ليلة القبض على غوركوف وبراهيمي وسوداني
لم يسبق للمنتخب الوطني لكرة القدم أن مر بمرحلة صعبة وعسيرة مثل التي تحدث له هذه الأيام.. لاعبون محترفون يتشاجرون أمام أعين ملايين الجزائريين وآخرون يرفضون الجلوس في دكة الاحتياط ويتلفظون بعبارات بذيئة، وبعضهم يدعي الإصابة ويرفض الالتحاق بـ”الخضر”، خاصة في التنقلات البعيدة إلى القارة السمراء، ومدرب مسكين لم يتمكن من الحفاظ على الانضباط والسيطرة على كتيبته، وأنصار يطالبون بالمعجزات حتى في اللقاءات الودية، ويخلطون برنامج التقني الفرنسي في اختيار بدلائل مستقبلية هو في أمس الحاجة إليها، خاصة في اللقاءات الرسمية ليصبح مجبرا على اللعب وديا من أجل الفوز لإسكات أفواه لا يهمها سوى الانتقاد والظهور إعلاميا وإيهام الرأي العالم بقدرتهم على الإشراف على العارضة الفنية، غير أن مشوارهم التدريبي منعدم ولا يمكنهم من الإشراف حتى على حصة تدريبية لمنتخب الكتاكيت.. الجميع نسي عمدا عندما كان يلعب الرجال من أجل إسماع كلمة الجزائر إلى كل العالم، فأعطى مثلا فريق جبهة التحرير الوطني درسا في الوطنية إلى كل العالم، عندما ترك زيتوني ومخلوفي وبن تيفور وزوبا وكرمالي وآخرون أنديتهم وأموالهم للالتحاق بالقضية الجزائرية، ورفض البعض منهم حتى لعب كأس العالم مع فرنسا من أجل وطننا العزيز، وأجيال أخرى من جيل لالماس، مرورا بجيل عصاد وبلومي وماجر، إلى عهد المتوجين بكأس إفريقيا وصولا إلى الكتيبة السعدانية، الذين كانوا يلعبون دون حسابات ولا ابتزاز.. حتى أصبحنا اليوم نمنح المال والجاه إلى هذا الجيل من اللاعبين ممن همهم الوحيد هو التلاعب بمشاعر الجزائريين والاهتمام بمصلحتهم الشخصية رغم أن غالبيتهم ينشطون في أندية ضعيفة ما عدا البعض منهم، فماذا ستكون الحال لو كانوا يلعبون للبارصا والريال والبايرن وغيرها… هنا الطامة الكبرى.
صحيح، ربما أخطأ المدرب الوطني كريستيان غوركوف عندما لم يضرب بيد من حديد هؤلاء اللاعبين، الذين كانوا في عهد المدرب السابق منضبطين ويخافون حتى من التأخر دون مبررات، ودخل التقني الفرنسي في متاهات يصعب الخروج منها، خاصة أن الجميع أطلق صافرات الإنذار مطالبين برحيله، ولم يجد حماية كافية من محيطه وتركه يسبح لوحده ضد التيار، لن يخرج منها ما لم تتدخل السلطة الكروية وتوقف هذه الحملة الشرسة، التي جعلته يلوح بالاستقالة بعد مباراة تنزانيا، وهو الذي كان يتحدث عن برنامج طويل المدى قتله أعداء النجاح في المهد.
عندما ترى لاعبين مثل براهيمي وسوداني يتشاجران على أتفه الأسباب، يمكن قراءة السلام على منتخبنا الوطني الذي عجز مسؤولوه عن فرض الانضباط على لاعبين أعطتهم الصحافة الوطنية أكثر مما يستحقون، فلم نسمع أن لاعبين أفارقة من طينة دروغبا وإيتو ويايا توري وأبو تريكة يتشاجرون فوق الميدان لأن مستواهم الكروي يسمح لهم فقط بتشريف بلدانهم قاريا وعالميا وليس صنع “التبهدايل” فوق ميادين الكرة.
رسالتي إلى رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، التشديد على ضرورة العودة إلى الصرامة قبل فوات الأوان ومعاقبة كل من تسمح له نفسه بالتلاعب بمصير المنتخب الوطني.. نحن حقا في حاجة إلى براهيمي وسوداني وسليماني وفيغولي وكل اللاعبين، لكن عليهم احترام القميص الذي يلعبون به والجمهور الذي يتنقل من أجلهم.