفالها حتى مطلع الفجر، فإن الأسئلة التي ترد إلى ذهن أي مواطن هي: أين الدولة؟ أين الأمن؟ ولماذا لم يتدخل لوضع حدٍّ للإجرام والفوضى وحماية السكان؟ ولماذا تتكرر هكذا جرائم دون أن تسعى الدولة بقوة إلى إنهائها؟ وكيف تتمكن من دحر جماعات مسلحة مزوّدة بأسلحة نارية، وكانت تقاتل بشراسة في التسعينيات ولا تستطيع وضع حدّ لعصابات السيوف؟

أما الأسوأ من ذلك، فهو أن السجون التي كانت أماكنَ منفّرة مرعبة يخشى أيّ مجرم دخولها، لم تعد كذلك الآن في ظل “الإصلاحات” التي أدخلت عليها في إطار ما يسمى “أنْسنة السجون”، فبفضلها أصبحت الكثيرُ من وسائل الرفاهية متوفرة فيها، وأضحى المسجونُ مرتاحاً مدللاً يتلقى شتى صنوف الرعاية، فلا يشعر بعدها بوحشة السجن وقسوته، ولا يجد دافعاً كافياً للتفكير في التوبة عن الجريمة بعد انقضاء عقوبته.

السجون في عهد بومدين، كانت تستحق فعلاً هذا الوصف، وكان بومدين لا يكتفي بذلك، بل يأخذ المسجونين إلى الصحراء أيضاً لحصد الحلْفاء في ظروف مزرية، ولذا كان المجرمُ يجد نفسه مضطرا للإقلاع عن الجريمة من هول من يراه في الحبس أو في البيداء، فكانت نسبة العود في الجريمة ضئيلة. أما الآن فقد فقدت السجون جانبها الردعي بعد أن تحوّلت باسم “حقوق الإنسان” و”أنْسنة السجون”، إلى فنادق بخمس نجوم لتدليل المجرمين والمنحرفين، وفوق ذلك يحظى المجرمون بالعفو في الأعياد والمناسبات، فكانت النتيجة استفحال الجريمة بشكل مذهل وعودة منحرفين إلى السجون بعد أيام من خروجهم منها، دون أن يكترثوا للأمر وكأنهم ذاهبون إلى نزهة.

توفير الأمن ليس مسألة شخصية يتكفّل بها المواطنُ بنفسه، وإلاَّ انتشر السلاح واحتكم كل مواطن إلى “قانونه الخاص” فسقط الجميع في “قانون الغاب”، بل هو من المهامِّ الأساسية للدولة وواجباتها، وينبغي أن تقوم به على أكمل وجه، وأن لا توفر أي جهد لإرساء الأمن وتوفيره لجميع المواطنين، وفرضه في المدن والأرياف، في العاصمة وفي بقية الولايات الـ47 التي تعاني بدورها استشراء الجريمة واللصوصية على نطاق واسع، وبالتوازي ينبغي تكثيفُ الجهود لمكافحة تهريب المخدرات باعتبارها أحد الأسباب الرئيسة في تفشي الجريمة، وبعدها يمكن الحديث عن دور المخططات الاقتصادية في توفير الحياة الكريمة للجميع ومكافحة الجريمة، وعن دور الأئمة والإعلام والأولياء وعلماء النفس والاجتماع والمدرسة والمجتمع المدني… في محاربة الجريمة عبر التركيز على عامل الوقاية منها بحملات التوعية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • hakim

    سلام باراك الله فيك سلامم.

  • قادري

    بارك الله فيك يا أخي، الله يرحم الرئيس هواري بومدين

    وعصره الذهبي. الذي أكاد أجزم بأنه لن يعود.

    آه.......!؟ على الزمن الجميل في كل شيء.

  • أمازيغي حر

    بارك الله فيك لقد شخصت الوضع بدقة. أصبح المجرمون يبحثون عن الجرائم التي تدخلهم إلى السجن لأن السجن فيه الراحة والرياضة والدراسة والحمام والترفيه والشعب محروم من هذه الأمور . أصبح الإنسان لا يأمن على نفسه وماله في النهار وفي وسط المدينة أما في الليل وفي المناطق المنعزلة فاللصوص والمجرمون يسيطرون على هذه المناطق ومن اضطر للذهاب إلى هذه المناطق فليستعد للاعتداء. آه لو عادت السجون كما كانت في وقت الهواري رحمه الله كان السجين يخرج من السجن ويتحول إلى شخص سوي لا يفكر في الإجرام مرة أخرى

  • خالي

    مــن لا يعرف أن الإقـــامة في سجـــون الجــزائـــر أفضل بكثـــير من الإقــــامات الجامعية