لحم الحمير المستورد للأجانب وليس للمواطنين
صنعت أخبار السّماح باستيراد لحوم الحمير والبغال ببلادنا مع فرض ضريبة تصل إلى 70 بالمائة عليها من قبل وزارة التجارة الجدل والحدث على المستوى الوطني والدولي، حيث تداولتها العديد من وسائل الإعلام الأجنبية، وهو ما بعث كثيرا من المخاوف في قلوب الجزائريين الذين باتوا يخشون امتدادها إلى موائدهم عن طريق “المحتالين” و”المبزنسين”.
أينما تولّ وجهتك هذه الأيام تجذبك أحاديث المواطنين عن السماح باستيراد لحوم الحمير والبغال واستغرابهم من الأمر والدوافع التي أدت ببلادنا إلى الإقدام على مثل هذا الإجراء الذي لم يفهمه ولم يهضمه الجزائريون، لاسيما مع هشاشة المنظومة الرقابية، حسب رأيهم، في الواقع والعالم الافتراضي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
وتداولت كثير من الصفحات الفايسبوكية والتغريدات خبر السماح باستيراد لحوم الحمير والبغال بطريقة ساخرة وتهكمية انفجرت معها التعليقات من كل حدب وصوب.
وأوضح ممثل وزارة التجارة، مفتاح سمير، في اتصال مع “الشروق” يوم الخميس، أن تغليطا ومغالطة كبيرين حدثا في هذا الموضوع الذي أخذ أبعادا أخرى لا مبرر لها.
وأضاف مفتاح أنّ “الجزائر من خلال وزارته تعد من أكثر الدول صرامة وتشديدا في مجال مراقبة مواد اللحوم والحليب وأحيانا هي أكثر صرامة من بعض الدول الأوروبية”.
وتابع ممثل الوزارة يقول: “إنه بموجب الاتفاقيات الدولية يجب أن تكون لنا تعريفات جمركية لكثير من المنتجات والمواد وهو ما أقدمت عليه بلادنا غير أنّ هذا لا يعني أبدا منح الموافقة بالاستيراد، كما أنّ الرخصة بإدخال أو جلب كميات محددة جدا تكاد تكون منعدمة وتخص حالات شاذة ونادرة، تقتصر على بعض المناسبات أو الوجهات”.
ونفى المتحدث وجود أي مستورد في هذا المجال أو وجوده لاحقا حيث قال: “مستحيل.. فلم يسبق للجزائر أن منحت هذه الرخصة فهي مجرد بند لم يستعمل مثل العديد من البنود الأخرى الموجودة التي لا وجود لها إلا في القانون”.
وبدوره، نفى مدير التبادلات التجارية بوزارة التجارة مسعود بقاح وجود توطين بنكي لاستيراد لحوم الحمير والبغال، واصفا الأخبار التي ترددت بشأن السماح لاستيراد بعض المنتجات على غرار لحوم الحمير والبغال، بـ”افتراءات غير مؤسسة”.
بقاح وخلال نزوله ضيفا على القناة الأولى قال: “القانون 03/04 يحدد القواعد المطبقة على عمليات الاستيراد وتصدير السلع ويضبط التجارة الخارجية للجزائر ويكرس مبدأ حرية المبادلات التجارية دون أي قيد، في نفس الوقت ينص على استثناءات ويحظر التعاملات التي تمس بصحة الإنسان أو الحيوان أو النبات أو الأخلاق العامة، لكن للأسف الشديد هناك من يطلق إشاعات مغرضة هدفها الانتقاد وزرع البلبلة بين المواطنين”.
وتابع: “ما يجب أن يفهمه الجميع أن هناك عشرات الشركات الأجنبية التي تشغل آلافا من العمالة الأجنبية خصوصا الآسيوية منها في إطار إنجاز مشاريع استثمارية ببلدنا، وهم ليسوا مجبرين على استهلاك ما نستهلكه لذلك تلقينا أثناء عمليات الحظر عشرات الطلبات من الشركات الأجنبية للسماح لها باستيراد بعض المواد الخاصة بها والموجهة للاستهلاك المباشر لعمالها على مستوى قواعد الحياة، أما عدا ذلك فأؤكد رسميا أنه ليس هناك أي عملية توطين بنكي لاستيراد هذا النمط من اللحوم، وليس هناك أي متعامل اقتصادي وطني سجل في هذا النوع من الاستيراد”.
وفي السياق، أوضح الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس أنه يتعين على الوزارة أيضا عدم مغالطة المواطنين فالنفي لا يكون بالكلام والتصريحات فقط وإنما يكون كتابيا عن طريق قائمة ممنوعات تحدد المواد التي لا تندرج في هذا الإطار لأن تحرير مجال الاستيراد وفرض الغرامات بهذا الشكل يعني أن المجال مفتوح بالكامل.
وبخصوص التعريفة الجمركية أوضح محدثنا أن تخصيص تعريفة جمركية لكل منتج لا يعني أبدا السماح باستيرادها كما أنه لم يحدث إلى الآن توطين رؤوس أموال من قبل البنوك لاستيراد هذا الصنف من اللحوم ولا يعتقد بوجوده لاحقا حتى مع الضريبة التي بلغت 70 بالمائة، وإن كان الانفتاح على السوق والتماشي مع الاتفاقيات الدولية يقتضي من الجزائر ذلك.
وأضاف لالماس أنه يتعين على وزارة التجارة تحديد الأصناف ضمن تعريفتها الجمركية بكل تدقيق سواء تعلق الأمر بلحوم الحمير والبغال أم الخنازير وحتى المشروبات الكحولية.