-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
القاضي يكشف عن فضائح مزفران والرمال الذهبية بزرالدة

“لوبيات” عبثت بأموال الدولة لإنقاذ القطاع السياحي

نوارة باشوش
  • 2080
  • 0
“لوبيات” عبثت بأموال الدولة لإنقاذ القطاع السياحي
أرشيف

من فندق المرسى بالمركب السياحي لسيدي فرج إلى فندقي الرمال الذهبية ومزفران لمؤسسة التسيير السياحي لزرالدة، شكّل مسؤولو هذه المركبات العمومية السياحية “لوبيّات” بينهم، وبين مختلف المقاولين، تتوسّطهم لجان الصفقات وتقييم العروض وفتح الأظرفة ومكاتب الدراسات للتعدي على المال العام، مستغلّين في ذلك المبالغ المالية الضخمة التي رصدتها الدولة من أجل النهوض بالقطاع السياحي، لتبديدها تحت غطاء “الأشغال الإضافية” وتبديل مواد بمواد باهظة الثمن، وفي الأخير بقيت معظم مشاريع الترميم والعصرنة متوقفة.. وما خفي أعظم؟
قاضي الفرع الثالث لدى القطب الاقتصادي والمالي، وفي اليوم الثالث على التوالي للمحاكمة، تطرّق إلى الشق الثاني في ملف فساد الذي طال مؤسسة التسيير السياحي لزرالدة”EGTZ” ، وأزال الستار عن التلاعب في منح الصفقات بالمحاباة ومبدأ الاحتكار وعن طريق الاستعجال والتراضي “غري ـ غري” وبطرق مشبوهة وملتوية لعصرنة وحدات المؤسسة، من خلال إعادة تأهيل البنايات، تجديد الأثاث والتجهيزات لغرف النوم والمطابخ والمطاعم، وكذا تجديد وتحديث المعدات التقنية والمصاعد ومعدات الأمان، إلى جانب إنجاز أنشطة ومرافق جديدة.
وفي التفاصيل التي كشفت عنها الجلسة، فإنّ صفقة إعادة ترميم وتجهيز فندق مزفران، على غرار صفقة إنجاز أشغال تحديث 64 غرفة للجناح 8000 ترتب عنها ملاحق وصلت إلى 84 بالمائة، وكذا إنجاز أشغال التيارات الخفيفة للفندق بأثر مالي فاق 25 بالمائة.
كما توصلت التحقيقات وخبرة المفتشية العامة للمالية إلى أن صفقة تحديث 50 غرفة وعصرنتها التابعة لفندق مزفران، مسّها الإهمال الواضح المؤدي إلى تبديد الأموال العمومية من طرف رئيس خلية العصرنة والرئيس المدير العام لمؤسسة التسيير السياحي لزرالدة “ت.أ” بمعية مكتب الدراسات “ANDT” وهذا من خلال عدم الجدية في الدراسات، الأمر الذي جعل مبلغ الصفقة يرتفع بأثر مالي تجاوز 75.41 بالمائة.
مقابل ذلك، فإن التحقيق في صفقة إنجاز تحديث مرافق الغسل بفندق مزافران، تتضمن التجهيزات والتركيب الخاصة بالمغاسل، بيّن أنّ المبلغ الإجمالي بعد إضافة ملحق واحد ارتفع بنسبة تفوق 14 بالمائة عن المبلغ الأصلي للصفقة .
كما كشفت جلسة المحاكمة أن مبلغ إنجاز الأشغال بفندق الرمال الذهبية يعادل القيمة المالية لإنجاز 4 فنادق، وهذا ما يدل على تضخيم المبلغ، إلى جانب الإخلال ببنود عقد صفقة ترميم فندق الرمال الذهبية والمتمثلة في استبدال مادة “السيراميك” بمادة الرخام بمبالغ مالية ضخمة، مما انجر عنه أعباء مالية معتبرة للمشروع.

بين “السيراميك” و”الرخام” ضاع بناء 4 فنادق كاملة
القاضي وخلال استجواب نائب مدير المالية والميزانية بمؤسسة التسيير السياحي بزرالدة المتهم “س.أ” ، الذي كان يشغل منصب رئيس لجنة أظرفة وتقييم العروض بذات المؤسسة وقت الوقائع، أنكر جميع التهم الموجهة إليه جملة وتفصيلا.
وقال في رده على أسئلة هيئة المحكمة بخصوص ظروف إنجاز مشروعي فندق الرمال الذهبية وفندق مزفران: “سيدي الرئيس، الإجراءات المعمول بها من طرف اللجنة هي أنه عند استقبال العروض تتم دراسة الملفات، وفي حالة وجود وثائق ناقصة ضمن ملف العرضين، يتم مراسلتهم من أجل استكمال الوثائق ومنحهم مدة 8 أيام لإتمام ذلك”.
وأضاف المتهم “تم فتح وتقييم العروض للصفقات المتعلقة بمشروع فندق الرمال الذهبية وفندق مزفران، وقد تمت الإجراءات طبقا للقانون الداخلي للمؤسسة وطبقا لقانون الصفقات، حيث تقدمت 4 مؤسسات، وبعد عملية التقييم رست صفقة على مؤسسة “ش”، حيث أن المؤسسات الثلاث الأخرى، حقيقة تأهلت في الجانب التقني، لكن في الجانب المالي لا.
القاضي: ما هي القيمة الإجمالية للمشروع؟
المتهم: 250 مليار سنتيم.
القاضي: هل تدخل أحد؟
المتهم: سيدي القاضي، اللجنة قامت بعملها بصفة مستقلة من دون تدخل أي جهة سواء المدير العام لمؤسسة التسيير السياحي لزرالدة “ت.أ” أو رئيس المجمع “ل.ب”، حيث وبعد فتح العروض تم تأهيل مؤسسة “ع.م” صاحبة العرض الوحيد وهذا بعد إعادة دراسة الملف من قبل المدير العام “ت.أ” واعطاء توجيهات.
وتابع المتهم “أما فيما يخص احتساب وأخذ بعين الاعتبار بعض المعايير، فلم تقم اللجنة بها، منها الأجل والمتّار المحقق، لوجود مهندس يغني عنه، وعليه بعد الأخذ بالمعايير المذكورة تحصلت المؤسسة على النقطة التي أهلتها”.
القاضي يسأله عن استفادة “ر.م” من صفقة التجهيز لفندق الرمال الذهبية، ليجيبه المتهم “سيدي الرئيس، أنا لم أكن رئيس لجنة التقييم، كما لا تربطني أي علاقة شخصية بالمؤسسات المستفيدة من مشاريع”.
وبالمقابل، أنكر المتهم “ب.ب” رئيس خلية العصرنة، بمؤسسة التسيير السياحي بزرالدة، التهم الموجهة إليه من هيئة المحكمة تماما، وخلال رده على أسئلة القاضي المتعلقة بصفقة فندقي الرمال الذهبية ومزرفران، وما نتج عنها من ملاحق، قائلا: “سيدي الرئيس، ترأست لجنة فتح وتقييم العروض بعد تنحية (س.س)، وقد حضرت عمليات فتح وتقييم عدة صفقات تعلقت بفندق مزفران، كما في أشغال مؤسسة “ع.م” بفندق الرمال الذهبية مع مكتب الدراسات “ح.م”.
القاضي يسأله عن ملحق أشغال المشروع المتعلق باستبدال مادة “السيرامك” بمادة “الرخام” باعتباره هو من تابع الأشغال، ليجيب المتهم “سيدي القاضي، وضع الرخام بفندق الرمال الذهبية، كان بناء على أوامر وزير السياحة خلال زيارته وتفقده للغرف النموذجية، وفعلا تم انجاز ملحق بذلك تم توقيعه من المدير العام ومكتب الدراسات”.
القاضي يقاطعه: لكن هذه الأشغال كلفت أعباء إضافية؟
المتهم: نعم، التغيير في نوعية المادة كلف المؤسسة حوالي 140 مليون دج، غير أن ذلك لم يخلّ بتوازن الصفقة، لحذف بعض الأشغال والكميات التي لم تنجز .
القاضي: هل تلقيتم أومر أو تدخل أو ضغوطات من أي جهة؟
المتهم: لا، سيدي الرئيس، فخلال قيامي بمهامي كرئيس مشروع لم أتلق أي ضغوط من المسؤولين أو توجيهات مخالفة للقانون سواء من المدير العام أو رئيس المجمع الذي كان يقوم بزيارات تفقدية للمشاريع، حيث كان يحرص ويلح على ضرورة المتابعة الجيدة والتسريع في وتيرة العمل واحترام الآجال والنوعية.
وتابع المتهم “كما أن رئيس المجمع لم يطلب منا أي معاملة خاصة مع أي مؤسسة، خاصة من المؤسسات التي شاركت في الصفقات واستفادت منها، أما بالنسبة لإبرام ملاحق للأشغال، فقد كان لضرورة حتمية سيدي الرئيس، كون العملية تتعلق بالعصرنة والترميم والتي يصعب التحكم فيها منذ البداية، إذ هناك بعض المعطيات تظهر بعد التقدم في الأشغال، إضافة إلى ذلك، فإن مكتب الدراسات تبرم معه ملاحق تماشيا مع مدة ومتطلبات الأشغال”.
القاضي: وماذا عن تغيير مكتب الدراسات العمومي بآخر؟
المتهم: الدراسات التي تمت مع مكتب الدراسات العمومي BEREGغير مجدية، مما أدى إلى إعادتها وفسخ التعاقد معه، كما كلّف ذلك المؤسسة ملاحق ذات أثر مالي كبير.
أمام المتهم “ع.ي” مهندس في الهندسة المدنية بمؤسسة التسيير السياحي لزرالدة، وبعد أن أنكر التهم الموجهة إليه، صرح بأنه تم تعيينه عضوا في لجنة تقييم العروض في شهر فيفري 2019.
القاضي: ماهي الصفقة التي كنت فيها عضوا؟
المتهم: عدة صفقات.. حوالي 20 صفقة.
القاضي: ماهي المهام الموكلة لك؟ وكيف تعمل اللجنة.
المتهم: فتح الأظرفة.. سيدي الرئيس، عمل اللجنة في كل الصفقات التي تمت كان بناء على دفتر الشروط والقانون الداخلي للمؤسسة، وكذا قانون الصفقات بكل شفافية واستقلالية وبدون تدخل أي جهة.
القاضي: وماذا عن صفقة تكييف فندق “الرمال الذهبية”؟
المتهم: كان يجب علينا أن نقيّم كل حصة على حدا، باعتبار أن كل حصة لديها مدة محدّدة ودفتر الشروط لم يكن واضحا في هذه الصفقة.
القاضي يقاطعه ويسأله: هذه الصفقة فازت بها مؤسسة “ع. م”، كم من مرة تم عرض الصفقة؟
المتهم: 3 مرات، سيدي الرئيس، وفي هذه الصفقة فعلا تم اختيار مؤسسة أشغال “ع. م” لإعادة تأهيل فندق “الرمال الذهبية” بعد مراسلة إضافية من المدير العام بضرورة أخذ بعض المعايير بعين الاعتبار، مما جعل تنقيط المؤسسة ينتقل من 37 إلى 41 وتم تأهليها وكانت صاحبة العرض الوحيد.
القاضي: الصفقة في المرة الأولى فازت بها مؤسسة “ش.أ” لماذا تم إقصاؤها؟
المتهم: فعلا، سبق لذات الصفقة أن تم طرحها وتم تقييم العروض، حيث تم تأهيل مؤسسة “ش. أ” غير أنه تم إلغاؤها من طرف المدير العام، ولجنة التقييم لا سلطة لها في منح الصفقة أو عدمها، وإنما لجنة الصفقات التي يترأسها المدير العام هي من لديها الصلاحيات في ذلك.
ومن جهته، أنكر رئيس لجنة الصفقات المتهم “إ.ف” جميع التهم الموجهة له من طرف المحكمة، وقال إن الصفقة التي فازت بها مؤسسة “ش.ع” بمبلغ 240 مليار تم إلغاؤها، وقد تم الإعلان عن نفس الصفقة، حيث تم سحب 5 دفاتر شروط، إلا أنه وأثناء إيداع العروض، بقي صاحب مؤسسة “ع.م” وحده في هذه المناقصة، لأنه لم يتم إيداع دفاتر الشروط الخاصة ببقية المشاركين.

ذريعة “الملاحق” والعبث بمشروعية الصفقات
القاضي ينتقل إلى الشق المتعلق بمشروعية الصفقات المبرمة من طرف مؤسسة التسيير السياحي لزرالدة مع مكتب الدراسات المسيّر من طرف “ح.م”، الفائز بدراسة ومتابعة أشغال الترميم وإعادة الترميم وعصرنة فندق “الرمال الذهبية”، ويستجوب المتهم “ح.م” صاحب مكتب الدراسات الذي أنكر هو أيضا الوقائع المنسوبة إليه.
وصرح المدعو “ح.م”، أنه فاز بصفقة إتمام الدراسات ومتابعة الأشغال لفندق “الرمال الذهبية” لمؤسسة التسيير السياحي بزرالدة، على أساس أنه الوحيد الذي قدّم أحسن عرض مالي وأحسن عرض تقني مقارنة بمكاتب الدراسات الأخرى.
وفي رده على سؤال القاضي بخصوص 5 ملاحق إضافية كاملة، ردّ المتهم قائلا: “سيدي الرئيس، تقدم الأشغال وحالتها هي التي تفرض ذلك، بالإضافة إلى تغيير بعض الأشغال بأمر من وزير السياحة السابق، بن مسعود عبد القادر وهذا في شهر فيفري 2019 والمتمثلة في وضع الرخام بدل السراميك إلى جانب مرحلة الحجر الصحي التي تعود إلى جائحة كورونا”.
وإلى ذلك، شدّد المتهم على أنه لا تربطه أي علاقة مع مسيّري الشركة ولا بالمقاولات المستفيدة، كما أنه لم يقم برفع الأسعار من خلال الملاحق أو في الأسعار التقديرية للمشروع أو صياغة دفتر الشروط بشكل يخدم بعض المتعاملين.
المتهم “ن.ن” المكلف بالدراسات والتلخيص بديوان وزير السياحة والصناعة التقليدية حاليا، وقبل ذلك كان مدير عام للوكالة الوطنية لتنمية السياحة والتي تقوم بتصنيف وتهيئة مناطق التوسّع السياحي وإعداد مخططاتها السياحية وتثبيت استثمارات على مستوى هذه المناطق، إلى إعداد الدراسات ومتابعة أشغال الهياكل السياحية، أنكر بدوره جميع التهم الموجهة إليه.
وقال في رده على أسئلة هيئة المحكمة بخصوص ظروف استفادة الوكالة من صفقة التراضي لمتابعة أشغال تهيئة وعصرنة فندق “مزفران” التابع لمؤسسة التسيير السياحي بزرالدة: “سيدي الرئيس، بعد فسخ التعاقد مع مكتب الدراسات العمومي (BEREG) ومكاتب أخرى قبله، تمت متابعة أشغال المشروع إلى غاية استلامه، فعلا، تم إبرام ملاحق تعلقت بمتابعة الأشغال والأشغال الإضافية أو التكميلية”.
القاضي يسأله عن كيفية متابعة الملاحق، ليجيبه المتهم: “ملاحق المتابعة تتم تلقائيا كلما تم تمديد أجل الإنجاز، الوكالة اعتمدت في المتابعة على إطارات من مهندسين وتقنيين ولم يتم اللجوء إطلاقا إلى المناولة أو الوضع تحت التصرف لمهندسين وتقنيين من جهة”.
وتابع المتهم: “ومن جهة أخرى، فإن الوكالة في إطار نشاطها، يمكنها التوظيف أو طرح استشارات للاستعانة بمكاتب دراسات في بعض التخصصات، غير أنه يتم مراعاة مدى السماح بالتعاقد في إطار المناولة، وإن كان ذلك غير مسموح في العقد، فلا بد من موافقة أو ترخيص مسبق من المصلحة المتعاقدة”.
القاضي : ومن يحدّد الأسعار؟
المتهم: سيدي القاضي، الأسعار تحدّد في عقد الصفقة وبالنسبة للأسعار الوحدوية للأشغال التكميلية، يتم التفاوض بشأنها بين صاحب الأشغال ومكتب الدراسات، حيث يتم الرجوع إلى العرض المقدم من طرف صاحب الأشغال، ذلك من حيث التكلفة والفائدة ومقارنة ذلك مع ما هو موجود في السوق ويتم اعتماد السعر، وبالنسبة للوضعية الحالية، فإن الوكالة لم تجد أي تضخيم في الأسعار الوحدوية بالنسبة للملاحق التي تم إبرامها أثناء مرحلة متابعتها.
وفي هذا الأثناء، رئيس الفرع الثالث للقطب الاقتصادي والمالي يستدعي رئيس المشروع المتهم “س.ج” والمتهم “ك.ب”، متّار محقق بمكتب دراسات “سيتو” ويجري مواجهة بين الأطراف المتهمين الثلاثة لمعرفة مسؤولية من يحدّد أسعار الأشغال الإضافية، حيث رمى كل متهم الكرة في مرمى متهم آخر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!