الرأي

ماكرون في أزمة!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1250
  • 6
أرشيف

“أعتقد أنَّ المسلمين يعطوننا درسا.. فهم محقون في هذا الاتجاه، درس في التصدي للمادية.. إنهم أشخاصٌ لديهم روحانية، ولديهم أخلاقياتٌ، ولديهم التزام أخلاقي، لديهم قيمٌ يعتقدون أنه علينا أن نخجل نحن من إرسال كبار السن لدينا إلى دور المسنين”.. هذا الكلام في حق المسلمين لم يصدر عن داعية أو مفكر مسلم، بل صدر عن الفيلسوف الفرنسي “Michel Onfray” في معرض ردّه على الهجمة الشّرسة التي يتعرّض لها الإسلام والمسلمون في فرنسا بقيادة الشّاب المندفع إيمانويل ماكرون الذي ورّط بلده في أزمة مع العالم الإسلامي لأجل رسومات وقحة تستهدف الرّسول الكريم صلى الله عليه وسلم، دأبت إحدى النّشريات الفرنسية التّافهة على نشرها منذ سنوات.

فرنسا تعيش منذ عقود أزمة أخلاق وقيم، جعلت منها البلد الأول في العالم من حيث نسبة اللقطاء في المجتمع، أي الأبناء الذين يولدون خارج إطار الزواج، دون الحديث عن تمكين الشواذ من “حق الزواج” وتكوين عائلة بشكل يتعارض مع قوانين الطبيعة السارية على كل المخلوقات بما فيها الحيوانات، ومن الطّبيعي أن تسقط فرنسا في مستنقع الإساءة لكل ما يرمز للقيم والأخلاق والمقدسات والدين وترى في ذلك “حرية تعبير”، وهو بالذات ما فعله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون!

ومن الواضح أنّ الرّئيس الفرنسي لم يكن يتوقّع ردّة الفعل القوية من الشعوب العربية والإسلامية، بل ومن الحكومات التي أدانت الوقاحة الرّسمية الفرنسية، وفُتح الباب واسعا أمام مقاطعة المنتجات الفرنسية ما شكل ضربة قوية للاقتصاد الفرنسي، ويتضح ذلك من خلال المؤشرات الأولية في بورصة الأوراق المالية الفرنسية التي سجلت انخفاض قيمة الأسهم لكثير من الشركات الفرنسية.

هذه التطورات دفعت بوزارة الخارجية الفرنسية إلى إصدار بيان دعت حكومات الدول المعنية إلى وقف الدعوات لمقاطعة السلع الفرنسية والتظاهر، وقالت إنها تصدر من “أقلية راديكالية”، ومن الغرائب أن هذا النداء الذي يكاد يكون نوعا من الاستجداء يتزامن مع تصريح آخر لماكرون يقول فيه “لا شيء يجعلنا نتراجع أبدًا”، ما دفع إلى تأجيج الغضب في العالم الإسلامي إلى درجة أن مؤسسات حكومية في العديد من الدول انضمت إلى حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية.

وبالنسبة للجزائر فهي فرصة ثمينة للتخلص من التبعية الاقتصادية لفرنسا، وإذا نجحت المقاطعة عندنا فستكون ضربة قويّة للاقتصاد الفرنسي، لأن الجزائر لازالت تمثل سوقا كبيرة للشركات الفرنسية، أما إذا تطوّر الأمر وقرر الجزائريون التخلّص من التّبعية الثّقافية واللّغوية للبلد الذي استعمرنا ونهب ثرواتنا وتسبَّب في التخلف الذي نعيشه، حينها يمكن القول إن أهداف الثورة المجيدة قد تحققت.

مقالات ذات صلة