الرأي

لستُ شارلي إيبدو

حسين لقرع
  • 2716
  • 14

لا شكّ أن الكاتب والناشط اليساري الفرنسي ميشال فيدو كان أشجع من الحكام والمسؤولين العرب والمسلمين الذين شاركوا، تملقاً وزلفى، في مسيرة باريس، حينما كتب معلّقا على مجزرة “شارلي إيبدو” بالقول: “علينا أن نكون عادلين، فإذا كُنا ندين الإرهاب ولسنا ضدّ الإسلام، فما معنى السخرية والاستهزاء بنبيّ الإسلام محمد؟” قبل أن يسأل هولاند بجرأة: “من الذي بدأ؟ ألسنا نحن من بدأناهم إعلامياً وعسكرياً بنشر صور مسيئة إلى نبيّهم وإرسال طائراتنا لقتل أبنائهم في العراق؟ هم لم يأتوا إلينا يا سيادة الرئيس.. نحن ذهبنا إليهم وعلينا أن نتوقع ردود أفعالهم وأن نتحمّل النتائج”.

هذا الكاتب كان موضوعياً ورفض ممارسة النفاق بأبشع صوره كما فعل بعض العرب بمحاباة هذه الصحيفة والاكتفاء بالتعاطف معها دون توجيه أدنى انتقاد إليها على إصرارها على نشر الرسوم المُهينة للرسول صلى الله عليه وسلم منذ 2006 إلى غاية اليوم الأربعاء حيث نشرت رسماً ساخراً آخر للنبي الكريم، أليس هذا إرهاباً إعلامياً تمارسه تحت غطاءحرّية التعبيرالمزعومة؟ ألا يستحقّ ذلك من حكّامنا التنديد به أيضاً؟

حتى بعض تلاميذ ثانويات فرنسا اتخذوا موقفاً يستحق الاحترام، حينما صرّح بعضُهم بأنهلا يجوز قتل صحفيي شارلي إيبدو ولكن لا يجوز أيضاً شتمُ النبي“.

أليس هؤلاء الصغار أشجع من القادة والمسؤولين العرب الذين شاركوا في مسيرة باريس وأدانوا مجزرةشارلي إيبدودون أن يتطرقوا إلى الرسوم الإرهابية المهينة للرسول الكريم؟

كان يمكن لهؤلاء القادة والمسؤولين، أن يكتفوا بإرسال بيانات التضامن إلى فرنسا، وأن يمتنعوا عن المشاركة في المسيرة بعد أن تأكدت مشاركة نتنياهو فيها، ولكنهم أبوا إلا الحضور وإحراج أنفسهم، ولم يحفظ ماءَ الوجه سوى وزير الخارجية المغربي الذي انسحب بعد أن تأكد أنّ هناك من يحمل رسومشارليالمُهينة للرسول الكريم، إمعاناً في إذلال المسلمين واحتقارهم، وخاصة المشاركين منهم في المسيرة، من قادةٍ وعامّة.

مجزرةشارليمدانة دون شك، وقد جلبت مفاسدَ كبيرة وأضراراً شديدة للجاليات المسلمة بفرنسا وأوربا، وأعطت دفعة قوية للإسلاموفوبيا ولليمين المتطرف في الغرب كله.. ولكن إصرارشارلي إيبدوأو أيّ صحيفة غربية أخرى على نشر الرسوم الإرهابية المهينة للرسول الكريم مدانٌ أيضاً، ويجب أن تكف وسائل الإعلام الغربية كلها عن الاستهانة بالإسلام ورموزه، فهي ليستحرية تعبير، بل خطاب كراهية وبغضاء يولّد المزيد من الغضب والاحتقان والشحن لدى 1 .5 مليار مسلم.

 

 كنّا نودّ لو اغتنم قادة 56 بلدا عربيا وإسلاميا الفرصة لدعوة القادة الغربيين إلى سنّ قوانين داخلية تحظر إهانة الأديان وتجرّمها، أسوة بقانون تجريم إنكار المحرقة اليهودية المزعومة؛ فالهولوكوست ليست أكثر قداسة من الإسلام، ودينُنا ليس لعبة حتى يُتطاول عليه، وحرّية التعبير لها حدود، لكن ذلك لم يحدث واكتفى قادتُنا ببيانات التنديد بالمجزرة وبالتضامن مع فرنسا، أما الإهانات المستمرة للرسول الكريم فلزموا إزاءها صمت الأموات وكأنّ الأمر لا يعنيهم.

مقالات ذات صلة