-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما بعد الانتخابات.. مرحلة العمل أهمّ

ما بعد الانتخابات.. مرحلة العمل أهمّ

يبدو لي أننا أضعنا الكثير من الوقت فيما نعتبره نضالا سياسيا، في الوقت الذي يُعَدُّ العمل أهم نضال في المرحلة الحالية والمراحل القادمة. لو بذلنا نصف الجهد الذي ضاع مِنَّا فيما نُسمِّيه سياسة، في البحث عن أي من أساليب العمل أكثر جدوى بالنسبة لنا للخروج من الحال التي نحن عليها لكانت النتيجة أفضل. لذلك فإن أي موعد انتخابي يمرّ نكون قد اقتربنا من ساعة الجد أكثر.

جرت الانتخابات الرئاسية، وجرى الاستفتاء على الدستور، وجرت السبت الانتخابات التشريعية وبعد أشهر ستجرى الانتخابات البلدية ونغلق الملف السياسي الذي طال حوله النقاش. ومهما كان موقفُنا من هذه الانتخابات ومهما كانت تحفظاتُنا بشأنها، أو حتى رفضنا لها، فإنها كانت، في تقديري أقصر طريق لِتَجنُّب الوقوع في متاهات لا مخرج منها ونحن نبحث عن إقامة نظام ديمقراطي متناقض مع ذاته مستعدّ للاعتراف بنتائج كل الانتخابات إلا تلك التي يفوز فيها الإسلاميون!

بمعنى آخر أننا بطيِّ ملف الانتخابات نكون قد تفادينا إلى حد كبير الفخ السياسي الذي وقعت فيه الكثير من البلدان العربية التي مازالت إلى حد الآن تعاني مما عُرف بالربيع العربي، حتى تلك التي جرت فيها انتخاباتٌ وُصفت بالنَّزيهة… وبهذا نكون على أبواب تحدٍّ، أكبر وأخطر من التحدي السياسي وعلينا الاستعداد لذلك.

سنعرف في السنوات القادمة صعوباتٍ جمّة في الجانبين الاقتصادي والأمني أكثر مما نعرفه الآن، ولا يمكننا التصدي لهما دون حد أدنى من التفرُّغ لذلك. ذلك أن النزاعات السياسية تبقى في كل الحالات مدخلا لاستنزاف طاقات الأمة وتبديد جهودها، ولا ينفع معها سوى التجاوز من خلال الحدود الدنيا للاتفاق، باعتبار أنه لا مجال لتوافق تام أو مثالي مهما حاولنا، لأن الغرب “الديمقراطي” سيمنعه كلما اقتربنا منه خوفا من الضرر الكبير الذي سيلحق به إن اتَّحدت القوى في دولة واحدة من الجنوب، فما بالك لو حصل ذلك بين مجموعات دول كما هو بالنسبة لشمال إفريقيا.

لذا نحن اليوم، ومهما كانت درجة رضانا عن النتيجة السياسية التي وصلناها من خلال الانتخابات، علينا أن ننطلق من إفرازاتها الإيجابية (لن يكون كل البرلمان سيئا) لغلق الملف السياسي وفتح الملفات الأكثر أهمية: الاقتصادي والاجتماعي والأمني.

والكل يُدرك أننا إذا تمكَّنا من خلق ديناميكية حقيقية في هذين المجالين من خلال رؤية إستراتيجية واضحة يصوغها خبراء في المجال تضع بناء اقتصاد وطني قوي وفعّال يكون في صالح المواطن وأمن مستتبّ يساعده على العمل، فإنَّ البرلمان أو أي هيئات منتخَبة أخرى أو أحزاب أو مجتمع مدني سيكونون مضطرّين إلى التكيف معها، وسيضطرون إلى التحول إلى الفاعلية وإلى الجِديِّة وإلى احترام القانون، المسائل التي غابت عنّا فيما مضى وكانت سببا في التدهور الذي وصلنا إليه.

إننا في الوضع الاقتصادي والأمني والوبائي، وفي ظل احتكار المعرفة والمعلومة والإعلام من قبل أقلية عالمية اليوم، في حاجة إلى إعادة قراءة لدور السياسة بشكل عامّ والبرلمان بشكل خاص، وعلينا أن ننسى التهويل، وألا نقع في التهوين… يمكننا أن نزيد من فعالية أي برلمان، مهما كانت نوعية المنتسبين له بإدراجه ضمن رؤية شاملة صحيحة تقوم على مبدأ العمل، كما يمكننا تحطيم هذا البرلمان وتشويهه وإفراغه من محتواه عندما تغيب الرؤية وتنتفي قيمة العمل. إن ما ينتظرنا أهم مما أنجزناه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ابو عمر

    العمل بناء على الباطل مصيره الفشل

  • ابن الجبل

    مازلنا نتخبط خبط عشواء منذ الاستقلال أي منذ 60سنة تقريبا .. فنحن تحت الطريق أو فوق الطريق ... المهم لم ندخل الطريق بعد !! ، ولكن سندخله يوما ، عندما تكون النوايا حسنة ، ويتخلى كل واحد عن أنانيته وعقليته : "معزة ولو طارت "!

  • سمير

    لم و لن يتغير شيء