ليبيا على كف الغرب
صالح عوض
-
-
6404
-
1
ما يجري على الأرض الليبية أو نحوها يكتنفه كثير من الغموض والمفاجآت، الأمر الذي أربك أصحاب القرار وكثيرا من المحللين، ذلك لأن البعض يضع قول الغربيين في لحظة من اللحظات كأنه ثابت في التحليل السياسي ويبنى عليه وتحدث المفاجأة بموقف نقيض فرتبك المواقف.
- من هنا نريد أن يكون واضحا أن الثابت الوحيد في السياسة الغربية أنه لا ثابت، بل الأمر متعلق بالمصلحة الخاضعة لدراسات مستمرة، وهذا يدفع الى سيناريوهات متعددة والى التفكير في بدائل مستمرة .. وهذا عكس منهج ساستنا وصناع القرار في بلادنا الذين يصبحون اسرى لمواقف الأمس ويتشبثون بمواقف الآخر الماضية..
- ان هذا مفتاح ضروري لولوج الملف الليبي الذي بدأ بغض الطرف الغربي عن ليبيا وما يجري فيها ولم تكن المذبحة في يوم الانتفاضة الاول بليبيا ذات اثر في السياسة الغربية وبقي الامر هكذا عدة ايام بل عدة اسابيع.. ظن القذافي ان هذا موقف ثابت واصيل للغرب نحو ليبيا.. وتخيل القذافي ان حجم الرشى المباشرة او التي على شكل مشاريع استثمار في الغرب تكفي لضمان غياب الموقف الغربي تجاه مايجري في ليبيا.. ويكون القذافي اصابه البله وهو يعتقد ان بامكانه ان يقوم بمثل ماقام به يلتسين بموسكو ضد البرلمان او ما قام به الامريكان في الفلوجة او ما قام به غيرهم من الدول العظمى في اوقات مختلفة.. فكانت مواجهته العنيفة مرتكزة على كل ماسبق وكأن دهاقنة الغرب ينتظرون اخطاء كافية لكي يتحركوا في الوقت المناسب، فبترول ليبيا يسيل لعابهم وهم مستعدون ان يفعلوا الاكثر من اجل السيطرة عليه وسيجدون من الحجج والاغطية السياسية مايكفي عندما يلزم الامر.
- وهكذا كان.. انتظر الغربيون حتى ضج العرب والليبيون من مجازر رهيبة ارتكبها القذافي في حق الامنين من ابناء شعبه الذين خرجوا مطالبين بالكشف عن قبور ابنائهم الالف ومئتين الذين قتلتهم اجهزة امنية ليبية فيما كانوا يقبعون في السجون.. اجتمعت جامعة الدول العربية واعطت مجلس الامن ورقة للتدخل لحظر الطيران العسكري الليبي بحجة الدفاع عن المدنيين فتحركت امريكا لتقصف المعدات والقاعدة التحتية للمنشآت الليبية وذلك قبل ان تحيل الموضوع الى الناتو الذي استمر في المهمات ولكن بوتيرة منخقضة ليمارس ابتزازا كافيا للثوار الذين وجدوا انفسهم في جبهة واحدة من حيث التنسيق الامني والمواقف مع الدول الغربية المحاربة في ليبيا..
- كان من المتوقع ان تفرض الادارات الغربية واقع الانقسام في ليبيا وذلك من خلال ميزان الضعف المتساوي على الجبهتين، الا انها بعد فترة طويلة من الصراع ومن خلال بعوثها الامنية التي مسحت الارض عادت لتقول ان ساحة الثوار خالية تماما من القاعدة كما جاء على لسان قائد الجيوش الامريكية في العراق.. بل ذهبت امريكا في تقييمها لجهة المجلس الانتقالي بأنه “يضم اناسا كانوا يشغلون مناصبا حكومية اي انهم يتمتعون بالخبرة والدربة وانهم يمتلكون رؤية للديمقراطية وصياغة دستور وبناء مؤسسات” كما جاء على لسان المتحدثة باسم وزارة الدفاع الامريكية..
- يمكن رصد التطور السياسي في الموقف البريطاني والفرنسي الذي ترافق مع زيارة ماكين المرشح للرئاسة الامريكية لبنغازي مع التطور الحاصل على الارض بعد ان وجه الناتو ضربات قاسية لقوات القذافي، مما اتاح للثوار السيطرة على مواقع عديدة من مصراتة والجبل الغربي والحدود مع تونس.
- يبدو ان الغربيين والامريكان بشكل خاص اقتنعوا الآن انه حان وقت الحسم في المعركة عسكريا، الامر الذي دفعهم للاعلان عن بدء عمليات قصف بطائرات بدون طيار.. وهكذا يبدو ان دخول مستشارين عسكريين بريطانيين وايطاليين وفرنسيين والافراج عن بعض اموال ليبيا المجمدة وتزويد المجلس الانتقالي بها كل ذلك يسير في اتجاه التسريع بالقضاء على نظام القذافي الذي فقد كثيرا من قوته واصبحت العزلة عليه خانقة.. لقد اصبحت ليبيا اليوم الى حد كبير تحت رحمة الناتو والدول الغربية.
