الجزائر
وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية في حوار للشروق:

مبروك على الإسلاميين إذا اختارهم الصندوق

الشروق أونلاين
  • 10260
  • 102
جعفر‭ ‬سعادة
وزير الداخلية خلال الحوار

أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، في حوار خاص لـ”الشروق”، أن كلمة الصندوق لن تعلوها كلمة في انتخابات هذا الخميس، حتى وإن اختار الإسلاميين، مشيرا إلى أن مشروع الدولة الإسلامية في الجزائر انتهى من قاموس الأحزاب السياسية، مستندا الى المبدأ الدستوري المكرّس للطابع الجمهوري للدولة، وكذا التعديلات التي أدرجها دستور 96.. ويجزم الوزير بأن هذه التشريعيات ستشكل مرجعية في النزاهة والشفافية، ومنعرجا حاسما للتغيير في حياة الجزائريين، غير أنه يرجع ذلك الى الإرادة السياسية لرئيس الجمهورية، ويرفض رفضا قاطعا‭ ‬فرضية‭ ‬الإملاءات‭ ‬الخارجية‭ ‬والضغط‭ ‬الأجنبي،‭ ‬معتبرا‭ ‬الجزائر‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ترضخ‭ ‬لضغوط‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬مصدرها،‭ ‬ووصف‭ ‬بعض‭ ‬مرتادي‭ ‬السفارات‭ ‬الأجنبية‭ ‬ممن‭ ‬تستهويهم‭ ‬الوشاية‭ ‬والتقارير‭ ‬المضللة،‭ ‬بخائني‭ ‬الوطن‭.‬وعن الضمانات ونهاية إمبراطورية الأحزاب الكلاسكية وإمكانية سقوط هيمنة أحزاب السلطة، قال أن هذا المصطلح لم يعد صالحا بعد أن انقلب البعض إلى المعارضة، وتوقع ولد قابلية محطات جديدة للإصلاح السياسي، تلي تعديل الدستور الذي لن يكون آخر محطة، وعن المحاور الكبرى للتعديلات،‭ ‬رفض‭ ‬الوزير‭ ‬الخوض‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬أنها‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬صلب‭ ‬صلاحيات‭ ‬البرلمان‭ ‬الجديد،‭ ‬مكتفيا‭ ‬بالتأكيد‭ ‬أن‭ ‬التعديل‭ ‬إذا‭ ‬مس‭ ‬جوهر‭ ‬صلاحيات‭ ‬السلطات‭ ‬الثلاث‭ ‬فسيعرض‭ ‬للاستشارة‭ ‬الشعبية‭.‬

انتهت اليوم رسميا الحملة الانتخابية، ما هو تقييمكم لها؟

نستطيع القول أن الحملة كانت في عمومها إيجابية رغم بعض النقائص، إلا أنه يجب أن نأخذ بالاعتبار أنها سجلت مشاركة 44 حزبا وأزيد من 100 قائمة حرة ، ومن ملاحظاتنا أن المترشحين بذلوا جهدا كبيرا للتقرب من المواطنين للإدلاء بآرائهم وإطلاعهم على برامجهم ويمكن القول أن خطاب المترشحين كان معتدلا، وسجلنا تجاوبا نوعيا من المواطنين، لأنه تم إحصاء 900 مهرجان استقطب حضور 10 آلاف شخص، لذا نعتقد أن الكلمة وصلت إلى أصحابها والكلمة الأخيرة طبعا للناخب، ونستطيع القول أنه لم يتم تسجيل تجاوزات تستحق الذكر، وحتى وإن وجد البعض منها، فتبقى طفيفة مثل فوضى الملصقات التي اجتاحت أماكن غير المساحات المخصصة لها، وأعتقد أن هذه الهفوات، يمكن تجاوزها، لأنها لا تمس بالعملية الانتخابية، كما أنها لا ترقى إلى مستوى تعكير صفو العملية الانتخابية .


السيد الوزير، رغم ذلك عرفت الحملة الانتخابية، مطاردات واعتداءات استهدفت رؤساء أحزاب، مث لما هو عليه الحال بالنسبة لأبوجرة سلطاني، وعبد الله جاب الله ولويزة حنون، وحتى مرشحين أحرار، هل تلقيتم شكاوى في هذا الإطار، وهل من إجراءات تعتزمون اتخاذها؟

هي سلوكات معزولة، اقترفها مواطنون، ونحن كجهة رسمية لم نتلق أي شكاوى من هذا النوع، على اعتبار أن اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات هي الجهة القانونية المخولة مهمة تلقي الشكاوى من هذا النوع، وهي معنية بتحويل هذه الشكاوى على لجنة الإشراف على الإنتخابات، التي تحمل الطابع القضائي، وبالنسبة لنا كدائرة وزارية مادام لا يوجد شاك فلن تكون متابعة، حتى وإن كانت في تقديري سلوكات منتظرة بالنظر للحماس والتنافس بين المترشحين.

وماذا عن العنف اللفظي بين رؤساء الأحزاب والمترشحين؟

العنف اللفظي بين المترشحين كان أكثر بكثير من العنف الجسدي طبعا، حتى وإن بقي عند حدود معينة.

ألا تعتقدون أن الاعتداءات على المترشحين هي تعبير صريح من المواطن عن رفضه لهم أو رفضه للانتخاب؟

رفض وقبول العملية الانتخابية لا يقاس بحالات معزولة، وإنما يقاس برأي الجماعة، لأن العملية الإنتخابية تخص مصير شعب برمته وليس جماعة بعينها، وعليه يستحيل تعميم هذا الرفض، أو قراءة اعتداءات المواطنين على أنها رفض جماعي للعملية الانتخابية.

سجلنا دعوات كثيرة لمشاركة قوية في موعد الخميس، منها دعوة الرئيس شخصيا، كم تتوقعون أن تكون نسبة المشاركة؟

أعتقد أن تشريعيات 2012، تختلف كلية عن سابقاتها، وحتى عن تشريعيات 2007، ذلك لأن الكثير من الإنجازات جسدت، كما أن الكثير من الأشياء تحققت، ونقف يوميا على تجاوب المواطن مع الإنجازات الموجهة له، خاصة بالنسبة للطبقات ذات الدخل المحدود من سكنات ومناصب شغل، وبالتالي فالظروف ومحيط الإصلاحات السياسية تجعل هذه الإنتخابات مختلفة عن سابقتها، خاصة إذا ما أضيف لها تأكيدات الرئيس أن الموعد سيشكل أول نوفمبر جديد، الأمر الذي ينبئ بأنه سيكون منعرجا حاسما، والتغيير آت وسيكون تغييرا جذريا، وأعتقد أن الشعب اقتنع بنداء الرئيس، ونحن نترقب منه استجابة قوية، وأتوقع نسبة مشاركة لا بأس بها.


رئيس الجمهورية قال أن الانتخابات تضع الجزائر تحت المجهر، كما أن الكثير من رؤساء الأحزاب خيروا الجزائريين بين نجاح الانتخابات أو التدخل الأجنبي، هل الأمر يتعلق بمخاوف فقط، أم أن هناك معلومات ومعطيات عن تهديدات خارجية؟

هذا الطرح لا يرقى إلى درجة الاحتمالات، ولا أرى ما هي الدولة التي بإمكانها أن تهدد الجزائر، لأن بلدنا معروف بدفاعه المستميت عن سيادته وكرامة شعبه وأمنه الداخلي، وجهود الدولة ظاهرة للعيان في جميع المجالات، سواء ما تعلق بالديمقراطية أو الحريات الفردية والجماعية، وكذا التنمية الموجهة للجميع على قدر المساواة، والجزائر لها خصوصياتها التي تجعلها في منآى عن أي مقارنة مع دولة عربية أخرى، وعلاقة الجزائريين بدولتهم جيدة، خاصة برئيسهم، لذا أؤكد أن قضية الإصرار على تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة هو قرار وطني، ولا علاقة له بأي إملاءات خارجية، وتواجد الملاحظين لا يعدو سوى شهادة على نظافة العملية ليس إلا، والجزائر لا ترضخ لضغط أية دولة مهما كان حجمها.

هناك العديد من الأحزاب تحمل الإدارة مسؤولية عزوف المواطن، ما ردكم؟

العزوف مرتبط بالعديد من المؤشرات.. أولها تقييم المواطن لأداء البرلمانيين، يليه تقييم المواطن لأحجام الأحزاب وأدوارها وبرامجها، وحتى ممثليها من المترشحين، وهنا نجد أحيانا المواطن ينفر من مرشحي الأحزاب.. هذه الأسباب الحقيقية للعزوف، واعتقد أن المواطن على دراية أن الإنتخابات هذه المرة ستكون مختلفة عن سابقاتها وستفضي الى الجديد، وصلاحيات البرلمان هذه المرة موسعة، لأنه سيتولى تعديل الدستور.

نفهم من حديثكم أنكم تحملون الأحزاب مسؤولية العزوف، لأن إقناع المواطن مهمتها؟

ليس بالضبط، فمسؤولية الإقناع مهمة الطرفين: السلطة والأحزاب، وبالتالي المسؤولية تشاركية، مهمتنا حماية إرادة الناخبين، ومهمة الأحزاب إقناعهم.

أغلب المواطنين يحملون الوزراء والولاة والمسؤولين المحليين الفشل والعجز، في المقابل يبرئون الرئيس بوتفليقة، ويعبرون عن ثقتهم في شخصه فقط، ما قراءتكم لهذا الموقف الشعبي؟

لا يحق لي أن أصادر آراء المواطن.. فعلا هي حقيقة، أن الشعب يحترم ويقدر رئيس الجمهورية كثيرا، لأن المواطن واع بجهود الرئيس خدمة للمواطن، بينما يوجد وزراء ومسؤولون إداريون وقائمون على مؤسسات عمومية وحتى نواب متخاذلين لا يقومون بأدوارهم كما يجب، وهذا لديه أسبابه، لكن هذا لا يعني أن كل المسؤولين المتواجدين في مناصبهم، هدفهم تكسير إرادة الرئيس، وإنما توجد أسباب موضوعية جديرة، لأن تكون جوابا على هذا السؤال.

اعترف رؤساء أحزاب باستخدام “الشكارة” في إعداد قوائم الترشيحات، هل ستتخذون عقوبات ضد المتورطين في تحويل الانتخابات إلى مواعيد للبيع والشراء؟

وصلتنا معلومات، لكن لا وجود لأدلة ثبوتية عن وجود الشكارة، كما أن هذا الحديث بقي عند مستوى الاتهامات، ولم نتلق شكاوى، فعلى أي أساس نحكم بين الراشي والمرتشي.. اعتقد أن العدالة هي الجهة المخولة للفصل في هذا الأمر.

هل تدعون ضحايا “الشكارة” لإيداع شكاويهم؟

إذا لم يفعلوا طيلة المدة السابقة فلن يفعلوها اليوم.

هناك رئيس حزب اعترف أن حزبه باع رؤوس القوائم الانتخابية، وهناك آخر قال أن حزبه بحاجة لهذه الأموال لتنشيط الحملة، هل من إجراءات عقابية في هذا الشأن؟

لجنة الإشراف على الانتخابات معنية في هذه الحالة بضبط الواقعة وتحضير الملف وتوجيهه للعدالة.

تقدمت اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات بعدد من المقترحات، لكنكم رفضتم الاستجابة لها، ما ردكم؟

لجنة مراقبة الانتخابات ليس من مهامها الاقتراح، فمهمتها المراقبة فقط، والقرار يقول أن الإنتخابات تحت سلطة الإدارة، والقانون الجديد قلص دور الإدارة عندما حول جزءا كبيرا من العملية على أطراف أخرى، ويتعلق الأمر بالقضاء، ومعروف أن اللجان الولائية والبلدية يرأسها قضاة، ومهمتنا تنحصر في الجانب التقني والمادي، لذا لسنا معنيين بالاستجابة لمقترحات خارج أطر القانون، فالقانون ينص على أن اللجنة مهمتها الرقابة حسب ترتيبات وإجراءات تدخل ضمن صلاحياتنا، وما كان لنا أن نتنازل عن مهام وزارة الداخلية لغيرنا، وقد وضحنا الأمر، وأعتقد أن نقص التجربة لدى لأحزاب المكونة للجنة هو ما جعلها تقع في اللبس، ومع ذلك نؤكد أن رفضنا أملته عدم قانونية المقترحات من جهة، واستحالة الأخذ بها من الناحية التقنية.

غربال الداخلية أسقط أزيد من 400 مترشح، اين كانت حجة خطر على أمن الدولة في هذه التصفية؟

هذه المرة لم يكن مكان لحجة خطر على أمن الدولة، كما لا يوجد من يشكل خطرا على أمن الدولة أصلا، وإنما الأمر تعلق بمجموعة من الشروط يجب أن تتوفر في المرشحين، هذه الشروط طبقت على أزيد من 25 ألف مترشح، فهناك أحكام واضحة منها أن لا يكون ذو سوابق عدلية ولا تصرفات لا أخلاقية، والمقاييس التي حددت أسقطت 748، وهناك من طعن والقضاء أنصفه، والـ400 سقطوا لعدم أهليتهم وذلك بموجب أحكام قضائية، واعتقد أن سقوط 400 من مجموع 25 ألف مترشح رقم معقول جدا.

هل أحصيتم بين المُسقطين نشطاء من الفيس المحل؟

الدستور واضح وقانون المصالحة يمنع هؤلاء من الترشح، لذا لم نجد من بين المُسقطين هؤلاء.

يبدو أن قانون الأحزاب الجديد فصل في الأمر أيضا؟

نعم.. المادة 4 من قانون الأحزاب منعت نهائيا هؤلاء من الممارسة السياسية.

أنباء من اللجان الولائية، تحدثت عن تجاوزات ملاحظي بعثة الإتحاد الأوروبي، وصلت لدرجة وصفت عملهم بالإستخباراتي والجوسسة، هل تلقيتم شكاوى؟ وهل من إجراءات؟

وصف جواسيس، وصف كبير وخطير جدا.. فبعثة الإتحاد الأوربي جاءت إلى الجزائر بناء على دعوة رسمية كملاحظين، وعندما نصف أداء مهمتهم بالجوسسة فهذا يحمل الكثير من المبالغة.. كل ما في الأمر أن بعثة الإتحاد الأوروبي تضم ممثلين عن أوروبا الشرقية غير مطلعين بما فيه الكفاية عن الوضع في الجزائر وعاداته وتقاليده.. هذا الجانب الخفي لديهم جعلهم يطرحون أسئلة، لا أعتقد أنها بغرض الجوسسة، وإنما قصد التعرف أكثر عن محيط الجزائر ويوميات المواطنين وتصرفاتهم، ولا يمكن اعتبار مجرد أسئلة عملية جوسسة، فالجوسسة شيء آخر، ممكن هناك من بينهم من شكلت لهم المناسبة فرصة لدخول الجزائر للتعرف عليها، والجوسسة عالميا اليوم لم تعد بهذا التعريف، فالمصطلح كله تغير، وأصبحت عملية تقنية محضة.

إذن تعتبرونها مجرد فضول زائد؟

هي فعلا كذلك.

عرفت الحملة الانتخابية تنشيط 9 أعضاء من الحكومة للعملية، ألم يثبت خرق الوزراء المترشحين والوزير الأول وأمين عام الأفلان للتعليمة التي تمنعهم من استغلال وسائل الدولة؟

السؤال يفرض علينا أن نقف عند تفسير معنى وسائل الدولة.. فوسائل الدولة هنا تعني أنه على الولايات والجماعات المحلية والبلديات أن لا تضع وسائلها خدمة لمترشح معين، أما إذا كان استخدام هؤلاء لسيارة المنصب أو الحرس الشخصي، فهذا لا يعني أبدا أنه استغلال لوسائل الدولة، لأننا ننظر الى الإضافة التي تنتجها وسائل الدولة في ترجيح كفة هذا المسؤول المترشح في حصد الأصوات.. نحن كوزارة للداخلية أصدرنا أوامرنا للولاة بعدم الاحتكاك نهائيا بالوزراء المترشحين بأي شكل من الأشكال لترجيح كفتهم في حصد الأصوات.

تقصدون وسائل استقطاب المواطنين، ما رأيكم في وعودهم إذن؟

إذا كان على الوعود، فقد سمعنا منها الكثير وحتى الغريب منها، فقد وصل الأمر بالنسبة لبعض المترشحين حد الحديث عن حل مشاكل العالم.. هي وعود انتخابية.

لكن وعد المترشح المسؤول يحمل إغراء أكثر من وعد مترشح آخر؟

إذا تعتقدون أن الوزراء سيحصدون أغلبية المقاعد بالولايات التي ترشحوا بها.. سنرى ذلك.

رئيس حزب اتهم الإدارة بالتمييز بينه وبين وزير لأنها فضلت هذا الأخير عليه في الترخيص لاستغلال قاعة؟

هي شكاوى لم تصلنا، لأنها تدخل ضمن صلاحيات لجنة الإشراف على الانتخابات.. لم نتدخل لصالح أحد وكل القاعات منحت بناءا على عمليات قرعة أجرتها اللجنة الوطنية لمراقبة الانتخابات.


تمنيات المشاركة القوية، تجاوزت الجزائريين فقد تمنى السفير الأمريكي من باتنة، المشاركة القوية للجزائريين، ألا تعتقدون أن مثل هذه التصريحات تدخل في الشؤون الداخلية للبلاد؟

سفير أمريكا يقود حملة انتخابية.. ومادام الأمر صادف الحملة الانتخابية فأعتقد أن أمنية السفير الأمريكي هي أمنية جميلة للجزائر.


التقى العديد من القيادات الحزبية بسفراء دول، واعترف البعض أن اللقاءات كانت للحديث عن الانتخابات و”التغيير” في الجزائر.. هل هذا النشاط ديبلوماسي أم أنه خارج الأعراف والتقاليد الديبلوماسية؟

قبل الحديث عن نشاط السفراء وأدوارهم الدبلوماسية.. يجب أن نتحدث عن الجزائريين كمواطنين قبل أن يكونوا مسؤولين.. مبدئيا نحن لا نشكك أبدا في وطنية الجزائريين مهما كانت فئاتهم، مادام لا وجود لأدلة تقول أن المترددين على السفارات هدفهم تقديم معلومات أو طلب توجيهات أو إعانات خاصة.. وإذا كان هدف مرتادي السفارات كذلك، فنستطيع القول مباشرة أن الأمر يندرج في خانة الخيانة الوطنية.. غير أننا لا نشكك في أهداف هؤلاء إذا ما قسنا على أن مسعى السياسيين في الوصول إلى السلطة أحيانا يجعلهم يترددون على السفارات للتعريف بأنفسهم، وفي حال وصولهم للسلطة، تكون الخطوات السابقة تمهيدا لنشاطهم دبلوماسيا، وأستبعد أن يكون هدف هؤلاء تقديم معلومات أو الوشاية ببلادهم.


وألا تتخوفون من استغلال بعض المعلومات لصياغة تقارير مغرضة ضد الجزائر؟

صياغة التقارير تدخل في صلب نشاط السفراء.. فمهمة السفير التجسس للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات، وفي حال كان من فئة الناقمين على الجزائر فسيعمل على صياغة تقارير مغرضة تألب بلاده على الجزائر.


توقعتم أن لا يفوز أيّ حزب بالأغلبية البرلمانية، هل هذا معناه نهاية (القوة الكلاسيكية) الأفلان والأرندي كحزبين يوصفان بأنهما حزبا السلطة؟

أحزاب السلطة لم تعد أحزاب السلطة، بدليل أن حتى التحالف الذي كان يعرف بتحالف السلطة حلّ، وهناك من انقلب على السلطة واختار المعارضة..إذا المصطلح سقط ، وقراءتي جاءت من باب أن تحقيق الأغلبية أصبح صعب مع ارتفاع السقف الذي أصبح 232 مقعد، وكذا تعداد الأحزاب المشاركة الأمر الذي من شأنه أن يشتت أصوات الناخبين، ورغم ذلك ننظر إلى التنوع بنظرة إيجابية بناءة.


ألا تخشون من أن يأخذ اعتماد أحزاب جديدة قراءات عكسية، وتنقلب إلى تهمة للسلطة بمحاولة تعويم الساحة السياسية لتحجيم وتفتيت البرلمان؟

هنا أرد على سؤالكم بسؤال آخر.. لماذا عندما لم نفتح الاعتماد للأحزاب اتهمونا بالغلق السياسي ومنع تشكيل الأحزاب، وعندما اعتمدنا الأحزاب بناءا على إرادة الرئيس في تمكين المواطنين من التجمع في تشكيلات سياسية أو جمعيات أصبحنا محط انتقاد..رغم أننا لم نعتمد أحزابا سوى بموجب القانون، أشخاص تتوفر فيهم الشروط القانونية، واعتماد الأحزاب لم يكن لأجل حاجة آنية تتعلق بمناسبة التشريعيات، عندما اعتمدنا الأحزاب فهذا يعني أن العمر الافتراضي لهذا الحزب طويل إذا استطاع جمع عناصر الحياة والنمو، وإن لم يتمكنوا من الاستعداد للتشريعيات فالمواعيد الانتخابية قادمة مستقبلا. وممكن لهذه الأحزاب الحديثة أن تستخلص الدرس من أوزانها الحقيقية التي سيكشفها الصندوق لأن تشكل تكتلات سياسية كبيرة، وتجربة العديد من الدول أثبتت نجاعة التجربة، شريطة أن يتنازل رؤساء الأحزاب عن أنانيتهم لأن العديد من الأحزاب لم تنشأ بناءا على برامج، وإنما أنشئت بناءا على رغبة جامحة في الزعامة ولدينا العديد من رؤساء أحزاب أنشؤوها ليرأسوها، وإذا لم يتخل هؤلاء عن أنانيتهم فأتوقع أن يخرجوا من كل موعد انتخابي دون نتيجة، لأنهم لن يحصلوا نسبة الـ5 بالمائة، وتبقى هذه الأحزاب تدور في دائرة مفرغة تشارك وتخرج دون نتيجة، وأعتقد أن بقاء الأحزاب مهمة أصحابها وليس مهمة الداخلية، لأننا لن نفكر نيابة عنهم في تمديد أعمارهم.


إذا فهمنا كلامكم، فإن نسبة الـ 5 بالمائة لن تكون سببا في حل أي حزب مستقبلا؟

هذا البند كان في قانون الأحزاب القديم، غير أن هذه المادة أسقطت ولن يحل أي حزب حتى ولو لم يحصل على نسبة الـ5 بالمائة في 4 مواعيد نتخابية.

مازال التزوير يشكل بُعبعا يخيف الأحزاب والمترشحين ويحرّضهم على اتهام الادارة بالتلاعب بالإرادة الشعبية، ما هي الضمانات المقدمة لتكريس انتخابات نزيهة وذات مصداقية؟

قبل أن نذهب للضمانات يجب أن نتحدث عن فلسفة القانون.. فالقانون يؤكد على نزاهة وشفافية الانتخابات في كل مراحلها بداية من وضع القوائم إلى تسجيل الناخبين الجدد إلى تقديم الترشحات وتعيين الأعوان المكلفين بتأطير المكاتب، تضاف إليها الضمانات التقنية كالصندوق الشفاف والمداد غير القابل للمحو، بالإضافة إلى الإرادة السياسة المعلن عنها من قبل الرئيس، والذي أكد في عدد من المرات أن هذه الانتخابات لن تكون كسابقتها. أما من ناحية السلوكات الشخصية فإن قائمة المعينين تضم أزيد من 400 ألف عون، ويستحيل أن نشكك في ذمم نصف مليون جزائري أنه سيتواطأ في التزوير نظرا للعدد الكبير للأشخاص الموجودين بمكاتب التصويت، كما أن عملية الفرز لأول مرة ستتم بمكاتب التصويت ولن تنقل إلى مراكز التصويت، كما أن محاضر الفرز تحرر في المكاتب ويوقع عليه جميع أعضاء المكاتب بالإضافة إلى ممثلي الأحزاب، كما أن الملاحظين رخص لهم بحضور عمليات الفرز، والمحاضر تقدم وتجمع في البلديات وتحول على اللجان الولائية على أن ترسل إلى المجلس الدستوري، لدى من يدعي التزوير مسبقا فهذه تهم باطلة وغير مقبولة، وأتوقع اتهامات التزوير من الفاشلين ممن ستنهي النتائج أحلامهم، لكن اتهامات التزوير هذه المرة ستنكسر عند جدران العدد الكبير من الشهود على العملية .


هناك أحزابا اتهمت الإدارة بالنية في التزوير من خلال تضخيم الهيئة الناخبة، وهناك من يشكك في أهداف رفضكم مقترح الورقة الواحدة، كيف تردون على هذه الإتهامات؟

الهيئة الناخبة كانت في 2009 قرابة الـ20 مليون نسمة، اليوم أحصينا أزيد من 21 مليون..إذا اعتبرنا الإحصاء العام للسكان في 2008 أظهر أنه في الجزائر يوجد رسميا 35 مليون و500 ألف نسمة، وهو الرقم الذي أكيد أنه ارتفع السنة الحالية، فإذا اتخذنا معيار من المعايير الدولية والمتعلق بهرم السن، فمن مجموع 36 مليون نسمة نأخذ من 18 سنة وما فوق سنجد ضمن هذا الهرم 26 مليون جزائري تجاوزوا أهلية الانتخاب، فشتان بين الرقمين، وعليه نستطيع القول أن الرقم الرسمي للهيئة الناخبة لا يمثل الرقم الحقيقي للناخبين.. هذا التأويل جاء نتيجة فهم خاطئ عندما قلت أن عدد الساكنة ارتفع بـ4 ملايين فقرأ فيها البعض أن الهيئة الناخبة ارتفعت بـ4 ملايين.


هو سوء فهم إذن السيد الوزير؟

ليس سوء فهم، وإنما استثمار مقصود ونية مبيتة.


وبخصوص رفض الورقة الواحدة؟

رفضنا مقترح الورقة الواحدة لأن التجربة الانتخابية في الجزائر لم تسجل أبدا هذه الطريقة، فمن غير المعقول من الناحية التقنية جمع أزيد من 50 قائمة ضمن ورقة واحدة، لأن شكلها سيصبح كالرسالة التي تحمل 50 طابعا بريديا يجعل قراءتها مستحيلة ، خاصة أن المتغنين بالمقترح يطالبون بالتصويت بالشطب، فكل المؤشرات تجعل الأمر صعبا جدا من الناحية التقنية سواء في التصويت أو عملية الفرز، فحتى فوهة الصندوق لا تتطابق مع هذا المطلب، كما أن أصحاب المقترح رموا به غير أنهم لم يقدموا نموذجا مضبوطا لذلك.. والمؤكد أنهم اكتفوا بضرورة وضع صورة رئيس الحزب وصورة رأس القائمة بالإضافة إلى اسم الحزب، وهنا يصبح الأمر مستحيلا إذا كان الأمر لا يتعلق بالتصويت على أشخاص ، وكل المؤشرات تؤكد استحالة الورقة الواحدة تقنيا.


لكن المواطن سيجد نفسه أمام أكوام من الأوراق، وقد يشكل مشكلا حقيقيا للناخبين؟

هي مشكلة الناخب.. وعليه أن يفصل خياره بالذهاب مباشرة إلى الرقم، واعتقد أن حملات جميع المترشحين لم تـُهمل أبدا الترويج لأرقامها الانتخابية.


في حال فاز الإسلاميين مجتمعين بأغلبية المقاعد البرلمانية، ألا تتخوفون من عودة ما يسمى بمشروع “الدولة الإسلامية؟”

هذه النقطة فصل فيها دستوريا، فالتعديلات التي أدرجت على الدستور في 96 منعت الأحزاب من استغلال الدين في برامجها الانتخابية، وهو الأمر الذي فرض على أحزاب تغيير تسمية تشكيلتها السياسية، لكن يبدو أن نغمة الإسلاميين عادت بقوة، وعلى كل حال فالدستور الذي يؤكد أن الإسلام دين الدولة، يؤكد كذلك أن طابع الدولة الجزائرية ديمقراطي جمهوري، وأعتقد أن مشروع الدولة الإسلامية انتهى.


كيف تنظرون إلى اكتساح الإسلاميين للساحة في الدول التي شهدت ثورات أو ما يعرف بالربيع العربي، هل هو وليد إرادة شعبية أم نتاج إملاءات خارجية وضغط دولي؟

إذا كنت تقصد أن الجزائر تعاني ضغطا خارجيا فلا أعتقد أبدا أن يكون على الجزائر ضغط خارجي.. فصعود التيار الإسلامي أو غير الإسلامي حتى ولو كان التيار الديمقراطي والجمهوري فهو تيار مسلم، إلا أن الأمر يتعلق بإرادة الشعب، وأعتقد أن الأرضية في الجزائر تجعل المواطن متحررا من كل قيد، وقادرا على التعبير عن إرادته بكل حرية ومسؤولية، ولا مجال للمقارنة بين الجزائر والدول العربية الأخرى.


يعني أهلا وسهلا بفوز الإسلاميين في الجزائر؟

لست أنا من يقول أهلا وسهلا للإسلاميين أو غير الإسلاميين.. وإنما الصندوق هو من يقول ومن اختاره الشعب مبروك عليه الإرادة الشعبية.


باركتم مشاركة الأفافاس في التشريعيات، إلا أن هناك من يرى في هذه المشاركة تزكية للإصلاحات، فيما يعتقد آخرون أنها نتاج صفقة أبرمتها السلطة؟

لم نبرم أي صفقة، وهذا الحزب معروف بمكانه في المعارضة، ويستحيل أن يبرم صفقات..أما مباركتنا مشاركته فكانت قناعة منا أنه حزب بإمكانه المشاركة بجدية في بناء الجزائر الجديدة، وفعلا هو حزب أثبت أنه حزب وطني يدافع عن مصلحة البلاد فمرحبا به وبمشاركته.


كيف تفسرون العلاقة المقلوبة في مشاركة الأرسيدي والأفافاس، في الانتخابات فعندما يشارك الواحد يغيب الآخر، هل هو التنافس على نفس المنطقة أم أن وجود طرف يشكل تهديدا على الثاني؟

ليس لدي أي تفسير للظاهرة..أفضل عدم الخوض في الأمور الداخلية للأحزاب، كما أفضل عدم الخوض في قضية منطقة معروفة.


مازالت الكوطة المخصصة للمرأة في البرلمان، غامضة وغير مفهومة بالنسبة للعديد من الأحزاب والمترشحين، كيف فصلت التعليمة في حساب هذه الكوطة؟

الأمر فصل فيه بصفة رسمية، وقدمنا تعليمات لكيفية تطبيق القانون، وهي أمور بسيطة جدا وحازت الإجماع بين وزارتي الداخلية والعدل ومجلس الدولة، وحازت رضى كل الأطراف المشاركة في العملية الانتخابية، وغدا ستوزع التعليمة على الجميع بما فيهم الملاحظيين الدوليين، وصلاحيات التطبيق تقع على عاتق اللجان الولائية.


البرلمان القادم سيتولى تعديل الدستور، في اعتقادكم ماهي المحاور الكبرى للتعديل؟

الأكيد أنني لست معنيا بتعديل الدستور.. لأنه سيشكل جوهر مهمة المجلس الشعبي الوطني القادم، غير أن رئيس الجمهورية جعل أمر التعديل مفتوحا وأوكله بصفة رسمية للبرلمان، والقراءة النهائية تعود لرئيس الجمهورية، فيما إذا كان التعديل يستوجب الاستشارة الشعبية في حال مس التعديل صلاحيات السلطات الثلاث و التوازن بين السلطات، وإذ مس سلطة من السلطات، اعتقد أنه يدخل ضمن صلاحيات البرلمان فقط.


هل سيكون تعديل الدستور أخر محطة في مسار الإصلاحات السياسية؟

تعديل الدستور لن يكون آخر محطة في مسار الإصلاحات.. ذلك لأن الرئيس يعول على البرلمان القادم لتوسيع الإصلاحات، وتحقيق التغيير الإيجابي الرامي إلى القضاء على النقائص. وعندما نذهب إلى برنامج الرئيس نجد إشارات إلى إحداث تغييرات، فكانت الفرصة في أفريل الماضي، لإطلاق الإصلاح السياسي وستليها إصلاحات مكملة جديدة لبناء دولة عصرية تحترم الديمقراطية والقانون والحريات الفردية والجماعية.. أعتقد أنه ستكون هناك مرحلة ثانية من الإصلاحات بعد العاشر ماي.


بعيدا عن الانتخابات، زار مؤخرا الجزائر مسؤول من الأفريكوم، هل للزيارة علاقة بالوضع في المنطقة، وهل جدد هذا المسؤول طلب إقامة قاعدة عسكرية في الصحراء؟

الجزائر ترفض أي تدخل لأي دولة في منطقة الساحل، عدا دول المنطقة الأربع أو ما يعرف بدول الميدان.. أما زيارة المسؤول الأمريكي فلا علاقة لها أبدا بالوضع عدا مجال التعاون الأمني والعسكري بين البلدين..أما مسألة إقامة قواعد فموقف الدولة معروف، وأمريكا وغيرها لم تجدد أبدا الطلب، فالجزائر لم ترضخ أبدا من قبل فكيف نرضخ اليوم.


لكن هناك من فسر مثل هذه الزيارات بمحاولة الضغط على الجزائر؟

ليس هناك أيّة ضغوط على الجزائر.


اختار الفرنسيون رئيسهم، من الأفضل بالنسبة للجزائر: ساركوزي أم هولاند؟

الانتخابات الفرنسية شأن فرنسي، وبالنسبة للجزائر نفضل من يتعاطى مع مصالحنا بإيجابية وبراغماتية وفق تصوراتنا.


هل ستتمسك الجزائر بمطلب اعتذار فرنسا عن جرائمها مع قدوم الرئيس الجديد؟

أؤكد لكم أن قضية تجريم الاستعمار أضحت مسألة فرنسية داخلية، ولا علاقة لها بالعلاقات الجزائرية الفرنسية، لأن مطلب الاعتراف بحقيقة ما اقترفه الاستعمار الفرنسي في حق الشعوب أصبح مطلبا جماهيريا داخل فرنسا، فهناك مطالب شعبية في فرنسا بكشف الذي حدث وتطالب دولتها بتقديم الاعتذار.


كلمة أخيرة؟

أطمئن الشعب الجزائري، أننا سنبذل قصارى جهودنا لحماية الإرادة الشعبية، وسنحقق أقصى درجات النزاهة والشفافية، غير أنني أطالب من الشعب الجزائري أن يتحمل مسؤوليته في هذا الموعد نظرا لأنه موعد فاصل فلا يجب أن يفوته.

مقالات ذات صلة