الرأي

ما بعد 2017؟

دعوة عدد من السياسيين والقائمين على أحوال المال والاقتصاد في الجزائر، وآخرهم أحمد أو يحيى، ومدير البنك الجزائري، ووزير المالية، الشعب الجزائري للاستعداد لما هو أسوأ، بداية من عام 2017، بتأكيد ذهاب الجزائر إلى المديونية بعد بضعة أشهر فقط من انهيار أسعار النفط وشدّ الحزام وجفاف احتياطي العملة الصعبة، يدفعنا للاعتقاد بأن المسؤولين في الجزائر لا ينظرون إلى ما هو أبعد عن رسم ظلهم، فقد عاشوا أيام البحبوحة وكأنها ستعيش أبدا، وها هم الآن يعيشون الانهيار وكأنه سيموت غدا، ولا أحد يعطينا الحلول أو استشرافه لحالتنا على المدى المتوسط، بسبب الأحوال الاقتصادية المحيطة من حولنا، وهو أسلوب حياة أدمن عليه الجزائري منذ أن ارتفع سعر النفط وقاد دواليب البلاد من افتقدوا الكفاءة، فحوّلوا “قمرة” القيادة إلى أشبه ما يكون بالحانة التي شعارها دائما “اليوم خمر وغدا أمر”، فمرّت سنوات الرخاء والسنبلات الخضر بسرعة فائقة، وها هي مرحلة السنوات العجاف تمر ببطء، وكأن الساعة متوقفة عند التصريحات المتشائمة، والتحذيرات مما هو آت، بداية من عام 2017

حيث سيجد الجزائريون دولة وشعبا أنفسهم أمام الحقيقة التي حاولوا الهروب منها، وهي اعتمادهم بالكامل على ريع النفط الذي ما عاد يلبي حتى ثمن استيراد النفط المستهلك في ركوب السيارات المستوردة، فمنذ بضعة أشهر خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات الأخيرة طلب الوزير الأول عبد المالك سلال من الجزائريين شدّ الحزام ليس للتقشف وإنما للرقص والغناء، لأن الثروة وافرة ولا تنضب، ثم عاد وزيره السابق للطاقة القادم من الولايات المتحدة الأمريكية ليقول للناس بأن زمن شد الحزام للإقلاع نحو الرقيّ قد حان، لأن أسعار النفط خلال عام 2017 ستتحسن وبأن الاقتصاد الجزائري في مأمن، ليطل وزير ماليته الحالي عبد الرحمان بن خالفة ليطالب الشعب بشد مركّز للأحزمة، لأن ما هو قادم سيكون معقدا بفعل جفاف الخزينة، وواضح بأن الجميع يدعو الجزائريين لشدّ الحزام كل بطريقته، وللشطحات تماما كما هو حال الحكومة التي لا يكاد يكون لها من عمل، أكثر من تتبع أسعار النفط كل صباح ومساء، في انتظار معجزة تعيدها لدعوة المواطنين، للرقص وتعود إلى أسطوانة الافتخار بما أنجزته من مشاريع من ريع النفط.

لقد عاش الجزائريون سنوات عصيبة تحت سيطرة صندوق النقد الدولي، ولولا الارتفاع القياسي لسعر النفط واستعمال كل الطاقات الممكنة لتصديره، ما تمكنت الجزائر من تسديد المديونية الثقيلة التي خنقتها، وما تمكنت من وضع بعض الملايير في الصندوق الاحتياطي للصرف بالعملة الصعبة، دون الحديث عن المال المبذر في الأبهّة والمشاريع الفاشلة والثروة المسروقة والمُحوّلة إلى الخارج وإلى الداخل في شكل أثرياء من العدم، وقصور وقناطير مقنطرة من الذهب في البنوك والمساكن، وكان رئيس الجمهورية في مناسبات عديدة قد حدد وجهة احتياطي الصرف في كونه موجّها للأجيال القادمة، ولكن السياسة الفاشلة للحكومات المتعاقبة التي اشترت السلم الاجتماعي بالمال الاجتماعي تجد نفسها الآن تأكل رأس المال وتأكل الجيل القادم، وتدعو لشدّ الحزام للرقص أو الإقلاع أو التقشف.. وثمن الحزام لن يكون في متناول الناس؟

مقالات ذات صلة