الرأي
قراءة هادئة في تقرير الخارجية الأمريكية

مائتا نصراني في الجزائر منهم 60 يعلنون انتمائهم والباقي يخفونه

الشروق أونلاين
  • 14092
  • 32

عند قراءتك للتقرير السنوي للخارجية الأمريكية المخصص للحريات الدينية، الصادر عن لجنة المؤتمرات الأسقفية الأوربية الذي تم عرضه في الفاتيكان.

فإن أول ما يلفت انتباهك تلك الفقرة التي أمروها على أنها حقيقة للاستناد إليها مستقبلا في حل مشكلة ما يسمى بالأقلية الدينية في الجزائر، والتي جاء فيها (أي الفقرة): أن المسيحية في دول شمال إفريقيا من بينها الجزائر تعتبر الأكثر مأساوية، وذكر ذات التقرير: أن نسبة المسيحية لا تزيد عن 0.5 ٪، وهي عبارة قصد بها معد التقرير تهوين القضية وإمرار المعلومة مرور الكرام.وبعد تفسير هذه العبارة وفك لغزها ثم عرضها على بعض الوثائق التي أقل ما يقال عنها أكثر مصداقية من هذا الأخير، يتبين أن في الأمر مكر، وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.

فنسبة 0.5 ٪ بالنسبة لمجموع سكان الجزائر الذي يبلغ ما يقارب أربعون مليون نسمة، هو   مائتي ألف نسمة (200.000 ) عدد أقل ما يقال عنه أنه مفزع ومفبرك.

وللقارئ أن يحلل سبب إضافة عبارة لا تتجاوز لعدد خيالي كهذا؟ هذه واحدة.

والثانية: عندما نقابل هذا التقرير بمعلومات صدرت من هيئة تنصيرية عالمية ومحلية يتبين للباحث عدم مصداقية ما في هذا التقرير من أخبار، منها: 

1- ما جاء في مؤتمر كلورادو لتنصير المسلمين الذي عقد في 15 / 05 / 1978، ألقي فيه بحث تحت عنوان “مقارنة بين وضع النصرانية والإسلام في شمال إفريقيا” لكريكوري، م، لفنكستون. ومما جاء فيه (رسم بياني لإحصائيات شمال إفريقيا) .

200 نصراني في الجزائر منهم 60 يعلنون إنتماءهم والباقي يخفونه

وفي الفصل السادس من نفس البحث تحت عنوان “إستراتيجية لشمال إفريقيا” وهو عبارة عن توصيات لصاحب البحث جاء فيها بمجموعة من الاقتراحات منها:

العمل على زيادة عدد المنصرين (بفتح الصاد) في الجزائر من 60 إلى 300 كحد أدنى…

وهو إعتراف بقلة المنصرين (بفتح الصاد) وإقرار بصعوبة التنصير في الجزائر. ومما يؤكد صعوبة التبشير بين أبناء الشعب الجزائري عموما، ما جاء على لسان وقلم أحد المبشرين في نفس المؤتمر في بحث تحت عنوان “الوصول إلى الذين لم يتم الوصول إليهم” وفيه جدول بياني يصنف الدول التي لها قابلية لاعتناق النصرانية والتي لها مقاومة شديدة لها.

 وهو جواب ورد على من يريد أن يتهم الجزائر عامة ومنطقة القبائل خاصة بهذه الأباطيل والتضخيم من حجمها لا تخدم إلا أصحاب الأغراض السيئة للبلاد والعباد. مستعينة في تحقيق ذلك الكذب والإشاعة والبهتان وجر بعض وسائل الإعلام المكتوبة خاصة، من حيث لا تدري لنقل الخبر من الضعيف إلى الصحيح، والله المستعان.

2-  وفي سنة 2005 م نشر أحد رؤوس التنصير في غرب الجزائر المدعو (ي.أ) له برنامج في قناة الخزي والعار التي تسمى زورا “قناة الحياة” تقريرا حول عملية التنصير في الجزائر، في مجلة OM international وهي مجلة تابعة لمنظمة التعبئة العالمية الإنجيلية تصدر باللغة الإنجليزية، يضخم فيه هذا الأخير حجم المتنصرين، حيث أوصله إلى 40.000 متنصر. إذا كان هذا عدد خيالي وهو كذلك. فما عسانا أن نقول في إحصائيات تقرير الخارجية الأمريكية؟

3- وبتاريخ 10 / 02 / 2008 أجرت جريدة الشروق اليومي حوارا مع أسقف الجزائر السابق السيد هنري تيسي صرح ووصف فيه نسبة المسيحيين في الجزائر بقوله: الجماعة المسيحية في الجزائر صغيرة جدا، وهي لا تتجاوز في مجموعها بين بقايا الأروبيين الذين لم يغادروا الجزائر بعد الإستقلال، بالإضافة إلى جماعات مسيحية جديدة تكوّنت منذ السنوات الـ15 الأخيرة، وهي جماعات تتكون من الطلبة الأفارقة الوافدين للدراسة في الجزائر وجماعات مسيحية جديدة تتكون من العمال المصريين الأقباط واللبنانيين المارونيين وبعض العمال الأوربيين العاملة في الجزائر.

وبعد قراءة بسيطة لهذه المعلومات نرجع إلى تقرير الخارجية الأمريكية وتبنيه لهذه السياسة في التلاعب في الأرقام الخيالية، والذي يدفع كل عاقل أن يتساءل:

1لماذا هذه المبالغة في التضخيم؟

2ولماذا وصف حال الجماعة المسيحية في الجزائر بالمأسوي؟

3وهل هو تقرير يدخر إلى أجل مسمى ليستعمل كمستند لإثبات دعوة ما، في المستقبل؟

4- وأخيرا ما هي الاقتراحات والتوجيهات التي ستتبناها بناء على هذه المعطيات المفبركة التي ادعاها التقرير، كل من الخارجية الأمريكية ودولة الفاتيكان، تحت رئاسة بنديكت السادس عشر، صاحب المحاضرة المشهورة المسيئة للإسلام ورسول الإسلام؟ 

*رئيس مركز ثيدوكلا للدراسات ومتابع لحركة التنصير في منطقة القبائل.

مقالات ذات صلة