لا.. يا جلالة الملك
لم تعرف كأس إفريقيا للأمم منذ إنشائها سنة 1957 خلافا في موعد إجرائها أو هوية البلد الذي سينظم المنافسة، التي كانت دائما قبلة كل الأفارقة ليتمتعوا خلال شهر كامل بفنيات اللاعبين الأفارقة، التي غالبا ما تسيل لعاب المناجرة الذين يصطادون العصافير النادرة لتدعيم أقوى وأحسن الأندية في أوروبا، إلى أن أصبحت في السنوات الأخيرة سوقا كروية حقيقية لا مفر منها، تنافس حتى أحسن المنافسات الدولية، على غرار كاس أوروبا ومسابقات أخرى، لكن لما تفقد قارتنا هيبتها وقوتها، ويتلاعب أصحاب المال والجاه بمنافستنا المقدسة لحرمان أبناء قارتنا من الالتقاء فيما بينهم بعيدا عن السياسة وهمومها، أمام صمت الرؤساء والملوك، الذين لم يحركوا ساكنا وتركوا العرس الإفريقي يموت في صمت ويحضرون له جنازة يحضرها كل من له مصلحة في وقف تنافس المنتخبات الإفريقية فيما بينهم.
دهشتي كانت كبيرة لما طلب الأشقاء المغاربة من الكاف تأجيل الكأس الإفريقية إلى السنة القادمة بسبب تفشي مرض إيبولا في قارتنا السمراء، رغم أن المغرب احتضنت مؤخرا مقابلات بين منتخبات إفريقية تعاني بلدانها من أمراض خطيرة، منها على وجه الخصوص إيبولا .. وكيف للملكة المغربية أيضا، التي تحط في مطاراتها يوميا الطائرات القادمة من مناطق في إفريقيا عرف فيها الوباء انتشارا كبيرا، أن لا توقف هذه الرحلات التي تدخل إلى خزينتها أموالا طائلة.. ألم يفكر جلالة الملك وحاشيته في الأضرار التي ستنجم عن التخلي عن منافسة من حجم كأس إفريقيا، في وقت كان فيه بلد التيمومي وبودربالة وحاجي مرشحا لتنظيم مونديال 1994 الذي لعب بالولايات المتحدة الأمريكية ومونديال 1998 بفرنسا ومونديال 2006 بألمانيا ومونديال 2010 الذي نظم بجنوب إفريقيا، غير أني متأكد أن المجتمع الدولي لن يسمح لها مستقبلا باحتضان أي منافسة دولية بسبب تنصلها من المسؤولية، ووضع هيئة حياتو في مأزق لم يسبق وأن عاشه الكاميروني منذ اعتلائه العرش الإفريقي بالمغرب سنة 1988.
سبب رفض المغاربة تنظيم الكان في جانفي، لم يقنع أي شخص، بداية برئيس الكاف عيسى حياتو، الذي أكد أن طلب المغاربة سيلحق أضرارا بالكرة الإفريقية وسمعتها، فالمغرب الذي سبق وأن قدم ترشحه لتنظيم أربعة مونديالات وفشل في الفوز بشرف تنظيم هذه المنافسة العالمية، لن يتمكن من احتضان أي منافسة قادمة لأنه طعن الهيئة الإفريقية في الظهر وتركها تائهة تبحث عن حل تحفظ به ماء الوجه أمام العالم، الذي من دون شك سيضع المغاربة في القائمة السوداء ويحرمهم من الترشح للمنافسات القادمة خاصة كأس العالم التي ستعود بحكم قاعدة “الدور” إلى القارة الإفريقية.
الأسباب التي أراد الأشقاء أن يوهموا بها هيئة حياتو، لا تستند إلى أي أسس صحيحة، ولم نفهم لماذا تهربوا من مسؤولياتهم بضعة أشهر فقط قبل انطلاق المنافسة..