الجزائر
لا تملك تلفازا ولا مذياعا ولا ثلاجة ولا مدفأة

مأساة عائلة فقيرة تتدفأ على الحطب بسكيكدة

الشروق أونلاين
  • 31880
  • 93
الشروق

في قرية معزولة تُدعى زروبة التابعة لبلدية بني زيد الواقعة على سفوح الجبال وأقصى أطراف غرب ولاية سكيكدة، حيث يكون للحياة طعم المعاناة ومرارة الشقاء، في سجن الأحياء، يتحوّل إلى فرن في الصيف وثلاجة في الشتاء، هو ملك لحموها تقطن عمتي حفيظة زوجة احمد لخشين بن صالح، رفقة أولادها الستة، في بيت لا يزيد طوله عن أربعة أمتار وعرضه أقل من طوله تنخفض بداخله درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، يمتاز ببرودة قاسية شتاءً، في منظر إنساني قاس، بدأ يتحوّل إلى معاناة نفسية للأبناء بعدما بلغوا سن الرشد خاصة البنت سارة ومحمد اللذين غادرا مقاعد الدراسة بسبب الفقر قائلين “فقدنا الأمل ونحن نرى مصير والدنا يتغير يوما ما، إنه مريض وفقير وعاجز عن تقديم أي شيء لنا نراه يغرق في بحر عميق من الحيرة والتشاؤم، حتى أنه أصبح لا ينتظر أي شيء يفرحه ويفرحنا به”.

 وقد تحمّلت الزوجة الأعباء بعد أن نخر المرضُ جسم معيل الأسرة الوحيد الذي يقضى رفقة ابنه إيهاب أيامهما ولياليهما في المستشفيات، بحثاً عن الشفاء من أمراضهما المزمنة؛ القلب وفقر الدم.

 وتعيش العائلة وضعا ماديا يندى له الجبين وتقضي أيامها ليست كباقي عائلات مشتة أولاد الزاهي الثورية، وإن اشتركت معاناتها مع غيرها من الجيران في نقاط أخرى، خلاصة المشكلة حرمان ما بعده حرمان، من أبسط الحقوق. 

كما أن العائلة مهدّدة بالطرد من البيت إلى الجبال المحيطة به، مطالبين السلطات المحلية لبلدية بني زيد التدخُّل العاجل لانتشالهم من الوضعية المزرية التي يعيشونها منذ أمد بعيد، يطبخان وسط كوخ يشبه خم  الدجاج، مبني في شكل هرم صغير وضيق، وينامان على أفرشة قديمة جدا، يفترشان الأرض، وينتظران الإعانة من أصحاب القرار.

 وقالت الزوجة وهي تبكي بحرقة “نحن نعيش في فقر مدقع، أطفالي يبكون ولا يمكنني إطعامُهم”، وتضيف بعد تنهيدة طويلة “تحملتُ أعباء المسؤولية منذ مرض زوجي سنوات التسعينيات، معظم أبنائي تعرضوا لحوادث دهس كثيرة، نظرا لصغر بيتنا، وبقائهم لفترات طويلة بالشارع كما أن مستواهم التعليمي تدنى لعدم وجود المكان المناسب لمراجعة الدروس، بسبب كثرة الضوضاء المنتشرة بالمكان الذي لا يوفر جوا مناسبا للمراجعة؛ فالابن الأكبر محمد وأخته سارة غادرا مقاعد الدراسة في سن مبكرة، وتشير إلى أن أولادها يعانون من ألم بالأطراف، نتيجة للبرد الشديد والرطوبة التي لا يخلو فراشهم منها، موضحة أنهم لا يقدرون على ثمن علاجهم ويكتفون بالمسكِّنات التي يحصلون عليها من ذوي البر والإحسان. خاصة الصغير إيهاب المصاب بفقر الدم.

 وتتابع الأم الحزينة على حال أبنائها حديثها عن وضعهم السيئ قائلة: “وضعنا المعيشي لا يسمح لنا بشراء كسوة لأبنائي، لذا أضطر إلى أخذ الملابس القديمة من أقاربنا لأولادنا، وأسأل الله أن يبدل هذه الحال للأحسن والأفضل. الأثاث المتواجد داخل البيت من السهل جرده في سطر واحد، لأن كل ما يوجد هناك يقتصر على أوان متسخة يعلوها الصدأ وبعض الملاعق يغمرها الذباب”.

وأضافت البنت سارة بحرقة قائلة “عائلة أبي المتكوّنة من 8 أشخاص فقيرة جدا وتعاني من ظروف قاسية، منذ نعومة أظافري ونحن نعاني ويلات الفقر بحكم أن أبي بطَّال”، بكت بحرقة وطلبت من ذوي القلوب الرحيمة مدّ يد المساعدة لأن بيت أبيها فارغٌ لا تلفاز فيه ولا مذياع ولا ثلاجة ولا مدفأة غير كانون من الحطب بالمطبخ تجتمع حوله العائلة، لم يكن بوسعها نقل الصورة الواقعية كما هي؛ فالكلمات لا تستطيع وصف ما هو موجود. أجساد أفراد الأسرة نحيفة وشبه ميتة، لا حركة فيها، بل هي جثث هامدة، فقط الجلد يكسو العظام، وأنت داخل البيت لا تسمع إلا همس حركاتهم فلا كلام ولا أحد يسمعك. 

وختمت الزوجة المسكينة حديثها لنا قائلة “لقد انتقلت بين مقرات الإدارات لكن إلى حدِّ الساعة فلا أحد يستطيع حل مشكلتي المتمثلة في منح سكن لزوجي يقينا قساوة برد الشتاء وأن يرأفوا لحالنا، وينتشلونا من حالة البؤس والحرمان التي أعيشها مع زوجي المغلوب على أمره وأولادي الستة الذين لم يبلغوا سن العمل. هذا هو حال هذه العائلة فكيف هي أحوال وضمائر ذوي البر والإحسان ومسؤولي بلدية بني زيد؟

مقالات ذات صلة