-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ما بعد مرحلة الفوضى

ما بعد مرحلة الفوضى

بدأت الوقائع والاتجاهات الفرعية في العالم العربي ما بعد 2011 تُشير إلى أن الاتجاه الأعظمMega trend لهذه المنطقة يسير نحو الاضطراب والفوضى. وبالفعل عَرفت كافة الدول العربية هذه الحالة. ودفع كل بلد الثمن أو مازال بطريقة أو بأخرى: (حرب خارجية، حرب أهلية، اضطرابات داخلية …الخ)، فأيُّ مصير ينتظرنا؟ هل تجاوزنا مرحلة الاضطراب ونحن ندخل الاستقرار من بابه الواسع؟ أم علينا الحذر مما تُخفيه الأيام واستباق ما ينتظرنا من مشكلات وأزمات قبل وقوعها في مرحلة ما بعد الفوضى؟

يبدو أن بلادنا كانت من أكثر البلاد العربية قدرة على التكيُّف في السنوات القليلة الماضية برغم كافة النقائص التي عرفتها والظروف التي مرت بها. كانت مُستهدَفة بكل الوسائل لكي يَحدُث بها ما حدث للبلدان غير المَلكية في المنطقة، إما حروب خارجية أو أهلية يذهب ضحيتها آلاف الأبرياء (العراق، سورية، اليمن ليبيا، مصر…)، أو اضطرابات داخلية تمنع أيَّ تقدم أو بناء (تونس، السودان، موريتانيا، لبنان…). وجرت الوقائع والأحداث بها في ظرف خاصّ تميز بوجود اتجاهات فرعية خطيرة: أزمة اقتصادية نتيجة نفاد موارد صندوق ضبط الإيرادات، بالتوازي مع تدني أسعار المحروقات إلى مستوى غير مسبوق (أقل من 30 دولارا)، أزمة سياسية نتيجة بلوغ جيل الثورة نهاية مرحلته وصعوبة الانتقال إلى ريادة جيل جديد.. أزمة اجتماعية نتيجة التشويه الحاصل في منظومة القيم واضطرابها… الخ، وكان ذلك بمثابة المقدّمة الواضحة نحو الوقوع ضمن دائرة الاتجاه الأعظم المُسَطَّر للجميع: الاضطراب والفوضى.

كانت هذه هي الغاية المُبتغاة من أي حركة احتجاجية أو فعل مُطالب بالتغيير سواء كانت واعية بذلك أو لم تكن. صادقة أو غير صادقة، مُتلاَعبا بها أو مُستقِلة في إرادتها.. الاتجاه الأعظم كان هذا، والباقي إنما كانت فروعا وتفاصيل.

تفادينا هذا الاتجاه الأعظم ذا الطابع الاضطرابي بصعوبة بالغة وبأقل الخسائر. هل كان ذلك إلى غير رجعة؟

يبدو لي أن علينا الحذر على الأقل إلى غاية 2023 لكي ندخل مرحلة بداية الاطمئنان، بالنظر إلى بعض المتغيرات التي برزت في المدة الأخيرة على الساحة وتريد إعادتنا إلى مرحلة الاضطراب والفوضى (اقتراب الكيان الصهيوني من حدودنا، الترويج للطروحات الانفصالية، الضغوط الاقتصادية الداخلية، الاستفزازات الفرنسية بشأن الذاكرة ووجود الدولة الجزائرية، دور عُرَّابي الربيع العربي المشبوه في المنطقة…).

في انتظار ذلك، ليس هناك أفضل من تعزيز اللحمة الداخلية، والبحث عن عناصر الوحدة المعنوية والمادية بيننا، وتجميد ما وُجِد من خلافات بين الفرقاء الوطنيين، إلى غاية تعزيز قوة مؤسسات الدولة وإيصالها إلى بر الأمان.

ليس من السهل القيام بذلك، في ظل تكالب العديد من القوى الداخلية والخارجية على بلادنا.. ولكن علينا القيام به بلا تردد.. وتلك أدنى مساهمة إيجابية وبَنَّاءة مِنَّا في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن من أجل تفادي سيناريو الفوضى والاضطراب المُعَدّ سلفا، والدخول بفعالية ضمن ديناميكية إنجاز مشروعنا المستقبلي الذي باتت ملامحه تلوح في الأفق وبإمكانه مدنا بمزيد من الأمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • جزاءري

    ما زلنا في خطر شديد . اغلب الشعب الجزاءري يجهل ما يدور حوله و يمكن لاي محرض داخلي او خارجي ان يضرب الطبل ليجد ملايين الراقصين حوله ! ضف إلى ذلك ثقافة الضغاءن المنتشرة في المجتمع الجزاءري بشكل رهيب واللتي تبحث عن اي متنفس لها ولو في الحراك !