الجزائر
فيديوهات صادمة لتجاوزات في المدارس والمستشفيات ودور المسنين والبلديات..

لماذا لا يتحرك المسؤولون إلا بعد “فضائح” الفايسبوك

زهيرة مجراب
  • 3133
  • 8
ح.م

أضحت الفيديوهات المنتشرة والمتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي هي طوق النجاة الوحيد للمواطنين، والوسيلة المتاحة والمتوافرة لإسماع صوتهم إلى المسؤولين والسلطات العليا في البلاد ودفعهم إلى التحرك وأخذ قرارات هامة، فالطرق على أبواب الوزارات وكتابة عشرات الرسائل إليهم لم يعد مجديا ولن يخرجهم من مكاتبهم إلا فضائح منتشرة على “الفايسبوك”.

يستعين الكثير من المواطنين بهواتفهم النقالة وتصوير مقاطع الفيديو لفضح التجاوزات والمضايقات التي يتعرضون لها خلال حياتهم اليومية أو أثناء وجودهم في بعض الإدارات، فبعدما تيقنوا من عدم جدوى الشكاوي وأن المسؤولين لا يملكون آذانا مصغية حتى ينصتوا لمشاكل المواطنين ويعملوا على حلها، فكانت هذه التقنية بمثابة الحل السحري لإرغامهم على اتخاذ قرارات ومواقف حاسمة. حتى إن بعض الإدارات باتت تحسب للظاهرة حسابا فتأخذ احتياطاتها خشية تصويرها بإرغام المترددين عليها على عدم استخدام هواتفهم النقالة والإشارة لذلك في أوراق وملاحظات تعلق عند مداخلها بعبارة “ممنوع التصوير” أو “ممنوع الهاتف النقال”.

ويتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في كل مرة فيديوهات تكشف حجم معاناتهم في المؤسسات العمومية بدءا من المستشفيات، البلديات، المدارس وغيرها من الإدارات التي ما كان لينفض غبار الظلم في حق قاصديها لولا “الفايسبوك”، وكانت بعض الفيديوهات قد تركت أثرا كبيرا في نفوس المواطنين، مثل الفيديو الشهير “أنا ديسيديت” قبل ثلاث سنوات لموظفة في الجوية الجزائرية كانت تردد هذه العبارة وعادت لتكرر حوادث مشابهة لها في ذات المؤسسة وفي إدارات أخرى.

وكان موقع “الفايسبوك” قد تداول قبل فترة فيديو لطفل مصاب بداء التوحد، قامت معلمته بإغلاق الباب الخشبي عليه وإبقائه محتجزا في الفراغ الموجود بين البابين، لتقوم إحدى الموظفات بالمؤسسة بتصوير الفيديو ونشره، في تأثر وغضب أولياء التلاميذ والمجتمع المدني بأكمله، وبفعله تحركت وزارة التربية والتعليم وفتحت تحقيقا في الحادثة.

ليأتي الفيديو الأخير المصور من داخل دار المسنين في باتنة، الذي يكشف التجاوزات التي يتعرض لها المسنون المقيمون في الدار وحالة الإهمال والتسيب الكبير من الموظفين والمشرفين على الدار، ليعري حقيقة ما يحدث في دور المسنين التي تتجمل في الزيارات الرسمية في الوقت التي يكابد سكانها الويلات ولا يجدون من يخفف عنهم وطأة المرض ولا من يرحم تقدم سنهم، وبالرغم من إقالة وزيرة التضامن غنية الدالية لمدير الدار لكن التساؤل يظل مطروحا حول ما تلقاه هذه الفئة الهشة في باقي الدور المنتشرة عبر مختلف أرجاء الوطن ولم تفضحهم كاميرات الفايسبوكيين.

ولم يستفق المواطنون من الصدمة السابقة ليأتي مقطع آخر مصور من داخل المؤسسة الصحية لبرج منايل ببومرداس، ليفاقم جراحهم ويزيدهم تحسرا وأسى على الوضعية التي آلت إليها المستشفيات بل والمنظومة الصحية بأكملها، فقد صور أحد الشباب الوضعية الكارثية للمؤسسة الصحية الغارقة في الإهمال والأوساخ فبقايا الطعام منتشرة في كل مكان والضمادات الطبية، وما زاد الطين بلة هو طلب المؤسسة بأخذ سيارة أجرة للتوجه إلى مستشفى الدويرة نظرا إلى عدم توافر سيارات الإسعاف. ويعول صاحب الفيديو على وزارة الصحة للتحرك وأخذ الإجراءات القانونية اللازمة خصوصا أن عشرات الفيديوهات قد سبق تصويرها لمستشفيات أخرى أكثر سوءا من سابقتها وتم تداولها على نطاق واسع في الفايسبوك.

واستطاعت هذه التكنولوجيا التي يستخدمها مواطنون بسطاء سئموا من التجاهل وبيروقراطية الإدارة أن توضح العجز الكبير والمرض الذي ينخر مختلف الإدارات والمؤسسات، وأثبتوا عجز لجان التفتيش التي باتت صورة وهياكل إدارية دون عمل حقيقي وفعال في الميدان.

مقالات ذات صلة