رياضة
عنصر المفاجأة وقيمة اللاعبين ودعم الجمهور

لهذه الأسباب فاز الخضر أمام ألمانيا في خيخون

الشروق الرياضي
  • 1794
  • 9
ح.م

مرّت منذ يومين الذكرى 38 لفوز المنتخب الجزائري أمام ألمانيا الغربية في مدينة خيخون الإسبانية ضمن أولى مباريات كأس العالم 1982 بهدفين مقابل واحد في مباراة لم يستطع الجزائريون نسيانها، فسكنت في ذاكرتهم، واحتفظوا بها في هواتفهم النقالة وأجهزة الإعلام الآلي، وأرشيفهم الخاص، يستنشقون من متعتها وإثارتها بين الحين والآخر.

المعروف أن الخضر فازوا في تلك المباراة بالأداء والنتيجة ولكنهم خرجوا من الدور الأول، وكأنهم لم يفعلوا شيئا، وبغض النظر عما حدث في تلك الحقبة من حكاية التآمر، وكيف خان الحظ الخضر، فإن المباراة سارت بطريقة عجيبة، فيها الكثير من التوفيق وأيضا من إرادة اللاعبين وتركيزهم على مدار التسعين دقيقة، حتى تتخيل بأن مهمتهم في المونديال كانت الإطاحة بألمانيا الغربية، وحرمانها حتى من التعادل ضمن سيناريو متقن، رسمه محي الدين خالف ومساعديه وأبدع في تطبيقه رفقاء مصطفى دحلب.

مرت عشرون سنة على استقلال الجزائر عندما تواجد بلومي وماجر وعصاد في المونديال وجميعهم في الرابعة والعشرين ربيعا، كانت ألمانيا الغربية حينها بطلة لأمم أوربا بعد فوزها باللقب على حساب إيطاليا في صائفة 1980، وكانت أيضا المرشحة الأولى، للحصول على لقبها العالمي الثالث، مادامت الدورة تُلعب في أوربا، حيث كان الأروبيون هم أصحاب اللقب في قارتهم وأهل أمريكا الجنوبية هم أصحاب ألقاب قارتهم، مع استثناء واحد حدث في مونديال 1958 في السويد عندما فازت البرازيل باللقب، ولم تكن الجزائر سوى نكرة في عالم الكرة، وأحسن ما تمتلك من اللاعبين هو مصطفى دحلب الذي نشط مع باريس سان جيرمان الفريق العادي الذي لم يكن في رصيده أي لقب محلي في فرنسا، فما بالك في أوربا، إضافة إلى امتلاك نورالدين قريشي لبعض الخبرة بعد مشاركته مع ناديه بوردو الفرنسي في كأس الاتحاد الأوروبي.

إلى غاية مشاركة الخضر في مونديال إسبانيا كان في رصيد إفريقيا والعالم العربي فوز وحيد حققته تونس سنة 1978 أمام المكسيك في مونديال الأرجنتين، وكان أشدّ المتفائلين يحلم بتعادل أو حتى هزيمة خفيفة، بينما آمن اللاعبون بإمكانياتهم وخططوا لمفاجأة لم تخطر على بال أحد، في مدينة خيخون أمام مالا يقل عن خمسة آلاف من أنصارهم القادمين من الجزائر على وجه الخصوص.

امتص رفقاء القائد علي فرقاني هجمات الألمان الأولى، ومرّ النصف الأول من المرحلة الأولى بردا وسلاما على الحارس مهدي سرباح المحاط بالثنائي قندوز وقريشي اللذان شلا حركة المهاجم الألماني قوي البُنية روباش، ومع مرور الوقت أخرج ماجر وعصاد وبلومي أنيابهم وبدأ حلم المفاجأة يقترب، بعد أن أنهوا الشوط الأول سلبيا من دون أهداف.

في الشوط الثاني كان الجزائريون ينظرون لساعاتهم أملا في أن يعجز الألمان عن التهديف، وكان جمال زيدان يبحث عن الثغرة التي مكنته من هجمة بديعة من تقديم كرة هدف لبلومي، ولكن الحارس شوماخر منعه من التسجيل، ليتسلل ماجر من المراقبة ويرفع الكرة بمهارة فوق رؤوس المدافعين الألمان ويفجر قنبلة أولى في الملعب، الجزائريون تذوقوا الفرحة وكان من المستحيل حرمانهم منها، حتى عندما تمكن أحد أحسن مهاجمي العالم رومينيغي من تعديل النتيجة، حيث تحوّلت كرة إعادة اللعب من وسط الميدان إلى واحدة من لمحات كرة القدم البديعة من تمريرات من دون توقف إلى أن وصلت بلومي من عصاد، فوضعها في شباك الألمان، وصار من المستحيل نزع نقاط المباراة من الجزائريين الذين دافعوا عن فوزهم بقوة بالدفاع وبالهجمات المعاكسة، وبعد 38 سنة من الواقعة يمكن القول بأن الخضر ضيعوا فوزا ثقيلا كان يمكن أن يكون برباعية كاملة، ومع ذلك دخل الفوز التاريخ، ودخل ما حدث بعده من مؤامرة، في كتاب المونديال الخالد.

يُجمع العارفون بلعبة كرة القدم على أن مونديال 1982 جمع أساطير اللعبة من الذين لا يمكن للعالم نسيانهم فقد ضمّت ألمانيا رومينغي وبرايتنير وليتبارسكي وضمت بلجيكا شيفو ولعب للبرازيل زيكو والراحل سقراطيس وامتلكت فرنسا بلاتيني وجيراس وتيغانا ولعب للأرجنتين الظاهرة مارادونا وامتلكت إنجلترا الرائع تريفور فرانسيس وشاركت إيطاليا بالظواهر الكبرى من ألتوبيلي وروسي وتارديلي، ولكن الجزائر أيضا قدمت مرزقان وماجر وبلومي، ومازال الجزائريون يحفظون تفاصيل المباراة، أكثر من تفاصيل مباريات حديثة، آملين في مشاهدة مباريات كثيرة للخضر على ذات الإبداع مستقبلا.
ب.ع

مقالات ذات صلة