رياضة
"كورونا" هدمت اللّذّات وفرّقت الجماعات

مادّيو “الجلد المنفوخ”.. هل هو موسم الفرار إلى الله؟

علي بهلولي
  • 3557
  • 5
ح.م

لعلّ أهمّ ما لفت الإنتباه بعد تفشّي جائحة “كورونا” عبر أرجاء المعمورة هذه الأيّام، رغم قسوة الفيروس وحصده لِآلاف الأرواح. هو عودة الرياضيين إلى رشدهم، بعد عبور طويل لِصّحراء التيه والضّلال.

ومعلوم أن كرة القدم الإحترافية التي تبنّاها الفكر اللّبيرالي المُتوحّش منزوع الأخلاق، وتجسدّت معالمها بِقوة في ثمانينيات القرن الماضي، أفرزت طبقة جديدة في المجتمعات، يُطلق عليها تسمية “النجوم” أو “الكواكب” أو “الأساطير”. بلغت أعلى درجات الغنى الفاحش، وتكاد تكون نسخة طبق الأصل لـ “فرعون” و”هامان” و”قارون” و”أكاسرة الفرس” و”قياصرة الروم”، وبقية الأقوام الهالكة.

وكتب المسؤول أوريليو دي لورينتيس رئيس نادي نابولي الإيطالي، في تغريدة له عبر موقع التواصل الإجتماعي “تويتر”، الأحد: “نحن أمام مناسبة غريبة جدا من عيد القيامة! الجميع مُحتجزون بِبيوتهم. نحن نُحارب عدوّا مُرعبا ومُتستّرا”. في تلميح إلى جائحة “كورونا”.

ومعلوم أن “عيد القيامة” هو أعظم وأكبر المناسبات الدينية عند النّصارى، وله تسميات أخرى مثل “عيد الفصح”. ويُحتفل به في فترة ما بين أواخر شهرَي مارس وأفريل من كل سنة. وقد تزامن عام 2020 مع الأحد الـ 12 من أفريل.

وأضاف رجل الأعمال الإيطالي البالغ من العمر 70 سنة، ورئيس فريق المدافع الدولي الجزائري السابق فوزي غلام: “يجب أن نعترف: قُمنا بِأشياء كثيرة سيّئة، وصدرت عنّا تصرّفات طائشة”.

محطّة للتأمّل والتدارك

أمّا مواطنه التقني كارلو أنتشيلوتي مدرب فريق إيفرتون الإنجليزي، فقد نقلت على لسانه الصحافة في بلده مُؤخّرا، قوله: “كنّا هائمين على وجه الأرض، وكان الهاتف المحمول مُثبّتا في أذننا. لم نكن نعرف طعما للدفء العائلي، حتى أنذرنا الرّب”. في إشارة إلى تفشّي فيروس “كورونا” المُميت.

وقال الناخب الوطني الإيطالي روبيرتو مانشيني: “يجب على البشر أن يستعيدوا نغمة اللّطافة. يُمكنك أن تكون الأقوى والأثرى والأجمل، ولكن فيروس كورونا يجعلك لا شيء!”.

وقال مواطنه اللاعب الدولي السابق والمُعتزل جانلوكا فيالي، الأحد، بعد شفائه من مرض السرطان: “مرضي لم يكن معركة مع الحياة، بل كان سفرا، لِنقل أهداني فرصة للتأمّل الرّوحي. و بِخصوص فيروس كورونا، أعتقد أنه بعد تبدّد خطره سيترك ندبات أخلاقية وعاطفية…”.

أمّا الناخب الوطني الأسبق والتقني الفرنسي كريستيان غوركوف، فلم يُجامل الفكر اللّبيرالي المادّي، وأكد أنه سبب فساد كرة القدم والبشر. عِلما أن هذا المدرب يميل إلى التكوين الرياضي، ويرفض اللّجوء إلى “المنشطات المالية”، المُرادف لِتسمين اللاعبين والأندية مثل الماشية، على حساب الإستثمار المستقبلي في مواهب اللعبة.

وأرغمت جائحة “كورونا” أنف المسؤول الأصلع جياني أنفونتينو رئيس الفيفا، وقال مُؤخّرا إنه لِأوّل مرّة في حياته صار يُؤمن بِأن كرة القدم ليست هامّة إلى هذه الدرجة، التي تكاد تُفضي إلى الجنون.

وقالتِ العرب قديما “ربّ ضارّة نافعة”، وقال رب العرب وغيرهم من الأقوام والمخلوقات، جلّ جلاله، في مُحكم التنزيل: “وَلَنبلونَّكم بِشيءٍ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصّابرين”.

مقالات ذات صلة