الرأي

ماذا بعد تاء التأنيث؟

جمال لعلامي
  • 2479
  • 11

لا أدري لماذا كلما عاد 8 مارس، كل سنة، عادت معه نفس “الهدرة”، وقالوا إنه “عيد المرأة”، غار معشر الرجال، وقالوا: “ومتى عيدنا؟”، والحال أنه لا يجب اختزال تكريم الأم أو الجدّة أو الزوجة أو البنت أو الأخت أو العاملة، وغيرهنّ، في يوم واحد يتيم، والمطلوب قبل تكريم المرأة احترامها، بدل “عبادتها”، أو تقديسها، والفصل بين حقها وواجبها!

ما يحدث في المجتمع الجزائري، و”الأزمة” الحاصلة بين بعض الرجال وبعض النساء، وبعض أشباه الرجال وبعض “المسترجلات”، يدفع العقلاء إلى التوقف مطوّلا كلما عاد “عيد المرأة”، فمنهم من يستغلّ هذا العيد للتلاعب بمشاعر النسوة، ومنهم من لا يتذكـّرهن إلا فيه، ومنهم من يتصالح معهنّ في هذا اليوم، ومنهم من يعقد معهنّ صفقات مربحة!

لا يختلف اثنان، ولا تتناطح عنزتان، حول تغيّر المجتمع الجزائري، فتغيّرت نساؤه وتغيّر رجال، فتغيّر الأطفال أيضا والقصّر، ولمن يريد أن يفنـّد هذه الحقيقة أو الإشاعة ويُسقطها في الماء، عليه أن ينظر إلى التحوّلات التي ضربت عُمق الأسرة والعائلة والفرد الجزائري، ولم يسلم منها للأسف الجامع والمدرسة والجامعة والشارع وغيرهم!

ألا ينبغي للمرأة والرجل، أن يتساءلا بكلّ براءة وواقعية، عن أسباب تنامي ظاهرة العنوسة، وظاهرة الطلاق، وظاهرة الخلع، وظاهرة الخيانة الزوجية، وظاهرة الأمهات العازبات، وظاهرة “أبناء الملاهي”، وظاهرة الزواج العرفي وزواج المصلحة.. كلها ظواهر تورط الرجل والمرأة معا!

يحقّ للنساء الاحتفال، كما من واجب الرجال الاحتفاء بهنّ، لكن أيّ حفلة لعريس الغفلة؟ وأيّ سُلفة لامرأة أو رجل “الدفلة”؟ وقد تخلى الطرفان، والشريكان، والزوجان، عن مهمتهما الأصلية والفرعية، وتحوّل كلّ طرف إلى “تاجر” يبيع ويشتري في الآخر، ولا تهمه النتائج والعواقب الوخيمة، ولا تهمّه أيضا سوء الخاتمة ولا حتى غضب الله وعقابه!

إن ما يحصل في مجتمعنا، تارة باسم “الدين”، وتارة باسم “القانون”، غيّر الكثير من أدوار الرجل والمرأة، وأحيانا تحوّل الرجل إلى امرأة، وتحوّلت المرأة إلى رجل، واختلطت المهام وتضاربت الصلاحيات، فاختلط الحابل بالنابل، و”خلات الحالة”، دون أن يتحدّد المحرم والمجرم، ودون أن يتمكن أيّ طرف من انتزاع ما له وما عليه، وهذه هي مصيبة المصائب!

مثلما كان قديما، لم يعد ارتداء “السروال” علامة وحيدة لـ”الرجولة”، مثلما يعد “الموسطاش” الترمومتر الأوحد لقياس درجة حرارة “الفحولة”، مثلما لم يعد “تاء التأنيث” مرافقا للجمع المذكـّر السالم.. فعلا، الله يستر، ومع ذلك، هناك فحلات من الواجب تكريمهن اليوم وفي سائر الأيام!

مقالات ذات صلة