الرأي

ما أسهل التخوين!

قادة بن عمار
  • 7377
  • 32

كنّا نعتقد دوما أن “العمالة للخارج” تهمة يحدّدها التاريخ لا الجغرفيا، حتى خرج علينا رهط من المثقفين والمفكرين، ليغيّروا المفهوم ويكيّفوا التهمة حسب “الخارج” الذي أنت متهم بالولاء له، فان تعلق الأمر بالسعودية فأنت “وهابي ظلامي”، وان كان يرتبط بتركيا فأنت “اخواني أصولي” أما إن كنت متهما بالعمالة لقطر فأنت “داعشي”، في حين لو تعلق الأمر بفرنسا، فهو يحتاج إلى تفكير عميق، وإعادة نظر، بل هنالك من قد يخرج علينا قريبا بفتوى مضمونها، العمالة لفرنسا..”حلال..حلال..حلال”!

النقاش الذي انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لبلادنا، يُظهر فداحة الوضع الفكري عندنا، وقصور نظر عدد كبير من السياسيين والمثقفين، أو ممن يزعمون اكتساب هذه الصفات، فأن يوجه كاتب له مطلق الحرية في الترحيب برئيس بلد أو لا، أن يوافق على سياساته أو يرفضها، يوجه النقاش ضد من يختلف معه في الرأي ليقول عنهم خونة فهنا الكارثة!

والكارثة الأخطر حين يتهم البقية بتخوينه “على طريقة المثل:”ضربني وبكى سبقنى واشتكى” رغم أنه لا يمارس شيئا منذ صعوده إلى الواجهة  سوى التخوين والتكفير بصورة أو بأخرى!

هؤلاء يعانون من عقدة خطيرة، وهي عقدة “المختلف معهم” أحيانا، هم لا ينظرون إلى مسائل تتصل بالوطنية والدين والهوية والتاريخ والجغرفيا سوى من زاوية واحدة وهي الزاوية التي يكتبون بلغتها ويفكرون بمنطقها، ويصنفون الناس بحسب إيديولوجيتها!

صحيح أنه لم يكن يتعين على عبد الرزاق مقري أن” يحشر” حركته في التهليل لزيارة أردوغان، لكن “الله غالب”..قد يدفعك البعض أحيانا لممارسة “الهبال” بصورة علنية في سبيل الحفاظ على الحد الأدنى من العقل!

قبل أن يطالب كمال داود بمنع زيارة أردوغان، كان عليه أن يسأل نفسه، ماذا نفعل بـ28 ألف عامل في 797 شركة تركية مقرها في الجزائر؟ هل نقول لأردوغان خذهم معك؟ ثم ماذا عن الصفقات أو التبادلات التجارية التي تتجاوز 5 ملايير دولار سنويا ما بين البلدين؟ من سيعوضها؟

لماذا لم يمتلك كمال داود الجرأة ذاتها في نقد نورية بن غبريط وهي تحاكم المئات من الأساتذة وتعزلهم عن مناصبهم؟ ماذا لو كان نقابيو “الكنابست” من الإسلاميين؟، هل كان داود سيتوقف عن اتهامهم بالتآمر على “الوزيرة رائدة الفكر التنويري في الجزائري” وبأنهم “ظلاميون ورجعيون ووهابيون”؟ لكن للأسف، معظم من أضربوا ويطالبون برأس الوزيرة حاليا، هم من تيار غير ذلك الذي تعيش وتكتب وتقتات على نقده يا كمال داود؟؟

ثم عندما يتحدث هذا الكاتب عن تورط تركيا في المستنقع السوري، ماذا عن فرنسا؟ هل كانت طائرتها تحلق جوا من أجل السياحة هناك أو للتدريب؟ وماذا عن ليبيا، ألا تتحمل باريس الجريمة بأكملها منذ البداية؟ هل قال كمال داود هذا الكلام لصديقه “ماكرون” حين جالسه على مأدبة عشاء رفقة بوعلام صنصال أم أن الوقت لم يسمح!؟

مقالات ذات صلة