مارشيلو ليبي للشروق:الفاف لم تتصل بي لتدريب الخضر
انجاز تاريخي فإخفاق… محطتان هامتان في مشوار تدريبي تحت سماء زرقاء مليئة بالعواصف الهوجاء لإعلام ايطالي لا يرحم، يحلق بك في السماء ليهوي بك في مكان سحيق، فلم تشفع له نتائجه مع اليوفي والمنتخب الايطالي من النجاة من مقصلة الإعلام، ثم طلاق فعودة… عنوانان بارزان لعلاقة من أهدى “الأزوري” تاجهم العالمي الرابع بمهنة التدريب. بهدوئه المعتاد وشخصيته القوية، أكد “مارتشيلو ليبي” قراره بالعودة للتدريب بعد استراحة محارب. الشروق اليومي التقت به على هامش مشاركته في معرض “سباير فور فوت الرياضي” الذي احتضنته قاعة مؤتمرات أكاديمية ”أسباير” للتفوق الرياضي فكان لنا معه هذا الحوار…
- كيف وجدتم استعدادات قطر لاحتضان كأس العالم 2022 من خلال مشاركتكم في مؤتمر ”سباير فور فوت الرياضي” الذي احتضنته قاعة مؤتمرات أكاديمية ”أسباير” للتفوق الرياضي؟
بودي أن أشير أولا إلى أن المؤتمر كان ناجحا بكل المقاييس، وكان بحق فرصة رائعة للتعرف على ما بلغه هذا البلد من تقدم في مجال التسيير الرياضي، وتمكنا خلاله من الاستفادة من خبرات بعضنا البعض عن طريق الأنشطة والندوات التي تم عقدها.. أما بخصوص كأس العالم فقطر تؤكد يوما بعد يوم أحقيتها بنيل شرف تنظيم المونديال، خاصة وأنها تملك هياكل قاعدية بمواصفات عالمية، ولمست لدى مسؤولي الرياضة في هذا البلد من خلال حديثي إليهم رغبة جامحة في تنظيم تظاهرة ناجحة بكل المقاييس لإعطاء انطباع حسن عن أول مونديال يقام ببلد عربي، وبالتالي الكل يراهن على قطر لإعطاء صورة ايجابية عن التطور الذي تعرفه كرة القدم في هذه المنطقة وأتمنى لهم كل التوفيق في ذلك. - أشرفت الأسبوع الماضي على فريق “مصرف أبو ظبي الإسلامي” الذي انهزم خلال المباراة الخيرية التي أقيمت لصالح أطفال ليبيا أمام.. )يقاطع)..لا يهم التفوق أو الانهزام في تلك المباراة بقدر ما يهم الجانب الإنساني لهذه المبادرة الذي كانت الهدف الأساسي لكل النجوم المشاركين فيها..
- وماذا عن رابح ماجر الذي أمضى هدفين في هذه المباراة ولم يفقد شيئا من إمكاناته وهو الذي تجاوز عقده الخامس؟
- بالنسبة لماجر، فبمجرد أن تسمع اسمه يتبادر إلى ذهنك ذلك الهدف الرائع بالعقب، فهو لاعب من طينة الكبار ولازال يحافظ إلى يومنا هذا على لوحاته الفنية الرائعة، التي مافتئ يقدمها مع بورتو، فالكرة الجزائرية التي أنجبت نجوما ومواهب كماجر وزيدان، من حكم المؤكد أنها تستحق مكانتها ضمن أحسن المدارس الكروية في العالم.
- لكن زيدان اختار المنتخب الفرنسي في مشواره الدولي، وهو لاعب فرنسي، أصوله جزائرية؟
- بالنسبة لي زيدان يبقى لاعبا جزائريا رغم اختياره اللعب للمنتخب الفرنسي، صحيح أن العديد من اللاعبين يختارون منتخبات أخرى غير منتخبات بلدانهم الأصلية، لكن هوية طريقة اللعب لا يمكن اختيارها، لأنها تولد مع اللاعب بالفطرة، وهو ما ينطبق على زيدان الذي من خلال إشرافي على تدريبه في اليوفي، اعتبر أن هوية لعبه في أساسها جزائرية بحتة.
- يبدو أنها مجاملة فقط؟
- لا، أبدا، أنا لا أجامل، ولما أقول لك أن زيدان يلعب كرة تميل لمنطقتكم، فأنا أعي ما أقوله، زيزو يعتمد على قدراته الهائلة وعلى ذكائه وحسه القوي في الملعب وهي صفات أجدها دائما في لاعبي منطقتكم.
- هل هناك لاعب معيّن تريد الإشارة له ربما سيكون خليفة لزيدان؟
- من يعمل ويكد سيكون خليفة لزيدان.
- لماذا ترفض العودة مجدّدا للتدريب؟
- أرفض لا، كل ما في الأمر أني أخذت عاما راحة بعد المونديال، ولم أكن قادرا على العودة لتدريب أي ناد.. وعدت مع المنتخب الايطالي، لكننا لم ندرك النجاح، وحاليا أبحث عن تجربة أخرى، لكن مع منتخب في كأس العالم 2014.
- يعني أنك لن تدرب الأندية مجدّدا؟
- (يبتسم فقط) إلا إذا احتاجتني جوفنتوس فسأكون حاضرا، لكن أتمنى أن لا يحتاجوني ”يبتسم مجدّدا”..
- تم تداول اسمك كأحد ابرز المرشحين لتولي مقاليد العارضة الفنية للمنتخب الجزائري في وقت سابق قبل أن يتولى المهمة البوسني خليلوزيتش، فهل كانت هناك مفاوضات مع الاتحاد الجزائري؟
- لم تكن هناك اتصالات حتى تكون هناك مفاوضات، خاصة وأن فكرة العودة للتدريب لم تكن مطروحة بتاتا لدي وقتها، لكن للأسف العديد من وسائل الإعلام ربطتني بالعديد من النوادي والمنتخبات الوطنية خلال الفترة السابقة رغم أني صرحت مرات عديدة بأني أقضي فترة راحة. ولا أفكر في الإشراف على أي منتخب أو ناد، لذلك كل ما تم تداوله في الفترة السابقة هو مجرد كلام موجه للاستهلاك الإعلامي لا غير.
- بما أن ليبي قرر العودة للتدريب من بوابة المنتخبات، فهل يمكن أن نراك يوما ما على رأس العارضة الفنية للمنتخب الجزائري؟
- عندكم مدرب يقود حاليا منتخب بلادكم.. أتمنى له ولكم كل التوفيق والنجاح. فالكرة الجزائرية لها من المواهب ما يمكنها من فرض نفسها..
- يورو 2012 على الأبواب، فما هي المنتخبات التي يرشحها ليبي للتتويج به، وما هي حظوظ ”الأزوري” في ذلك؟
- أظن أن المنتخب الاسباني المتوج بكأس العالم الأخيرة سيكون أبرز المرشحين للتتويج والدفاع عن لقبه، إلا أن مهمته لن تكون سهلة في ذلك أمام منتخبات لها تقاليدها في “اليورو” كالمنتخبين الألماني والانجليزي، كذلك المنتخب الايطالي بجيله الجديد من اللاعبين يقدم مستوى رائعا وله حظوظ كبيرة في التنافس على اللقب الأوروبي إن حافظ على نفس المستوى الرائع الذي أظهره في التصفيات، وبدرجة أقل منتخبات هولندا وفرنسا والبرتغال والدانمارك التي عودتنا على بلوغ أدوار متقدمة من المنافسة وبإمكانها إحداث المفاجأة.
- المنتخب الاسباني مكوّن من لاعبي برشلونة، في رأيك ما سرّ تألق هذا النادي الملفت للانتباه؟
- برشلونة ناد يبذل فيه الجميع إسهاماته من أجل الفريق نفسه رغم أن الكثير من لاعبيه نجوم وهو فريق قوي وكبير ولديه قدرة على الاستمرارية وتكريس ثقافة النجاح وهذا شيء مهم جدا في كرة القدم، والأهم أيضا هو الحفاظ على عقلية الفوز بشكل دائم، ويمكننا أن نفكر في الأمور التي تجعل من النجاح مستمرا، ولذلك فإن التحفيز عامل مهم لدفع عجلة الفريق، وإذا أردت المزيد من الألقاب فإن الأهم هو ما يجري خلف الستار، أي كيف تحفز لاعبيك وأعتقد أن الجميع لابد أن يقاتل من أجل الفريق.
- بصفة عامة، هل المدرب هو من يصنع الفريق، أم يصنعه اللاعبون؟
- يجب على أي مدرب أن يترك الفرصة للاعبين للتعبير عن مهاراتهم القيادية داخل الملعب، وحتى لو كان هناك أكثر من قائد فإنهم قادرون على تسخير قدراتهم لصالح فريقهم.. ثم لابد للمدرب أن يكون له لاعبون بدلاء بمستوى أقرب للأساسيين داخل الملعب حتى الكبار منهم وهذه فلسفة يجب أن يفهمها اللاعبون.
- الكثير هاجمك بعد فشلك مع الأزروي رغم أنك أنت من جلبت لهم اللقب العالمي الرابع؟
- في حياة أي مدرب لا يوجد فقط النجاح، فهناك أيضا الإخفاقات، لكني محظوظ، لأنني أدركت الكثير من النجاحات في حياتي، ثم إن كل أيامي في التدريب كانت جيّدة بداية من نابولي، ثم اليوفي، ثم الأنتر فعودة لليوفي، حيث فزنا بالألقاب.
- الكثير لم يُرشح الأزوري للفوز بالتاج العالمي نظير انطلاقتهم في الدور الأول، هل كنت تملك عصا سحرية؟
- قلت للاعبين في مونديال 2006، إذا فزتم غدا في هذه المباراة )لم يكشف عنها( سنصل إلى دور نصف النهائي، لأننا سنتجنب المنتخبات الكبرى، ويتعيّن علينا أن نوفر طاقاتنا لمواجهتها في نصف النهائ،ي ثم النهائي، وهو ما حدث وفاز المنتخب الايطالي بتلك المباراة واستكمل طريقه بعيدا عن القوى الكروية العالمية الكبرى حتى وصل لنصف النهائي.
- نختم بالكتناتشيو.. هذه الصناعة الايطالية الخالصة أفقدت الكرة نكهتها عكس ما تقوم به منتخبات أمريكا اللاتينية التي تجعلك تستمتع بوجود شيء اسمه الكرة؟
- بما أنك تكلمت عن منتخبات أمريكا اللاتينية فهي حاليا تريد الحفاظ على تقاليدها الكروية، ورأيتم كيف أن منتخبا مثل البرازيل المنظم فنّيا حاليا يهتم بالتنظيم الدفاعي، أما ايطاليا فأقول لك كلمة واحدة، لقد فزنا بكأس العالم، لأنه كان لدينا دفاع قوي، خاصة في ظل وجود كانافارو، وبالتالي التقليد الايطالي هو ما جلب لنا كأس العالم لسنة 2006، وعليه فالتقليد هو الذي يحكم كرة القدم.