-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لا مَرحبًا بنا في العالم… ونحن نفر إليه!

لا مَرحبًا بنا في العالم… ونحن نفر إليه!

أعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية الأسبوع الماضي عن إجراءات أكثر صرامة عن التي سبقتها تُقلِّص عدد التأشيرات الممنوحة للجزائر إلى النصف، بسبب عدم تقديم الجزائر التراخيص القنصلية اللازمة لعودة مهاجرينا غير النظاميين المحكوم عليهم بالترحيل. وبلغ عدد هؤلاء أكثر من 7000. وشَدَّد تقرير مجلس المحاسبة الأوروبي في تقرير أصدره يوم 13 سبتمبر الجاري على الأعضاء في مجال التعامل مع المهاجرين الأجانب، معتبرا أن ما تقوم به أوروبا غير كاف لمنع الهجرة غير الشرعية لها. وتكاد الدول الكبرى اليوم تتفق بشأن هذه المسألة من الولايات المتحدة وكندا إلى الاتحاد الأوروبي والدول الاسكندينافية والدول الآسيوية المتقدمة كالصين وروسيا، ناهيك عن بلدان الخليج التي لها سياسة خاصة في هذا المجال.

بمعنى آخر أن العالم يضيق بِمَن فيه، وكل الدول لم تعد ترغب سوى في رعاياها. ولم يعد القادم الأجنبي مُرحبا به ما لم تكن الحاجة إليه ضرورية أو لحسابات سياسية أو ضغط اقتصادي. لم يعد من أحد بقابل أحدا في هذا العالم. لم يبق في هذه المسألة بالذات أي مجال للعاطفة أو الحديث عن حقوق الإنسان أو الحريات، أو الحق في اللجوء السياسي. لم تعد أي دولة في العالم تستطيع الضحك على الآخرين برفع مثل هذه الشعارات. كلٌ يبحث عن مصالحه بما في ذلك ما يستفيده من الهجرة غير الشرعية، إن قَبِل بعض أفرادها…

أما وقد انكمش الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كوفيد 19 فلم يعد هناك من يستقبلك بالأحضان. ويُكذِّب الواقع كل من ادعى عكس ذلك، وعلينا التفكير في البديل.

وليس هناك أفضل من البديل الذي بداخلنا. الأمل الذي بداخلنا وينبغي البحث عنه وإنعاشه أو حتى صناعته من جديد إن كان قد مات.

لم يعش الأوروبيون بأملِ غيرهم، إنما صنعوا أملهم بأنفسهم. ولم يصنع الحلم الأمريكي سوى الأمريكيين. نحن أيضا ينبغي أن نصنع حلمنا ولا ننهزم. لم تُخلَق أوروبا هكذا مزدهرة نظيفة منظمة… إنما صنعها الأوروبيون أنفسهم بتضحياتهم وصبرهم وأحيانا حتى باستغلالهم للآخرين مثل شعوبنا المضطَهَدة. وكذلك الأمر بالنسبة للأمريكيين الذين كانوا ومازالوا يستعبدون العالم من أجل حريتهم ورفاهيتهم ويهددون بالموت كل من يقف في طريقهم. ولا أتحدث عن الصينيين والروس والأتراك والماليزيين والاندونيسيين ناهيك عن اليابانيين الجنس المتميز بذاته. كل شعب من هذه الشعوب ضحّى ليصل إلى الحالة التي هو عليها الآن… ومازالت شعوب أخرى هي الآن بصدد بناء بلدانها دون الالتفات إلى ما هم عليه الآخرون.

وعلينا نحن، أن نسعى لذلك، دون هزيمة نفسية ولا مادية، ودون أن نعتقد أن الجنة هناك والنار هنا.

صحيح، تعرف بلادنا صعوبات جمة، ويعرف شبابنا بالأخص البطالة والتهميش، وتزيد الأزمة الاقتصادية خناقها على الغالبية. ولكننا لسنا عاجزين على الخروج من ذلك بأن يقوم كل منا بعمله، حيث يوجد ويُتقِن ذلك. بأن نبتكر فرص عملنا ولا ننتظر من يقدمها لنا، بأن نَحفر في مخزوننا الفكري والإبداعي لإيجاد ما ينقذنا من الحالة التي نحن فيها، بأن نثق في أنفسنا بأننا نستطيع، وسنستطيع بإذن الله.

بكل تأكيد لن نبني دولة قوية عادلة بين عشية وضحاها، ولن نُحرِّرها من التبعية في أيام، ولا من الفساد في أسابيع، ولا من الظلم في شهور… ولكننا نستطيع ذلك بإذن الله إذا ما تحلينا بالإرادة والرؤية والأمل، وغَيَّرْنا الاتجاه من التفكير في الفرار إلى عالم يضيق بنا، ويمقتنا في سريرته أحيانا، إلى الفرار داخل بلدنا وما أرحب مساحتها، وداخل أنفسنا وما أعمق أرجاءها…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ابن الجبل

    ما يحك جلدك غيرك . الجزائر لا يبنيها الا ابناؤها ... لكن مادام هؤلاء مهمشين ، وسدت في وجوههم سبل الحياة ،،، فلا حيلة لهم الا الهروب الى المجهول ... !!

  • banix

    بسم الله الرحمن الرحيم هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ صدق الله العظيم

  • جزاءري

    نبتكر فرص عملنا ولا ننتظر من يقدمها لنا. وضعت الإصبع على الجرح. مشكلة البلدان المتخلفة ان نسبة من يبتكرون فرص عملهم ضءبلة جدا مقارنة لكن ينتظرون من يقدمها لهم .