الرأي

لن يُهزم الشهداء..

محمد سليم قلالة
  • 4062
  • 12
ح.م

ونبقى متعلقين بِمَثَلِنا الأعلى في الحياة، أولئك الذين ارتقوا إلى بارئهم شهداء في سبيل تحرير وطنهم من براثن عدوٍّ غاشم أهلك النسل والحرث. ويبقى الشهداء مَثَلنا الأعلى رغم كل السنوات والسياسات التي مرت. ويبقى في قلب كل جزائري ولو شيء من الاحترام والتبجيل والوفاء لمئات الآلاف من الرجال والنساء الذين ضحَّوا من أجل تحرير هذا الوطن، إن لم يكن كل الوفاء والاحترام.. ونبقى نتميز على غيرنا من الشعوب، مهما حدث ومهما قيل، بأننا أرض الشهداء.. وتبقى دماؤهم التي سالت زكية عبر ربوع هذا الوطن هي الضامن لحاضرنا ومستقبلنا. وتبقى تضحياتهم هي الأمل في أن الجزائر لن تسقط ولن تحيد عن الطريق رغم كل المخططات التي تم تنفيذها لكي تنتهي إلى الأبد.

لن يحدث ذلك أبدا، ليس اليوم فقط إنما على مدى العصور القادمة، لن تضيع أمانة هؤلاء وإن سَعَى البعض إلى تضييعها أو تشويهها أو القضاء عليها، بل إنها سَتُصَان وتُنْقَلُ من جيل إلى جيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولن ينكر هذا إلى جاحد أو غير مُدرِكٍ لعمق الضمير الجزائري.

بالأمس فقط مرت الذكرى الـ64 لاندلاع ثورتنا المجيدة، وبرغم المحيط العامّ الضاغط على حياتنا اليومية، وبرغم التشتت الواضح في مواقفنا وجهودنا وابتعادنا عن القضايا المركزية التي تهمُّنا، وبرغم انغماس الكثير مِنَّا في مسائل فرعية لا نهاية لها.. وبرغم الكثير من الأصوات التي تَدفع أبناءنا أحيانا نحو الفرقة والانقسام والتشتت والصراع، إلا أننا جميعا في أعماقنا مازلنا نشترك في أمر واحد على الأقل يوحِّدنا هو الاعتزاز والفخر بتضحيات شهدائنا. لا أظن أن أحدا من أبناء هذا البلد داخل الجزائر أو في المهجر، يُحدِّثه ضميرُه بالتنكر ذات يوم لأرواح الشهداء، أو الطعن في تضحياتهم، حتى وإن أرادوا له ذلك.

لقد كانوا شبابا في مقتبل العمر، رجالا ونساء تركوا الأهل والأبناء والأمهات والآباء ليُقدّموا أنفسهم صادقين غير مترددين فداءً للوطن. هل يمكن أن تَضيع تضحيات مثل هؤلاء المُخلِصين هباء؟ هل يُمكن ألا يُخلفِّوا من الأبناء والأحفاد مَن يَصُون الأمانة ويرعى الوديعة؟ لا أظن ذلك.

يمكننا أن نختلف، ويمكننا أن نتصارع أحيانا، إلا أننا لن نستطيع التنكر لتضحيات عشرات الآلاف من أبناء وبنات الجزائر الذين قدموا أرواحهم الطاهرة فداء للوطن لكي يبقى موحَّدا يبنيه أبناؤه معا في ظل الحرية والكرامة.. الكل يتفق في هذه المسألة.. ولا يبقى لنا سوى تجسيد ذلك على أرض الواقع.. ومازلنا نملك كل الإمكانات لتجاوز الانحرافات وتحقيق ذلك، بل إن أبناءنا اليوم، على خلاف ما يبدو قادرون على صُنع ذلك.. وسيقومون به مهما طال الزمن لسببٍ واحد ووحيد، أن دماء الشهداء التي طَهَّرَتْ هذا البلد، لن تذهب سُدى، وكل من خانها سيُهزم ويدفع الثمن.

مقالات ذات صلة