-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا مجال للمقارنة

عمار يزلي
  • 703
  • 2
لا مجال للمقارنة
أرشيف

مازال تقرير بنجامين ستورا يثير ردود الأفعال، ويفعّل الرد في فرنسا وفي الجزائر، على اعتبار أن التقرير لم يكن إلا تقريرا فرنسيا ـ فرنسيا، رغم أن رد الفعل الرسمي على لسان شيخي عبّر عن ترحيبه ببعض ما تمخض عنه التقرير من إجراءات رمزية عملية ومنها “تسهيل الإطلاع على جزء من الأرشيف الموضوع تحت “سرّية الدفاع” والاعتراف بجريمة اغتيال الشهيد علي بومنجل”. غير أن الرد الشعبي، إعلاما وكتلا وتكتلات وحتى على مستوى رئاسة مجلس الأمة، كان متحفظا ورافضا في كثير من المواقف، حتى أن رئيس مجلس الأمة، وصف التقرير بأنه “نسخة جديدة من سلم الشجعان”.

ستورا، في آخر حوار له بجريدة “Témoignage chrétien” الفرنسية، وحتى قبل إعلان الرئيس ماكرون اعترافه بجريمة تصفية المناضل علي بومنجل، كان قد أشار إلى هذا المقترح الذي اشتغل عليه بمفرده كما يقول لمدة 4 أشهر، مشيرا إلى مقترحات أخرى قد يُقدِم عليها الرئيس قريبا ضمن إطار “المصالحة مع الذاكرة” كخطوات رمزية لا أكثر منها: تشييد تمثال للأمير عبد القادر في قصر “أمبواز” حيث سُجن الأمير لفترة، وحيث توجد مقبرةٌ لبعض أفراد عائلة الأمير. كما ذكر الحوار أنه قدّم مقترحا آخر مثل تسليم سيف الأمير إلى الجزائر وأيضا مدفع بومرزوق الذي يتحفَّظ الجيش الفرنسي على تسليمه، كما يقول ستورا في حواره، ولكنه يضيف أن المدفع يمثل مطلبا ورمزية كبيرة لدى الجزائريين، وكأنه يشير إلى صعوبة تسليم المدفع قريبا.

ردة فعل ستورا على ردة فعل الجزائريين على تقريره، يراها بمنظار فرنسي كالعادة: فردودُ الأفعال، حسبه، لم تكن رافضة “إلا من طرف الصحف المعرَّبة وفي خطاب الراديكاليين”، إذ كان خطابُها “معاديا”، وأنَّ “جرائد ناطقة بالفرنسية رحَّبت بالتقرير”، ويعطي أمثلة عنها: ليبرتي، الوطن، ليكسبريسيون…

من هذا المنطلق، يبدو أن ستورا يوغل من جديد في النظر إلى العلاقات الفرنسية الجزائرية بنظرة علوية فوقية مهيمنة مجتزأة سياقيا وواقعا وكأنه يدقُّ إسفيناً بين شعب مفرنس قلبا وقالبا، وشعب معرّب معاد لفرنسا، متشدد متعصب، لا يقبل التوافق. ولعل هذه الفوقية ذات النكهة الاستعمارية، هي ما دفعت صالح قوجيل، باعتباره مجاهدا، إلى توصيف التقرير بأنه دعوة إلى “سلم شجعان جديد”، وكأن شيئا لم يتغير وأن فرنسا لا تزال تراهن على تاريخها الاستعماري ولغتها وأهلها في هذا البلد الذي أعلن طلاقه منها جملة وتفصيلا: مفرنسون ومعرَّبون وأمازيغ شاوية وقبائل وأحرار الجنوب وفي كل أنحاء الوطن.. إلا ما أبقتهم منهم اتفاقيات إيفيان وما تعوّل على إبقائها أطول مخططاتهم وأياديهم ومعاولهم الخارجية في الداخل.

التصالح مع الذاكرة، يراها ويقدمها “ستورا” في حواره مع “تيموانياج كريتيان” مستنسخة عن المصالحة الفرنسية الألمانية؛ فهو يشير إلى مقترح العمل المشترَك مع الجزائريين والنخب، خاصة في مجال السينما والفن، من أجل تجاوز عقبات الماضي، كما فعلت فرنسا مع ألمانيا من خلال الأفلام القصيرة. هكذا يقول ستورا، وهكذا يفكر: 132 سنة من الاحتلال والتنكيل بشعب بأكمله يختزلها في مقارنة لا تقارَن مع صراع مع ألمانيا في عهد بيسمارك سنة 1870 ثم في الحرب العالمية الثانية: مجموعها 5 سنوات حرب، مع أنه يدرك ما فعله “كليمونصو” مع الألمان بعد الانتصار واستعادة الألزاس واللورين ورد إهانة بإهانة بقيت غصة في حلقه منذ هزيمة نابليون الثالث سنة 1881 وسقوط الإمبراطورية.. فما بين فرنسا والجزائر من المهانات تاريخٌ يعرف “ستورا” أنه ليس مجرد إهانة قد تهون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • لزهر

    الأنسياق (الأتباع و الأنجرار وراء شيء غير موجود).

  • محمد

    لا تدهشني أفكار ستورا ومن مثله من يهود الجزائر السابقين الذين يعتبرهم بعض مواطنينا ذوي أصول بربرية مما جعل رئيس العصابة يسمح بدفن أحدهم بعاصمتنا ودعوة ماسياس بإقامة حفلات غنائية لتلطيخ ثقافتنا.ومع هذا يرى بعضنا أنه من واجب جاليتنا بالمهجر تدعيم انتخاب ماكرون لعهدة أخرى تجاوزا لمطلب الذين عانوا من التواجد الاستعماري الفرنسي الظالم.ليس لأحد الحق في المتاجرة بمصالح شعبنا التاريخية إلا إذا ضمن استرداد حقوقنا.الحقيقة أن الجزائر خسرت كل مطالبها لأن البعض من مسؤولينا ليس لهم القدرة على الصمود أمام الأجانب وخاصة الفرنسيين.ضعف تمثيلنا حتى فقدت الجزائر كل عناصر قوتها في الداخل والخارج.متى نتفطن لذلك؟