-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان

مؤشر‮… “‬استعادة‮ ‬التوازن‮ ‬الثقافي‮”‬

محمد عباس
  • 1615
  • 0
مؤشر‮… “‬استعادة‮ ‬التوازن‮ ‬الثقافي‮”‬

طالعتنا “الشروق”، الإثنين الماضي (5 مارس)، بدراسة(*)، تضمّنت بيانات وأرقاما – استدلالية – عن الحالة الراهنة للصحافة الجزائرية، بعد 20 سنة من الميلاد – القانوني – للتجربة التعددية في الإعلام المكتوب. وقبل تناول بعض هذه البيانات بشيء من التفصيل، بودّنا أن نتوقف‮ ‬عند‮ ‬بعض‮ ‬الملاحظات‮ ‬العامة‮ ‬التي‮ ‬تفرض‮ ‬نفسها‮ ‬بالمناسبة‮.‬

  • أولا: إن الصحافة المكتوبة – بحيويتها وتنوعها – أصبحت تغطي نسبة لا بأس بها من حاجات القارئ الجزائري المتعطش إلى معرفة ما يجري في بلاده.. كما يدل على ذلك تراجع اهتمامه بالصحافة الأجنبية عموما. وأعني هنا بصفة خاصة بعض فئات النخبة التي كانت فيما مضى مولعة بصحف‮ ‬مثل‮ “‬الأهرام‮” ‬و‮”‬لوموند‮”.‬
  • ثانيا: أن القارئ الجزائري مايزال مع ذلك متعطشا إلى رؤية نفسه بطريقة أعمق وتغطية أشمل.. ولن يتأتى له ذلك إلا بامتداد التغطية الكافية – كمّا ونوعا – إلى فضاءات التخصص الفني والثقافي والاقتصادي والعلمي..
  • ثالثا: أن المنظومة الإعلامية يمكنها – بعد 20 سنة من عمرها – أن تثمن أكثر علاقاتها المهنية بالسلطات العمومية، المطالبة بمزيد من سعة البال إزاء هذه التجربة الفتية، وتنظيم عملية تزويد المنظومة الإعلامية بما تحتاج من المعلومات؛ فضلا عن الأخذ بيدها في مجالات التخصص‮ ‬المختلفة،‮ ‬لضمان‮ ‬تغطية‮ ‬نوعية‮ ‬للحياة‮ ‬الوطنية‮ ‬في‮ ‬مختلف‮ ‬أبعادها‮.‬
  • – رابعا: أن التعاون بين رجال المهنة والسلطات العمومية يبدو أكثر من ضروري، لتطهير المنظومة الإعلامية – المشكلة حاليا من نحو 80 يومية وكذا من دورية! – من الغث التي يثقل كاهلها ماديا ومهنيا وأدبيا على أن توجه حصيلة هذا التطهير – من ناحية توفير المبالغ المالية‮ ‬والكفاءات‮ ‬المهنية‮ ‬خاصة‮ – ‬نحو‮ ‬تشجيع‮ ‬الأسبوعيات‮ ‬المحترفة‮ ‬والدوريات‮ ‬المتخصصة،‮ ‬القادرة‮ ‬وحدها‮ ‬على‭ ‬استيعاب‮ ‬التحقيقات‮ ‬الجادة‮ ‬والدراسات‮ ‬العميقة‮.‬
  • ويمكن‮ ‬أن‮ ‬نجمل‮ ‬بيانات‮ ‬الدراسة‮ ‬المذكورة‮ ‬في‮ ‬بعض‮ ‬الملاحظات‮ ‬كذلك‮ ‬منها‮:‬
  • 1‮- ‬أن‮ ‬هناك‮ ‬18‮ ‬يومية‮ ‬فقط‮ ‬يتجاوز‮ ‬مؤشر‮ ‬انتشارها‮ ‬1٪،‮ ‬في‮ ‬حين‮ ‬تسجل‮ ‬الدراسة‮ ‬أن‮ ‬40‮ ‬يومية‮ ‬لم‮ ‬يرد‮ ‬لها‮ ‬ذكر‮ ‬على‭ ‬لسان‮ ‬العينة‮ ‬النموذجية‮ ‬المكونة‮ ‬من‮ ‬2520‮ ‬فرد‮.‬
  • 2‮- ‬أن‮ ‬مؤشر‮ ‬انتشار‮ ‬الصحف‮ ‬العربية‮ ‬الخمس‮ ‬الأولى‮(‬1‮) ‬قدر‮ ‬بـ104٪،‮ ‬بينما‮ ‬لم‮ ‬يتجاوز‮ ‬مؤشر‮ ‬الخمس‮ ‬الأولى‮(‬2‮) ‬بالفرنسية‮ ‬32٪‮ ‬وتراجع‮ ‬حظ‮ ‬الصحف‮ ‬العمومية‮ ‬الخمس‮(‬3‮) ‬من‮ ‬الانتشار‮ ‬إلى‭ ‬ما‮ ‬دون‮ ‬6٪‮.‬
  • 3- غلبة الطابع الجهوي على الصحف الصادرة بالفرنسية، على غرار يومية “الوطن” التي بلغ مؤشر انتشارها في تيزي وزو مثلا 22.5٪. إلى جانب انهيار بعض الصحف العمومية مثل “الشعب” و”الجمهورية”، فالأولى لم يطالعها خلال عام كامل سوى اثنين من أفراد العينة! ولم يطالع الثانية‮ ‬غير‮ ‬فرد‮ ‬واحد‮!‬
  • 4‮- ‬أن‮ ‬مؤشر‮ ‬المواظبة‮ ‬على‭ ‬المطالعة‮ ‬اليومية‮ ‬يضع‮ “‬الشروق‮ ‬اليومي‮” ‬في‮ ‬الطليعة‮ ‬بـ53٪،‮ ‬يليها‮ “‬لوكوتيديان‮” ‬بـ52٪،‮ ‬بينما‮ ‬تتقاسم‮ ‬المرتبة‮ ‬الثالثة‮ “‬الخبر‮” ‬و‮”‬ليبرتي‮” ‬46٪،‮ ‬وتأتي‮ “‬الوطن‮” ‬في‮ ‬المرتبة‮ ‬الخامسة‮ ‬بـ38٪‮.‬
  • 5- أن مؤشر الانتشار الإجمالي يضع “الشروق” في المقدمة كذلك (37.7٪)، متبوعة بثلاث من أخواتها هي “الخبر” (27٪) و”الهداف” (25.4٪) والنّهار (10.4٪)، في حين تحتل أول صحيفة بالفرنسية وهي “الوطن” المرتبة الخامسة (9.3٪).
  • تؤكد الدراسة إذاً احتلال “الشروق” ـ خلال الأشهر الستة الماضية على الأقل ـ مرتبة الريادة في الإعلام الجزائري بدون منازع. وهي مرتبة تبرز مدى تعبير الصحيفة عن مشاعر وهموم “الجزائري العادي”. أي “المسلم العربي الجزائري”، حسب تعريف الشيخ البشير الإبراهيمي في ردّه‮ ‬غداة‮ ‬الحرب‮ ‬العالمية‮ ‬الثانية‮ ‬على‮ ‬صفة‮ “‬مسلم‮ ‬فرنسي‮” ‬التي‮ ‬ألصقتها‮ ‬إدارة‮ ‬الاحتلال‮ ‬بالجزائري‮ ‬كبديل‮ ‬للفظ‮ “‬الأندجين‮” ‬المهين‮.‬
  • ويواكب ذلك تفتح “الشروق” على أهم التيارات الأيديولوجية والسياسية، لاسيما الثورية والوطنية والإسلامية التي تضيق بها الصحف الفرنكفونية المنغلقة على نفسها عموما، والتي تعوّدت على اجترار خطاب أيديولوجي، تردده فئات من “النخبة” لاستهلاكها الخاص والمحدود. وفي الدراسة‮ ‬تأكيد‮ ‬للطابع‮ “‬النخبوي‮” ‬لهذه‮ ‬الصحف‮.‬
  • ولعل‮ ‬من‮ ‬أهم‮ ‬النتائج‮ ‬التي‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬نخلص‮ ‬إليها‮ ‬بناء‮ ‬على‮ ‬دراسة‮ ‬الإثنين‮ ‬الماضي‮:‬
  • أ‮- ‬الاطمئنان‮ ‬على‮ ‬مستقبل‮ ‬الصحافة‮ ‬بالعربية؛‮ ‬ذلك‮ ‬أن‮ ‬فئات‮ ‬الشباب‮ ‬تمثل‮ ‬نسبة‮ ‬كبيرة‮ ‬من‮ ‬قرائها،‮ ‬عكس‮ ‬الصحافة‮ ‬بالفرنسية‮ ‬التي‮ ‬تعتبر‮ ‬فئات‮ ‬العقد‮ ‬الخامس‮ ‬وما‮ ‬فوقه‮ ‬من‮ ‬أكثر‮ ‬قرائها.‬
  • ب- أن المجتمع الجزائري – في غالبيته العريضة – يتجه نحو استعادة توازنه الثقافي – بعد هزة الاحتلال الفرنسي ومخلفاته – باستعادة اللغة العربية مكانتها ودورها كوعاء ثقافي وحضاري.. وفي هذا الاتجاه – الواضح – مايفسر – ويبرر – صرخة الرئيس أحمد بن بلة بتونس في 14 أفريل‮ ‬1962‮ ‬غداة‮ ‬الإفراج‮ ‬عنه‮ ‬ورفاقه‮: “‬نحن‮ ‬عرب‮!‬‭ ‬نحن‮ ‬عرب‮! ‬نحن‮ ‬عرب‮!”.‬
  • ‮——-‬
  • ‮❊ ‬دراسة‮ ‬من‮ ‬إعداد‮ ‬المعهد‮ ‬الفرنسي‮ “‬أمَّار‮ ‬المغرب‮ ‬العربي‮”.‬
  • ‮(‬1‮) ‬الشروق،‮ ‬الخبر،‮ ‬الهداف،‮ ‬النهار،‮ ‬النصر‮.‬
  • ‮(‬2‮) ‬الوطن،‮ ‬ليبرتي،‮ ‬لوكوتيديان،‮ ‬لوصوار،‮ ‬المجاهد‮.‬
  • ‮(‬3‮) ‬النصر،‮ ‬المجاهد،‮ ‬أوريزون،‮ ‬الشعب،‮ ‬الجمهورية‮.‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!