جواهر
ينجزن الأعمال المنزلية بدقة ويستعملن الماء بغزارة

ماذا تعرفين عن “المسرسبات”؟

سمية سعادة
  • 5475
  • 32
ح.م

من لا يعرف المسرسبات، فهن نساء يجهدن أنفسهن كثيرا من أجل أن تبقى بيوتهن مرتبة ونظيفة طوال الوقت، في حين يواجهن صعوبة في الحفاظ على هذا القانون المثالي للنظافة وذلك لعدم قدرتهن على ضبط تصرفات الآخرين، كالزوج والأطفال والأهل الأمر الذي يجعلهن متوترات ومحبطات لشعورهن أنهن ربات بيوت غير ممتازات، وفي حين ينظر إليهن علم النفس من هذه الزاوية التي تربط الأسباب بالمسببات، يرى المجتمع أنهن نساء مجنونات بحاجة إلى رعاية أخصائي نفساني.

“سرسبة” ما بعد منتصف الليل!

والبحث عن المسرسبات في مجتمعنا ليس بالأمر الصعب، ففي كل بيت جزائري توجد مسرسبة واحدة على الأقل لأن المرأة الجزائرية مولعة بالنظافة والترتيب اللتين تجعلان بعض النساء يصبن بالوسواس القهري، وعن هذا الموضوع تقول أم سهام بنبرة فيها نوع الافتخار:أنا سعيدة لكون ابنتي ربة بيت ممتازة، لكن حرصها الدائم على أن يبقى البيت نظيفا ومرتبا طوال الوقت خلق مشاكل مع إخوتها الذكور الذين يشعرون بأنها تقيد تحركاتهم لكثرة التعليمات التي تحاول أن تفرضها عليهم، كغسل القدمين قبل النوم وعدم دخول الصالون ونزع الأحذية عند الباب، أما هم فلا يكفون عن مناداتها بالمجنونة، لاسيما أنها استيقظت ذات يوم من نومها دون أن تدري كم هي الساعة لتقوم بكي الملابس المتراكمة في الخزانة”.

“سرسبة” حتى الموت!

السيدة زهيرة امرأة في منتصف الستين، عاشت لسنوات طويلة في فرنسا ثم عادت إلى الجزائر مع زوجها بصفة نهائية، يقول أهل زوجها أن قلبها توقف فجأة وهي تحمل قطعة قماش كانت تنظف بها الأسطح الخشبية التي تقوم يوميا بتنظيفها، ولأنها لم تنجب في حياتها قام أبناء أخ زوجها بنقلها إلى المستشفى ليخبرهم الطبيب أنها ماتت قبل أن تصل إليهم، ويعتقد أهل زوجها جازمين أن قلبها لم يحتمل الأعمال الشاقة التي كانت تقوم بها يوميا، خاصة وأنها لم تنجب أولادا في حياتها وليس لديها من يقوم بتأدية الأعمال المنزلية عنها، والتي كانت تقوم بها بدقة متناهية وإتقان شديد وباستمرار حتى توقف قلبها.

امرأة من ماء!

فتيحة امرأة مهووسة بالتنظيف واستعمال المياه بغزارة لدرجة أن تسببت في إتلاف أجهزة كهربائية وإحداث ثقوب وشروخ في الجدران التي لا تتوقف عن تنظيفها بين فترة وأخرى، حيث تقول عنها أختها:”إنها مثل الرجل الآلي لا تتوقف عن العمل حتى وهي في قمة التعب، بل إنها تصر على انجاز الأعمال المنزلية لوحدها لأن الطريقة التي ننجز بها الأعمال أنا وإخوتي في نظرها غير مطابقة لمقاييس العمل المتقن، لكنها في نفس الوقت لا تكف عن الصراخ كلما اختل نظام البيت أو اتسخت الأرضية ولا تكف عن وصف نفسها بالخادمة التي لا يعيرها الآخرون أدنى اهتمام، وتصفنا نحن أخواتها البنات بالكسولات وغير القادرات على تحمل مسؤولية البيت في حال إذا تزوجنا، ولقد سبق وأن نصحناها بزيارة طبيب نفساني، ولكنها رفضت بدعوى أننا نتهمها بالجنون”وتدرك جيدا عائلة فتيحة أن عدم زواجها رغم بلوغها الخمسين، هو ما جعلها تحاول أن تنسى خيبتها بالإفراط في التنظيف واستعمال المياه بطريقة غير معقولة لدرجة أنها ذات مرة نزعت براغي التلفزيون وفتحته من الداخل ومسحته بقطعة قماش مبللة فاحترق على الفور.

السرساب وسواس

يرى علماء النفس أن وسواس النظافة، أو السرساب، يأتي على هيئة أفكار تسلطية واندفاعات أو أفعال قهرية وطقوس وحركات لا معنى لها، وكلما قصرت المرأة في انجاز هذه الأعمال بنفس الدقة والإتقان الشديد شعرت بالذنب لاعتقادها أنها مدبرة بيت دون المستوى، وفي طريقها للتخلص من هذا الشعور المزعج، تلجأ إلى طريقتها التي اعتادت عليها في التنظيف مما يجعلها تشعر بالراحة والرضا عن نفسها، ما يؤكد أن هذه المرأة تعاني من عدم الاستقرار النفسي، لذلك ينصح الخبراء النفسانيون المرأة المسرسبة بالتخلي تدريجيا عن عادات التنظيف التي تجعلها تشعر بأن صوت ما يأتي من الداخل يجبرها على انجاز الأعمال المنزلية بدقة متناهية، وعلى المرأة أيضا أن تقنع نفسها أن التوقف عن العمل وفق هذه طريقتها المعتادة لن يلحق الضرر بها أو بمنزلها وأنها ستظل دائما امرأة ناجحة طالما أن تؤدي واجباتها دون إفراط أو تفريط.

مقالات ذات صلة