-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لماذا‮ ‬الخوف‮ ‬من‮ “‬السمعي‮ ‬البصري‮”‬؟

الشروق أونلاين
  • 6561
  • 23
لماذا‮ ‬الخوف‮ ‬من‮ “‬السمعي‮ ‬البصري‮”‬؟

الجزائر هي البلد الوحيد الذي يخشى من فتح المجال للسمعي البصري أمام الخواص، في زمن العولمة، و”غوغل إرث”، والأقمار الصناعية المخترقة للخصوصيات، والشبكة العنكبوتية، وفي زمن الفيسبوك وتويتر، اللذين يستطاعا أن يفجرا عددا من الثورات الشعبية، في بلدان طغى فيها الصوت‮ ‬والرأي‮ ‬الأوحد‮ ‬على‭ ‬مدار‮ ‬عقود‮ ‬من‮ ‬الزمان‮.‬

  • وفي كل مرة نتحدث عن الإصلاحات، يُستثنى فتح السمعي البصري، حتى خطاب الرئيس الأخير تحدث عن قنوات موضاعاتية، واستبعد انفتاحا إعلاميا لهذا القطاع الحساس، وفي هذا التوجه محاولة يائسة لطمس الحقائق واستغباء الجزائريين دون مبررات مقنعة، والجميع يعلم أن تلفزيون الدولة الوحيد المسمى “اليتيمة” عاجز حتى عن الدفاع عن رؤى وتوجهات الحكومة، من خلال المبالغة أحيانا في التزلف و”الشيتة”، والخروج عن النص في الكثير من الأحيان، ومجانبة اهتمام الجزائريين، وحتى عندما فرّخت “اليتيمة”، وجدنا هناك 5 “يتيمات” تعيسات بائسات، مطلقات من طرف الجمهور، الذي يفضل أحيانا متابعة قنوات الحيوانات على الجلوس أمام فضاءات “اليتيمة”، التي لا طعم لها ولا ذوق ولا رائحة، ولا متعة على الإطلاق، مع احترامنا الشديد للكوادر الإعلامية التي يزخر بها التلفزيون، وهم زملاء مهنة لهم من الكفاءة ما من شأنه أن يحول “يُتم” اليتيمة إلى منارة إعلامية، يفخر بها الجزائريون، ولكن سياسة “كتم الصوت” وحجب الحقائق، والخوف من الرأي الآخر، والتوجس من البدائل والاقتراحات التي يزخر بها المجتمع، تجعل القائمين على هذا القطاع، أو لنقلْ سلطة القرار، يفكرون بطريقة “إعلام رديء أفضل من إعلام‮ ‬جريء‮ ‬ومشاكس‮” ‬قادر‮ ‬على‭ ‬إزعاج‮ ‬الحكومة‮ ‬ومراقبتها‮ ‬ومحاسبتها،‮ ‬وهو‮ ‬بالضبط‮ ‬المطلوب‮ ‬من‮ ‬الإعلام‮ ‬النزيه‮ ‬في‮ ‬الدول‮ ‬الديمقراطية‮.‬
  • الذي لا تدركه السلطات، أن رداءة الإعلام الثقيل تدفع ثمنه الحكومة بالدرجة الأولى، لأن الشعب لا يمكن أن ينقم على الزميل كريم بوسالم ،أو منشطي الحصص الحوارية، أو حتى على مقدمي صباحيات، بل ينقم على حكومة تخنق الكفاءات الجزائرية، وتجبرها على تحجيم طموحاتها، والحديث‮ ‬بصوت‮ ‬خافت‮ ‬خائف‮ ‬متوجس‭..‬‮ ‬أصوات‮ ‬مجبرة‮ ‬على‭ ‬تفضيل‮ ‬زيارات‮ ‬الوزراء‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‮ ‬على‭ ‬تفاهة‮ ‬بعضها،‮ ‬عن‮ ‬تغطية‮ ‬كوارث‮ ‬البطالة‮ ‬وطوابير‮ ‬تشغيل‮ ‬الشباب،‮ ‬والاحتجاجات‮ ‬اليومية‮ ‬أمام‮ ‬المرافق‮ ‬الحكومية‮.‬
  • ولعل زيارة خاطفة إلى مختلف المقاهي الشعبية في 48 ولاية، تكشف لنا حجم الهوة بين الجزائريين و”اليتيمة” التي هي في الحقيقة صوت السلطة وصورتها في الشارع، فالقنوات الأجنبية تجتاح مقاهينا الشعبية، وحتى في البيوت، لا تكاد تجد مداومين على تلفزيون الحكومة، حتى في مقابلات الكرة وبرامج الرياضة.. وأمام هذه الصورة القاتمة، تصر السلطة على غلق السمعي البصري، وهي تعلم أن أغلب الجزائريين يتابعون أخبار بلادهم عبر القنوات الأجنبية، على مافيها من تحامل أحيانا، وغياب الموضوعية أحيانا أخرى، والأخطر من ذلك أن الخبر أصبح من السهل جدا أن يصل إلى الناس، حتى في القرى والمداشر، ومواطن بسيط يملك هاتفا نقالا وخط انترنت، بات بإمكانه أن يزود العالم بأخبار مصورة عن حيه أو قريته أو مدينته في لحظات، ولم يعد هناك مجال للتستر على أخبار الشارع وانفعالاته وتفاعلاته في زمن الفيسبوك، بدليل ما نشاهده في سوريا، وقبلها في مصر وتونس، ولعل صورة البوعزيزي وهو يحرق نفسه لم تنفرد بها لا الجزيرة ولا السي آن آن، بل صورها مواطن تونسي كان شاهد عيان، وأرسلها عبر شبكة التواصل الاجتماعي، وحتى كبريات القنوات الفضائية، نراها اليوم تستمد أغلب مادتها المصورة من مبادرات مواطنين، عبر هواتفهم النقالة والشبكة العنكبوتية؛ وعالم تضاءل إلى هذا الحد صورة وصوتا، لا مجال فيه لسياسة “كاتم الصوت” التي تدفع الجزائريين لمتابعة الاحتجاجات اليومية عبر قنوات فضائية أجنبية، بينما يرفع التلفزيون الرسمي شعار “كل شيء على ما يرام”، خاصة أن بعض الوزراء متعاقدون مع كاميرا التلفزيون، إلى درجة أن أحدهم احتجز موكبه مرة لساعات طوال في البراري، عندما علم أن فرقة التلفزيون لم تلتحق بعد بالموكب، وعندما نعلم أن أغلب تلك الزيارات شكلية، تُزفّت لها ومن أجلها الطرقات، وتُضاء لها الأنوار وتزين الأرصفة، ندرك‮ ‬أن‮ ‬الاحتقان‮ ‬الشعبي‮ ‬يأتي‮ ‬من‮ ‬هكذا‮ ‬سياسات‮ ‬عقيمة،‮ ‬تضلل‮ ‬الناس‮ ‬وتسوق‮ ‬لهم‮ ‬فقط‮ ‬الصور‮ ‬الوهمية،‮ ‬بينما‮ ‬الجزائر‮ ‬العميقة‮ ‬شيء‮ ‬آخر‮ ‬تماما،‮ ‬لا‮ ‬يعرفه‮ ‬ولا‮ ‬يعيش‮ ‬فيه‮ ‬إلا‮ “‬شعيب‮ ‬لخديم‮”.‬
  • لا يمكن أن يكون لإصلاحات الرئيس بوتفليقة معنى إذا تواصل تجاهل فتح السمعي البصري، بل أكثر من ذلك، يتوجب على السلطة بجدية أن تفكر في الترخيص للقنوات الأجنبية المهتمة بالشأن الجزائري، والسماح لها بالاطلاع على الحقائق من عين المكان، عوض لجوئها إلى مصادر مفرضة، تصب الزيت على النار، فهم يتحدثون عن مسيرة السبت كأنها مسيرة مليونية، بينما لو كانت لهم مكاتب في الجزائر ويرون حجم تلك المسيرات، فسيكون الرأي العام الدولي على بينة مما يحدث عندنا، لا ضحية للتضخيم والتحريف، أما غلق المجال أمامها ثم نلومها لماذا تحاور وتلجأ لمعارضين‮ “‬جزائريين‮”‬‭ ‬مغرضين‮ ‬بالخارج،‮ ‬فهذا‮ ‬بعيد‮ ‬كل‮ ‬البعد‮ ‬عن‮ ‬المنطق‮ ‬والعقل‮.‬
  • لسنا مع استباحة مجال الحريات وإعطاء الفرصة لمن هب ودب، داخل وخارج الوطن، لإنشاء قناة أو فتح مكتب، لكننا مع دفتر شروط يجعل من مصلحة البلاد خطا أحمر لا يمكن تجاوزه، هذه المصلحة غير قابلة للاجتهاد، بل تتعارف عليها الأعراف الدولية، ومعمول بها في كل الدول، وخارج‮ ‬هذا‮ ‬الخط،‮ ‬لن‮ ‬يُنجح‮ ‬الإصلاحات‮ ‬انفتاح‮ ‬إعلامي‮ ‬مدروس،‮ ‬يجعلنا‮ ‬نتجاوز‮ ‬أخطاء‭ ‬‮”‬الصحافة‮ ‬المكتوبة‮” ‬ونستفيد‮ ‬من‮ ‬دروسها‮ ‬ونجاحاتها‮.‬
  • لأن الذي صنع الفارق في الثورتين التونسية والمصرية، هو تلك الممارسات القمعية التي كانت تنزل بأصحابها إلى مستوى قطع خطوط الهاتف، وفضل الشبكة العنكبوتية، في زمن أصبح مفتوحا على بعضه كما أصابع اليد الواحدة. 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
23
  • بدون اسم

    ينريد قنوات اخبارية رياضية ثقافية غنائية الخ

  • mouhajra

    من وكيف تمّت صبر هذه الآراء؟ عندما أرى نتيجة الإستفتاء ,أقول لمصلحة من نتيجة هذا الإستفتاء, مزالنا شوية على ثقافة صبر الأراء ,والذي يساعد على ذلك هو فتح السمعي البصري ,فالعالم أصبح دشرة كل واحد يعرف جارُو ,مثل جيبو.

  • بدون اسم

    كان يامكان في قديم الزمان كانت تلفزة نعمان في عز وشان واليوم دارت ليام صبحت قيمتها في المهان طاح قدرها مبقلها شان بين الزاهي والحيران وصبحت من بين اقمار في الدوران تنادي وتقول انا سبابي قلة حيلتي في الهف و الدوران ويوم ياندمتي لمقريت لزمان حساب اصبحت مرمية في دار الايتام لاحد يتكفل بيا ولا شوف فيا.وعذابى الفضائيات لكانوسبب الكيّة.انشر يا شروق ~ جزايري حر~

  • fatima

    MERCI POUR CET ARTICLE§

  • بدون اسم

    بار الله فيك يا السي يعقوبي ،،، و أضيف أن نشرة الإخبار على ما فيها من رداءة تحولت إلى نشرة للأخبار و الرياضة العسكرية،، كل كابران يدير البول دار محتم على 35 مليون مشاهدته،، هل بربكم شاهدتم أخبار رياضيي المارينز و ما أدراك علىCNN،أطالب كمواطن تحويل اليتيمة إلى تلفزيون عسكري ، و إنشاء مجلس أعلى سمعي بصري يتولى وضع ضوابط لفتح المجال أمام رأس المال و الكفاءات الوطنية من أجل إنشاء قنوات حرة للرأي و الرأي المعارض،،، و لكن هذا حلم ما دام من يحكمونا عايشين خارج التاريخ في زمان الأبيض و الأسود

  • ناصر

    اقدم اجل تشكراتي لكامل القنوات الاجنبية مهما كان انتمائها لان معرفتي بما يدور حولي اعرفه بواسطتها اتمنى ان تستفيق اليتيمة من ............

  • الناهى

    هل مايخص الشعب الجزائرى الاالقنوات الاعلامية ومادا نفعل بهانحن كشعب ومادا قدما الاعلام العربى الحر ؟لم أٍرى منه ألا تصفية حسابات مابين عصابات تحكم الامة العربية وتستعمل الشعب كاوسيلة للضغط على المنافس بأعلام فساد فماد قدما لنا الاعلام الحر فى بعض البلدان العربية غير الانحطاط الاخلاقى والفساد الاجتماعى وأخراج الامة عن دينها وأصبحت أستديوهات البث عبارة عن صالونات عرض الازياء ليس فقط فى الباس لكن حتى فى الفضائح (العجوزة داها الواد وهى تقول العام صابة )

  • شولاك

    قالوا:
    الأعمى من يظن أن جميع الناس بلا أبصار ...
    غريب أمر حكوماتنا العربية ... مازالت تريد أن تساوم على أنها الأقرب إلى الحقيقة بتزييف الحقائق .. يا ناس إننا في القرن الحادي والعشرين ... فعوا وافقهوا ...

  • morad

    Impossible que Bouteflika accepte de donner son feux Vert d’ouvrir des chaines télé privé sinon comment peut t'il (le Gouvernement) Volé les Milliards alaise sans que personne puissent au moins le dénoncer devant le peuple!!!

  • إبراهيم

    صحيح عندنا قناة يتيمة و أخواتها لكن أفضل من قنوات خاصة تفسد أكثر مما تصلح كما هو الحال في كل القنوات الحرة التي تفسد عقليات الشعوب باسم التحضر من بث لأفلام خليعة ولقطات العري كما هو ملاحظ قنوات الدول العربية ، و كل من يؤيد مثل هذه القنوات يتحمل وزرها إلى يوم تغلق فيه

  • cherif

    مهما كتبت ومهما تكلمت فإن المسؤولين فى السلطة لا يسمعون وادا سمعوا لا يعون قلوبهم مشغولة بمصالحهم الداتية لا يهمهم الإنفتاح او الإنغلاق الاعلامى لكن غلقت البنوك ولا يجدون من اين يختلسون ترحركوا لفتحها.يا اخي الكاتب اتريد ان يسمح للقنات الاجنبية لكى يصوروا العشرات من الالاف من مركبات الشرطة والدرك التى تمنع الناس للدهاب الى الساحة للتظاهر وقمعهم وفىنفس الوقت الكشف على عن شراء الدمم وارسال البلطجية لضرب المتظاهريين ,مع كل احترامى لمقالك الوجيه لكن لم تدكر لنا السبب من عدم فتح السمعى البصرى؟

  • mohammed

    nous sommes pour les media privé mais nous les algeriens on depasse les limite comme la democratie en 1992 il a eu 150000
    morts

  • جمال79

    بسم اله الرحمن الرحيم
    الحقيقة فتح السمعي البصري شئ جميل لخدمة البلد والامة ،لكن من رجال اعمال
    جزائريين فمن المستحيل ان يكون كذالك ،الم ترى كيف يعاملون عمالهم ،كيف يحصلون على مشاريع ، عندما تتخطى المادة سقف المبادئ فلا تنتظر شيئا.

  • عبده

    قلت كل ما اريد قوله ولكن اريد من الشروق ان تضع السؤال التالي للتصويت هل تؤيد فكرة غلق التلفزيون الجزائري نعم لا

  • bachir

    لاننا شعب قاصر لسنا اهل لذالك لازلنا نعيش زمن الابيض والاسود noir et blanc

  • kikokimo

    العمل والانتاج هوالرصمي كفانة تضيع الوقت رانا فى 2011

  • الخليل

    الإعلام المصري جعلني أعرف ، الممثل ، والكاتب ، والسيناريست والمؤلف ، والوزير والغفير ، وعدد المحافظات والأماكن السياحية وضباط الأمن والجيش والسياسيين والمعارضين والعلماء ، والراقصات والشعراء والمواطن المصري من أسوان إلى الإسكندرية والمعابر الحدودية والسواحل المصرية والصحراء الغربية والشرقية وسيناء ، والمحافظين وعدد المحافظات ،،،،،،،،،، إلخ ...
    هل فهمتم ما أقصد ؟؟

  • ريان

    اظن صاحب المقال يعرف الجواب مسبقا ويعرف ان القنوات التي يريد لها ان تفتتح مكاتب عندنا لن تلتزم بدفتر الشروط لانها بصراحة معولا على خلاها وما نراه من تطاول و تحامل على الجزائر في بلاتوهاتها خير دليل مع تطوير التلفزيون الجزائري و نرجع الى تلفزيون 90 ايام وجها ل وجه و مراد شبين اه يا دوك ليام الاعراب كانو في سابع نوم

  • بدون اسم

    ارجو.من.الحكمة.فتح.قطاع.السمعي.البصري.

  • walid

    baraka allahou fik, un trés beau article merci beaucoup

  • nabil

    ما جدوي فتح قنوات جديدة و فتح السمعي البصري في الجزائر.نرفع المستوي اولا و من ثم ياتي المزيد.،

  • امينة

    غلق الاعلام في عصر التطور والعولمة عصر الانترنت التي حولت العالم الى قرية صغيرة هو غباء بحد ذاته . نريد فتح الاعلام السمعي البصري امام الخواص نريد ان نوصل مطالبنا الى الحكومة مباشرة نريد ان نوصل صوتنا الى العالم نريد ان نعرف العالم بجزائرنا بثقافتنا نريدان نتعرف ونعرف الشخصيات الجزائرية والاطارات وان نمنح الفرصة للكفاءات نريد مشاهدة رياضتنا نريد ان نشعر على الاقل ولو لمرة اننا بعيدون عن السلطة احرار من لا يريد هذا فهو لا يريد الخير للجزائر

  • توفيق

    نتمني ان تفتح قنوات جهوية في الغرب والشرق الوسط والجنوب لاننا بكل صراحة نريد ان نري انفسنا في التلفزيون وان نعبر عن ارائنا وان نسمع ما نحب حسب كل منطقة اما من يمنع القنوات الخاصة اقول له هدا المثل (لما في كرشه تبن ما يخاف من النار)وشكرا لصاحب المقال