الجزائر
مجاهدون يشيدون بخصاله في ذكر رحليه الأولى

محمد الصالح يحياوي.. دعم الشاذلي وعارض بوتفليقة وقرب بين فرقاء الفيس

أحمد قرطي
  • 8239
  • 15

دعت شخصيات ثورية وتاريخية ومجاهدون، إلى ضرورة نفض الغبار عن تاريخ وحياة الراحل محمد الصالح يحياوي، كما أجمع المتدخلون في شهاداتهم على هامش إحياء الذكرى الأولى لوفاته بالمسيلة، على أن الجزائر فقدت رجلاً حكيما صادقا نزيها شريفا، كان له مسار حافل إبان الثورة التحريرية وبعد الاستقلال، على الرغم من التزامه الصمت طوال سنوات، لأسباب متعددة، خاصة خلال العشرية الأخيرة.

أسد الأوراس أو الشهيد الحي كما يطلق عليه، خاض عدة معارك ضد الاستعمار الفرنسي وتقلد عديد المناصب بعد استرجاع السيادة الوطنية، انطفأت شمعته قبل سنة من الآن، لكن رصيده الثوري والنضالي لا زال وسيبقى راسخا في الأذهان بالنظر إلى التضحيات التي قدمها في سبيل الوطن..

هي جزء من شهادات رفقاء له في الكفاح والنضال والعمل السياسي، تحاول الشروق نقل جانب منها للقراء الكرام على هامش إحياء الذكرى الأولى لوفاته من قبل المكتب الولائي لجمعية رجاء للتضامن والتنمية التي مكنت من جمع رفقاء الراحل بحضور نخبة وكوكبة من الأساتذة والمهتمين بالشأن التاريخي والثوري بالنسبة لأعظم ثورة في القرن العشرين ولشهداء ومجاهدي الجزائر ومحمد الصالح يحياوي بالتحديد.

يرى المجاهد ومحافظ حزب جبهة التحرير الوطني، عبد المجيد معتوق، بأن محمد الصالح يحياوي غني عن التعريف ويكفيه فخراً واعتزازا أنه رحل إلى دار البقاء وهو يحمل في جسده رصاصات تحرير الجزائر من المستعمر الغاشم، يعد نموذجاً يحتذى به للأجيال الصاعدة، كان يدعو إلى التمسك بالمبادئ الوطنية والمثل وقيم الثورة والجهاد والوحدة الوطنية.

من جانبه مدير الأرشيف الوطني عبد المجيد شيخي، وفي تدخل له، باعتباره ملازما للفقيد منذ 1977 إلى أن وافته المنية، انتهز الفرصة للحديث عن أبرز مواقفه ونظرته لمستقبل البلاد، منها الحديث الذي دار بينه وبين الرئيس هواري بومدين الذي كان يزوره بأكاديمية شرشال قائلاً له “مشينا معك مشية موافقة وأنه حان الوقت لأن نمشي معك مشية المشاركة”، وهو الحديث الذي تسبب حسب عبد المجيد شيخي في غضب الرئيس بومدين رحمة الله عليه، حيث لم يكلمه لمدة 6 أشهر كاملة ولم يلتق به طيلة تلك الفترة، إلى أن تغيرت نظرة الرئيس أنذاك وغير مواقفه ومنه قرر النزول إلى الشعب في نقاش واسع حول الميثاق الوطني، مضيفاً بأن بومدين بعدها عاد وخاطب الراحل بأن يمسك الحزب العتيد وهو ما مكنه من إعداد تقرير مهم حول نظرته المستقبلية للحزب، كما شرع آنذاك في جمع الإطارات ورفع مستوى الحزب الذي يجب أن لا يكون تابعاً للإدارة إلى أن حدث ما حدث ورحل بومدين، ليتم بعدها إقصاءه من الحزب، ويكفيه وسام وحيد أنه أكبر جريح في الثورة.

وفي تدخل له، اعتبر المجاهد جمال الدين ميهوبي، بأن الرجل كان مثالاً في التضحية والفداء على مبدأ الحق وبيان أول نوفمبر الذي لم يحد عنه أبداً، يضرب به المثل في البطولة والشجاعة، حيث عانى معاناة كبيرة خلال الثورة التحريرية، اثر إصابته بـ18 رصاصة في أنحاء متفرقة من جسده، انتزع البعض منها في يوغوسلافيا وألمانيا وكذا الاردن والبعض الآخر بقى في جسمه إلى غاية مماته، لذلك سمي بالشهيد الحي. وبخصوص مساره الثوري، فإنه التحق بصفوف الثورة التحريرية وسنه لا يتجاوز 19 عاما وذلك سنة 1956 رفقة بعض الشباب رغم معارضة البعض باعتباره صغيراً في السن، ولم تطأ قدماه فرنسا طوال حياته وحتى العلاج بعد الاستقلال، اختار يوغوسلافيا والأردن والمانيا.

بينما اعتبره شقيقه عبد السلام يحياوي، بأنه فقيد الجزائر وليس منطقة المسيلة، أو الأوراس، مؤكدا في كلمة له بالمناسبة، بأن الراحل كان خلال السنة الأخيرة التي توفي فيها بصدد كتابة بعض الكتب حول الثورة والجهاد والجيش والحزب أي الأفلان، ولما سألته يضيف المتحدث عن عدم كتابة ذكرياته وسيرته، قال له بالحرف الواحد “أنا لا أكتب عن نفسي، بل أكتب عن الجزائر”، مؤكدا أنه لما سافر إلى الاردن للعلاج، تجمع حوله الأطباء ووصفوه بخالد بن الوليد الثاني، تحالفت على حد قوله قوى الشر في الداخل والخارج، كما قدم عدة تنازلات تفاديا للتشتت ونكرانا للذات.

وفي شهادته حول أسد الأوراس، قال في حقه المجاهد عبد الكريم عبادة بأن الفضل يعود له في تولي الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد رئاسة الجمهورية، رغم أن محمد الصالح يحياوي كان الأفضل والأجدر والأقرب لتولي هذا المنصب، لكنه آثر ذلك على نفسه، ودعا الجميع إلى التعبئة والتجنيد، على الرغم من أنه كان هو المؤهل، باعتباره مجاهدا معروفا ويحظى بدعم الكل من مجاهدين ورجال في المؤسسة العسكرية، الا أنه فضل التنازل، ودفع ثمن صراحته ونزاهته وصدقه ومواقفه، ومن بين الشهادات التي سردها عبادة عن الفقيد، أنه سنة 1999 لما عاد الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، كان حسبه الكل يرحب به بالنظر إلى ما قيل عنه في تلك الفترة ورغبته في خدمة الجزائر، حيث قال في هذا الشأن “أنتم ما تعرفوهش، والله لو يتحقق ذلك يأتي نهار تعضو أصابعكم وأنتم بصدد ارتكاب جريمة في حق هذا الشعب”، مضيفا أنه عاش نظيفا ومات نظيفا، رجل إجماع وتأكيد، كانت له عدة اسهامات، في تقريب وجهات النظر بين قادة الفيس والسلطة في تسعينيات القرن الماضي، كما مد يد العون للرئيس الأسبق اليامين زروال ودعمه وكان مخلصاً له وفق ما ذكره عبد الكريم عبادة.

مقالات ذات صلة