-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ماذا لو يُتقِن كل مِنَّا عمله؟

ماذا لو يُتقِن كل مِنَّا عمله؟

ماذا لو يُتقِن كل مِنَّا عمله بعيدا عن السياسة؟ سؤالٌ ينبغي طرحُه اليوم وقد أصبح لزاما علينا أن نتحوّل من مجتمع معنيٍّ أكثر من اللازم بالشأن السياسي إلى مجتمع معني قدر اللزوم على الأقل بالعمل وإتقانه.

صحيحٌ أنّ للسياسة أثرا كبيرا على مختلف مناحي الحياة، وصحيح أن قرارا سياسيا غير مدروس يُمكن أن يُعطّل كثيرا من ذوي الإرادات الحسنة والمشاريع الطموحة، ولكن ينبغي ألا يُصبِح ذلك مُبرِّرًا للخمول والكسل والتلفيق في كل شيء!
إن السياسة الفاسدة قد تَدفَع ببعض الناس إلى الفساد، ولكنها لن تستطيع أبدا منع كل الناس من أن يكونوا صالحين وأن يؤدُّوا عملهم على أحسن وجه.

أليس من المبالغ فيه أن نَجعل من أخطاء السلطة مدخلا لعدم تحمُّل مسؤوليتنا ولعدم إتقاننا للعمل أو لانخراطنا في الإهمال حيثما كُنَّا؟

أليس من واجب كل منا محاسبة نفسه عن مدى مقاومته لفساد السياسة عبر إتقانه عمله قبل انتقادها وتحميلها كل المسؤولية في تردي الأوضاع؟ أليست هذه أولى درجات المقاومة قبل الانتقال إلى المستوى الأعلى فالأعلى؟ هل قمنا بذلك؟ هل أدى كل مِنَّا عمله بإتقان وتفانٍ رغم السياسة؟

لا شك أن هناك من فعلها ومازال، بل أن سبب استمرار وجودنا كدولة وكمجتمع إنما يعود إلى هؤلاء في أكثر من قطاع. لولاهم لانهار كل شيء. وعلينا أن نُثمِّن هذا الدور وأن نرفع التحية عالية لأصحابه في مجالسنا وأحاديثنا وكتاباتنا… ولو تمعنّا حولنا لوجدناهم أكثر عددا من الفاسدين، ولعدّلنا زاوية نظرنا بشأن الإصلاح أو التطوير نحو الأحسن، ولَبَدَتْ لنا الأساليبُ النضالية التقليدية بائدةً ومتأخِّرة عن زمنها، ولعرفنا أن من أسباب تخلُّفنا الأساسية هو إدماننا السياسة وتفريطنا في العمل ونسياننا لمبدأ الإتقان فيه رغم أنه من جوهر عقيدتنا وأساس إيماننا..

ولو تَمَعَنَّ كلٌّ مِنّا أكثر حوله، لوجد أن الكثير مِمَّن يزعمون ممارسة العمل السياسي نيابة عن الجماهير، قليل منهم مَن يعيش من كدِّ عمله، ونادرا ما كان مِمَّن أتقنوه… وفي المقابل سيجد أن أغلب الذين يعملون بجدٍّ وإخلاص ويُتقنون عملهم لا ينتبه إلا القليل إلى سياستهم رغم أنها هي السياسة الحقيقية وهم الأمل في أن تسود وتحكم ذات يوم… ولعل في استمرار ضعف المشاركة السياسية في الانتخابات عبر العالم دليلا آخر أن هذا الاتجاه هو الذي سيسود في المستقبل، وأن أفضل سياسة هي أن يبدأ المرء بإتقان عمله قبل أي ادِّعاءٍ بممارسة السياسة…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • عبد الكريم متبعي

    مهما كان الـغلبـة للسياسـة

  • ياسين

    بالفعل "أن أفضل سياسة هي أن يبدأ المرء بإتقان عمله قبل أي ادِّعاءٍ بممارسة السياسة…"...

  • لزهر

    علينا أن نفهم أولاً معنى السياسة لُغوياً و هي الترتيب و التنظيم أن نقوم بتجسيد مشروع ما على أرض الواقع وتنظيمه و ترتيبه من الآلف إلى الياء و يستفيد منه الجميع.

  • جزاءري

    الانسان المتحضر واللذي يحمل في ثقافته قيما اخلاقية وحضارية وسلوكية وتربوية لا يمنعه اي شيىء من ان يكون مخلصا ومتقنا لعمله تماما مثلما كان الانبياء غير متاثرين بمحيطهم مهما كان فاسدا. لكن من لا يحمل قيما وحضارة في ثقافته مثل الأعراب الاشد كفرا ونفاقا فانهم سيتحججون باي شيىء للركون الى الخداع والسطو. الحمد لله هناك فءة في الجزاءر وإن كانت ليست غالبة بل مغلوبة لكنها قد تكون السبب في انتشار الخير من جديد في الجزاءر .

  • كريمو

    بارك الله فيك. سألي انا: ماذا لو يعمل كل منا عمله؟ و لا لزوم لإتقانه. دعونا من السياسة. ان متأكد انا الجزائر ستصبح في احسن حال.