الجزائر
استقبله الرئيس بوتفليقة وتباحثا حول الملفات المشتركة

ماكرون: جئت إلى الجزائر لفتح صفحة جديدة

الشروق أونلاين
  • 10203
  • 19
ح.م

على وقع زغاريد النسوة اللواتي ارتدين اللباس التقليدي”الحايك” وهتافات: “تحيا الجزائر.. تحيا الجزائر”، استقبلت العاصمة، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أول زيارة رسمية له إلى الجزائر.

في ساعات الصباح الباكرة، توزعت الأدوار بين مصالح الأمن، التي شددت الحصار على مداخل العاصمة ومخارجها والطرقات الرئيسية والثانوية. ففرض أفراد الشرطة تعزيزات مشددة على محطات المترو ونقل المسافرين، وشكلوا جدارا بشريا من ساحة موريس اودان إلى غاية ساحة الأمير عبد القادر، في حين انتشر أفراد الأمن بالزي المدني في الأحياء والشوارع وحتى المقاهي. وشُوهد أفراد من “القناصة” فوق الأسطح والبنايات.

هذه الإجراءات كانت تتم بتوجيهات ميدانية من والي العاصمة عبد القادر زوخ، ورئيس بلدية الجزائر الوسطى عبد الحكيم بطاش، والمسؤولين على الأمن. فيما لازمت حوامة المصالح الأمنية أجواء البريد المركزي وساحة موريس أودان.

 

استقبال ضيف الجزائر بـ “الحايك والعجار”

وبدأت حشود الفضوليين تتوافد على أطراف الطرقات لاستقبال ماكرون في حدود الساعة العاشرة والنصف صباحا، ووصلت نسوة ارتدين “الحايك والعجار” واصطففن أمام بائع الورود بالبريد المركزي. وعلى بعد أمتار وقفت فتاتين بالزي التقليدي العاصمي” الكاراكو” حاملين باقة ورود.

ساعة البريد المركزي “العملاقة” كانت تشير إلى منتصف النهار عندما وصل موكب الرئيس الفرنسي، إلى قلب العاصمة قادما من مطار هواري بومدين .. لحظات من السكون عمّت المشهد فيما علا صوت الدراجات النارية والسيارات السوداء المصفحة التي كانت تسير واحدة تلو الأخرى.

نزل ماكرون من سيارته مرتديا بدلة زرقاء داكنة اللون تميل إلى السواد، مرفوقا بوزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لو دريان والسفير الفرنسي بالجزائر، والمؤرخ بنجامين ستورا المختص في الشأن الجزائري.

وصاحبه من الجانب الجزائري رئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ووزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة ووالي العاصمة ورئيس بلدية الجزائر الوسطى.

وانتظر الجميع نزول عقيلة الرئيس الفرنسي، بريجت ماكرون، من السيارة، رفقة زوجها وهي التي تعودت على مرافقته في كل زياراته الخارجية إلى الدول. لكن تبين أنها لم تأت برفقته.

 

من مطار هواري بومدين إلى الأمير عبد القادر                                   

ووزع ماكرون، عدة ابتسامات على الجمهور الذي تسمر لرؤيته، كما لوّح بيده للصحافة الوطنية التي كانت أمام بوابة البريد المركزي، بعد أن تم إعلامهم بأن اعتماد وسائل الإعلام لتغطية الجولة يخص الصحافة العمومية فقط وليس الخاصة وهي التي ظلت تراقب الحدث من بعيد، فيما لازمت الصحافة الفرنسية رئيسها ماكرون. 

وعلى وقع زغاريد النسوة سار ماكرون سيرا على الأقدام من ساحة البريد المركزي إلى ساحة الأمير عبد القادر، لقرابة الساعة من الزمن. حاول خلالها الاحتكاك مع المواطنين والتحدث إليهم.

وأبانت الزيارة مشاعر متناقضة في مواقف الجزائريين من الزيارة، فعند اقترب ماكرون من مجموعة شباب لإلقاء التحية عليهم خاطبه أحدهم: ” مرحبا بك ياماكرون في جزائر الاستقلال” ليضيف أخر على استحياء: ” لماذا قدمت..؟” . قبل أن يجيبه ماكرون : “أنا هنا لبناء علاقات مع الجزائر وطي صفحة الماضي لأنه علينا التفكير في المستقبل”.

 

“الفيزا”.. ومقهى “ميلك بار”

وفي خرجات معزولة هتف بعض الشباب مطالبين ماكرون بمنحهم “التأشيرة”. وصرخ أحدهم: “نحن لسنا أعداءكم بل نحن شعب واحد، ونسعد باستضافتكم بالجزائر”. وعند وصول الرئيس الفرنسي إلى مجموعة من المصطفين هتفوا بأعلى أصواتهم: “تحيا الجزائر .. تحيا الجزائر”.  

وتوجه ماكرون، إلى مكتبة “العالم الثالث” المحاذية لتمثال الأمير عبد القادر، الذي وقف عنده لدقائق، قبل أن يمر على مقهى “ميلك بار”، الذي يحمل رمزية تاريخية. وكان من المرتقب أن يتوجه ماكرون إلى جامعة يوسف بن خدة، لإلقاء محاضرة على الطلبة لكن تم إلغاؤها. كما تم تقليص عدد الأماكن التي كان يرتقب أن يزورها، ما دفع إلى التساؤل، لكن ماكرون علق في تصريح للصحافة مبتسما : “لا أعتقد ذلك.. وأنا أشكر الجزائريين والجزائريات على استقبالي وسعيد لأنني متواجد بالجزائر وفي اعتقادي الجميع راض”.

 

على الجيل الجديد تغيير نظرته لفرنسا

وظلت زيارة ماكرون للجزائر في فيفري الفارط أثناء حملته الانتخابية عالقة في الأذهان، وخيمت على زيارته الرسمية الأربعاء، حيث سئل عن أسباب تراجعه على تصريحاته السابقة بوصفه الاستعمار جريمة ضد الإنسانية ليجيب: “فعلا قلت ذلك عن قناعة لكن اليوم جئت لفتح صفحة مستقبلية جديدة في العلاقات الجزائرية الفرنسية خاصة مع الجيل الجديد الذي يجب أن يغيّر نظرته تجاه فرنسا”. مؤكدا بخصوص مسألة الذاكرة، أن مواقفه تجاه هذه المسألة “لم تتغير” آملا في فتح “صفحة مستقبلية” في العلاقات الجزائرية-الفرنسية.

وقال أيضا  “أود من خلال هذه الزيارة توجيه رسالة للشعب الجزائري وهي أنني أريد فرنسا إلى جانب الجزائر وتساعد شباب الجزائر على النجاح”. مضيفا: “مهمتنا هي المضي نحو الأمام واتخاذ قرارات مهيكلة للأشهر والسنوات القادمة لاسيما في المجال الاقتصادي والأمن الجماعي”.

 

ماكرون: سأعود إلى الجزائر في زيارة دولة خلال 2018

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال الندوة الصحفية التي عقدها مساء أمس بفندق الأوراسي عن قيامه بزيارة دولة إلى الجزائر خلال العام المقبل 2018، مؤكدا اتخاذ فرنسا لكل الاجراءات من أجل إرجاع جماجم المقاومين الجزائريين الموجودة في متحف الإنسان بباريس. وانتقد ماكرون قاعدة 49/51 وقال إن مراجعة قانون الاستثمار ستفتح أبوابا جديدة للتعاون بين البلدين. ورافع الرئيس الفرنسي لمساعدة الشباب الجزائري على تحقيق طموحاته، مشددا على أنه من الجيل الجديد المتحرر من عقد الماضي و”هذا هو الفرق بينه وبين رؤساء فرنسا السابقين” ممن زاروا الجزائر. وتعليقا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، قال ماكرون إن هذا القرار مؤسف ويخص الولايات المتحدة وحدها.

مقالات ذات صلة