-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

محكمة بحجم وطن

الشروق أونلاين
  • 1496
  • 0
محكمة بحجم وطن

عبد الناصر

الشاربون حد الثمالة من أكواب ملف الخليفة تناسوا ما يحدث في محاكم أخرى عبر الوطن، تقدم جميعها نماذج غريبة من الفضائح تُقصّر عمر الأمل وتعيد الشعر الذي شيبته سنوات الجمر إلى سواده الداكن جدا، وتؤكد أن مدجنة تفريخ الجريمة تمكنت فعلا من مجتمعنا حتى صرنا نخشى أن يقسّم الزمن الجزائري إلى عشريات كلها مأساوية من الدم إلى الفضيحة.وحتى الابتهال بتمكن يد المحكمة من جر المجرمين الى السجون والإبتهال بتطويق رجالات الأمن لمهندسي الفضائح لم يعد يثلج الصدر المحروق بلهيب الأحداث، لأن المشكلة الحقيقية هي كيف تسلطن هؤلاء “الأقوام” وشيّدوا إمارات ومملكات بحاشية بداية طابوربها أمام مكتب مصلحة السجلات التجارية ونهايته أمام مكتب قاضي التحقيق.

ففي ذات التوقيت الذي تنصبت فيه محكمة البليدة عاصمة للمجالس القضائية، اشتعلت محكمة وهران بقضية بنك “بي.سي.يا”، حيث تكررت اسطوانة “الشكارة”، كما باشر قاضي التحقيق في جيجل استجوابات ماراطونية حول قضية تبديد 1200 مليار عبر صفقات مشبوهة تورطت فيها مديريات السكن والتجهيزات والأشغال العمومية، وقضت محكمة عنابة ليلة بيضاء إلى ساعة الفجر حتى تبين لها الخط الأسود من الخيط “القوس قزحي” في قضية تبخر أربعين مليارا كان بطلها المندوب الولائي للحرس البلدي وطائفة من الأوزان الثقيلة.

صرنا نخال وزارة العدل في الحكومة الحالية وحدها تنشط في بلد تتهاطل عليه أموال النفط كالطوفان العاصف وتختفي بسرعة البرق في “شكاير” عابرة للقارات.. صرنا نخشى أن ننفق ما تبقى من أموال النفط والإنعاش الاقتصادي في انجاز السجون والمحاكم وامتصاص البطالة في تكوين مزيد من رجال الدرك والشرطة وأن يصبح معهد الحقوق الأهم والأكثر جاذبية من المعاهد التكنولوجية والطبية.

فإذا كان في سويسرا أمام كل بنك، بنك وفي النمسا أمام كل دار أوبرا دار للأوبرا، فإننا على شفا أن يصبح عندنا أمام كل محكمة.. محكمة.

الهم الأكبر يجب أن يتحوّل إلى كيفية اقتلاع جذور الجريمة ومنع مجرد التفكير في الإتيان بالجرم، حتى لا يصبح القضاة عندنا بحجم حكومة، ورجال الأمن بحجم شعب، والمحكمة بحجم وطن.. وحتى السجن بحجم. وطن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!