الشروق العربي
نظرة المجتمع إلى المرأة السجينة:

مجرمة حتى ولو كانت بريئة

صالح عزوز
  • 3309
  • 3
ح.م

تختلف نظرة المجتمع إلى خرجي السجون، كل حسب رأيه، غير أن أغلبهم يحملون تلك النظرة السوداوية إليهم، ويبقى أغلبهم يحمل سمات المجرم، مهما تغيرت حالته أو سلوكه مع من هم حوله، أو في طريقة عيشه بعد السجن واستقامته، وهذا ينعكس في تصرفات المحيطين بهم، سواء في التعاملات أم العلاقات معهم، حيث تتصف بالحيطة والحذر في كل عمليات التواصل معهم، هذا حينما يكون السجين رجلا، فماذا لو كان هذا السجين من الجنس اللطيف؟ سواء كانت امرأة أم فتاة، كيف يكون رد فعل الناس نحوهن.

إن الغالبية من الناس في مجتمعنا، لا تقبل فكرة المرأة السجينة، لأنها بالنسبة إليهم مجرمة مهما كان جرمها، بل حتى ولو كانت مظلومة أو بريئة، فبمجرد خروجها من سجنها تتحول نظرتهم إليها، وتصبح أكثر قساوة مما كانت عليه في ما سبق، ولا يسأل الواحد منهم عن سبب دخولها السجن، لأن أغلبهم يعتقد أنه مهما حدث مع المرأة، فلا يمكن بحال من الأحوال أن تصل بها الحال إلى ارتكاب جريمة أو جنحة تدفعها إلى السجن مباشرة، لأن السجن ينظر إليه على أنه للرجال فحسب، فكان واجبا عليها أن تتحكم في كل موقف أمامها حتى ولو على حساب شخصها.. غير أنه يقف في الطرف الآخر من يعارض هذه الفكرة، وحتى وإن كانت الغالبية تقف موقفا ضد المرأة السجينة فلا تهم الغلبة بقدر السبب، فهناك من يدافع عنها، فلا يمكن لها أن تبقى صامتة أو ساكنة حينما يحل بها ضرر، ومنهم من قدم لنا مثالا عن المرأة أو الفتاة التي تتعرض للاغتصاب، فهل تقف وتنتظر مغتصبها يفعل فيها ما يحلو له وهي صامتة، لأن المجتمع لن يرحمها حين تدافع عن نفسها على حد رأي الكثير من الناس، بل إن دفاعها عن شرفها ودخولها السجن هو بمثابة فعل واجب عليها، حتى ولو كلفها هذا دخولها السجن طوال حياتها، فلا حياة دون شرف على حد قولهم، والسجن أرحم لها في مثل هذه الحالات، بل هو بمثابة شجاعة.

  إن تداول مثل هذا الموضوع بين الناس، هو الحديث عن الأنثى في صور مختلفة، لأن الكثير من النساء فاقدات للمكانة الاجتماعية بحكم نظرة المجتمع إليهن، حتى ولو كن من غير ضرر ولا جرم، وهذا ما تشتكي منه الكثير اليوم، وغلب في حكم الرجل عليها مبدأ القوامة والذكورة، هذا في الحالات العادية، فكيف لما تصبح المرأة خريجة سجون أو مجرمة مهما كان نوع جرمها، سواء دفاعا عن نفسها أم غير ذلك، فأكيد لن يرحمها حتى من هو أقرب الناس إليها وفي العائلة، لأنها تجاوزت الحدود المرسومة لها في اعتقادهم، وتصبح محرومة من كل حقوقها سواء داخل الأسرة أم في المجتمع، وتعيش التهميش بعد هذا السجن، لتكون قد حرمت حريتها ومن ثم علاقاتها في المجتمع، حتى ولو كانت ضحية أو بريئة، ففي نظر المجتمع السجن هو المكان الأصلح لها، ولو لم تكن كذلك ما دخلت إليه مهما كان ظرفها.

من الصعب أن تعيش المرأة بعد خروجها من السجن، وحتى وإن تقبلها المجتمع فأكيد سوف يتقبلها على مضض.

مقالات ذات صلة