-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لماذا لا تُنقِص الجزائر من عدد الولايات؟

لماذا لا تُنقِص الجزائر من عدد الولايات؟

في غياب أي برنامج حقيقي، ولا نقول مشروع قومي، يمكن للدولة الجزائرية في زمن العهدة الرابعة أن تقدمه، يدور الحديث عن مشروعين “كبيرين” يتوهّم القائمون عليهما أن يحلا جزءا من جبل المشاكل التي تعاني منها الجزائر، وهما تعديل الدستور وتقسيم إداري جديد للجزائر، بعد أن رسمها السابقون وقسّموا ولاياتها بما يشبه خربشات تلاميذ التحضيري، ولكن بخلفيات عروشية واضحة ولا تتطلب أي دليل، عندما كافح الوزير الأول السابق عبد الحميد براهيمي لأجل منح ميلة لقب ولاية، وفرض الراحل الشاذلي بن جديد الطارف ولاية، ونجح وزير التعليم العالي السابق عبد الحق برارحي في تقديم أم البواقي كولاية على حساب جيرانها الكبار، وإذا كانت عاصفة السبعينات والثمانينات الإدارية قد مرّت بسلام، فإن الخطأ هذه المرة غير مسموح، ليس في حق المواطنين الذين يبحثون عن ألقاب فخرية لبلدياتهم، وإنما في حق الوطن وفي حق المدينة التي عجناها بأساليب الريف، فقدمنا للعالم قرى كبرى، ونقلنا لها صفة المدن في أكبر جريمة تعرفها المدن في العالم.

وإذا كان آخر تصنيف ضمن تقرير لصحيفة “الإيكونوميس أنلجنس” البريطانية قد وضع الجزائر العاصمة ضمن الخمس مدن الأسوأ في العالم، من حيث ظروف العيش، فإننا لا نفهم لماذا تفكر الحكومة في بعث ولايات ومدن جديدة في قلب الصحراء، والمدينة العاصمة التي يتواجد فيها مقر الحكومة والرئاسة وكل الهيئات أسوأ حالا من أديس أبابا وداكار وماناغوا وغيرها من عواصم البلدان المتخلفة.

ولكن المصيبة الأكبر، هي أن يتحوّل هذا التقسيم الإداري إلى مطلب شعبي، لا يختلف عن حصة “ما يطلبه المستمعون” التي كانت تقدم الأغاني، حسب أهواء الناس، وأن يقوم برلمانيون ووزراء سابقون، لم يقدموا لبلداتهم الصغيرة أي شيء بجمع التوقيعات من أجل تغيير اسم منطقة من بلدية أو من دائرة إلى ولاية، من دون تغيير الجوهر الحياتي للمواطنين، وأسوأ ما في الحياة أن يغيّر عمرو إسمه إلى زيد، من دون أن يغيّر ما بنفسه من سيئات، وأسوأ ما في الحياة أن نسمي الأشياء بغير أسمائها الحقيقية، فنصف البلد المتخلف بالنامي والسائر في طريق التقدم، والريف بالمدينة وتجمع سكاني فوضوي بالولاية.

ولسنا في حاجة لأن نعدّ مدنا جزائرية كبيرة بعضها فاق عمره الألفي سنة، سقط في البداوة والترييف، ولا أن نعدّ العشرات من الولايات التي ورطوها بهذا اللقب وهي لا تختلف عن الأسواق الشعبية والعشوائيات، ومع ذلك بدلا من التفكير في تصحيح أخطاء سابقة أو على الأقل ترقيعها، نفكر في ارتكاب مزيد من الأخطاء. وإذا كانت الجزائر العاصمة، التي تبلع سنويا ملايير الدولارات، في محاولة لأن تساير مدنا، ولا نقول عواصم الجيران، قد نالت توبيخا من مجلات مختصة عالمية، فإن بقية المدن مرشحة للطرد من المنظومة المدنية العالمية.

عندما زار الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغن قرية زيلامسي في مقاطعة سالزبورغ النمساوية، كتب تعليقا صغيرا على جمال القرية، وقال بأنه شاهد أجمل مدينة في العالم، فردّ عليه أهل القرية الساحرة وذكّروه بأنها قرية، وهم لا يرضون عن بلدتهم لقبا غير القرية.

وينقلب الحال عندنا وتصبح القرية “شبه” عار، يتبع ساكنيها بالرغم من أنها أسماء لا تختلف عن ألقاب الأصنام كما قال تعالى:

“إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • جزائري

    *** ملاحظة هامة ***
    الولاية ليست مدينة فقط بل اقليم فيه 25 بلدية على الأقل .. ونحن نريد تقريب الادارة من المواطن سواء كانت الولاية في الشلالة أو سيدي عيسى أو سور الغزلان أو غيرها .. والجغرافيا هي الحكم.

  • bf

    مخطا في الراي التقسيم ضروري لتكريس سياسة جديدة /التسيير المحلي/...............اين البديل . انظر سياسات الحكومة اللامركزية مبنية
    على تشريعات ادارية تحدد علاقة البلدية بالولاية والمحافظة والناحية
    النمودج موجود لدى بعض الدول . لمادا لا نطلع عليه ونحاول العمل في اطاره

  • fodil

    التقسيم الاداري مفيد ياكاتب المقال
    لانه عبارة عن تقسيم العمل بين المشرفين بسبب تزايد المهام لخدمة
    النمو الديمغرافي
    اما عن المعايير ( لك الحق ان فيها بعض العواطف ) كما دكرت امثلة
    لدا يجب دراسة تقنية معمقة باشراك خبراء في مجال التقسيم الاداري
    ويجب ان يكون مرفوق بنظرة جديدة تسمح بتسيير محلي خالص مبني
    على برامج استثمارية خاصة وحرة بكل ناحية او محافظة او ولاية حسب التسميات التي تستحدث هدا من اجل تكريس سياسة
    الحكومة اللامركزية في اطار تشريعات جديدة تحدد علاقة البلديات
    بالولايات والمحافظات بعضها ببعض

  • الحكيم الجزائري

    لكم تمنيت يا أخي لو تحقق كلامك و لاكن لا حياة لمن تنادي كل ذي حق يعرف أن التقسيم الاداري الجزائري أكبر غلطة اقترفت في حق هذا الوطن فهو مبني على الجهوية و العروشية و لارضاء أهل هذه المناطق لا على التوازن الاقتصادي و الجغرافي لماذا لا نذهب لانشاء محافظات أو مقاطعات تتكون من عدة مدن لكل واحدة حاكمها المنتخب مع انشاء مدن جديدة بمقاييس علميا و بلديات جديدة تتم توزيع أراضيها على الشباب بمبالغ معقولة مع فرض نمط البناء و احترام المخططات العمرانية و الابتعاد عن هذه العشوائية في البناء المنظ-فوضوي ؟؟؟؟

  • MOMTAZ

    صاحب المقال كفاكم استعلاء وهذه النظرة الفوقية لاصحاب الصحراء اليست الصحراء صاحبة الفضل عليكم ؟ اليست البقرة الحلوب ؟ استكثرتم علينا حتى ولاية هنا او هناك ولو كانت اشاعة لو تتنازل وتنزل الى الصحراء مرة في عمرك وتنظر الى عاصمة البترول ورقلة مثلا كل شيء فيها يوحي الى شيء الا ان تكون كذلك عاصمة البترول

  • MOMTAZ

    السيد كاتب المقال مشكور اردت فقط ان اذكرك الى متى تنظرون الى الصحراء وعمقها بهذا الاستعلاء كفاكم يا اشباه المثقفين اليست الصحراء هي البقرة الحلوب ؟ والله انني الان في ولاية ورقلة عاصمة البترول لكن للاسف كل شيء فيها لا يوحي انها كذلك استكثرتم علينا اضافة ولاية هنا او هناك في الصحراء المغبونة والله عيب عيب

  • عدلان سطيف

    الله يبارك ربي يوفقك...........اصبح لدينل البلطجية و الشبيحة و الشياتة في 2014

  • جزايري حر

    سلام سي عبد الناصر ، دائما متألق مقال في الصميم ... متى يبلغ البناء يوما تمامه إذ كان 1 يبني و 1000 تهدم؟؟؟
    الجزائر في حاجة إلى بناء الرجال ومن طينة الكبار : ابن باديس الابراهيمي ، عميروش ووو
    أما جيل الشكارة والبقارة .... فالننتظر الفواقر والقواصم ... سلمنا ياااا رب

  • عذور الشلالى

    مدينة شلالة العذاورة تبعد عن ولاية المدية باكثر من 100كم لديها عدة عوامل تؤهلها لترقيتها الى ولاية من بينها العامل الجغرافي فهي تتوسط 10دوائر ( 38 بلدية ) هي سيدي عيسى عين الحجل البيرين حد الصحاري عين بوسيف السواقي بني سليمان القلب الكبير سورالغزلان برج خريص وهذه الدوائر متكاملة اقتصاديا وثقافيا يمكن ان تشكل ولاية متماسكة وذات فعالية كما ان دائرة شلالة العذاورة تحوي اكثر من 100000 نسمة وتقع قي نقطة تلاقي ولايات المدية المسيلة البويرة الجلفة وهي متباعدة باكثر من 200كم .