الرأي

محمد علي وفتوحاته الإسلامية

هل من المعقول، أن تعلن الكثير من البلاد الغربية، ومنها “الدولة” الصهيونية في مؤسساتها الرياضية والاجتماعية والثقافية حِدادها، على رحيل الملاكم الأمريكي الأسطورة محمد علي، وتكتفي الدول التي تسمّى بالإسلامية، بنقل خبر انتقاله إلى جوار ربّه، من باب الإعلام فقط؟

هل من المعقول، أن يُغيّر الملاكم الأمريكي المولد والجنسية، وهو في قمّة شهرته وتألقه، دينه إلى الإسلام، واسمه إلى محمد علي، ويتعلم اللغة العربية حتى أتقن منها الكثير، ويطلق على أبنائه التسعة أسماء عربية من ليلى وجميلة وخليلة، ولا نعتبره فردا منّا، نفرح بألقابه العالمية في الملاكمة التي جعلت منه الأحسن والأقوى في جميع الأزمان، ونحزن لرحيله كما حزن الذين رمى “دينهم” واسمه القديم “كلاي” في وجوههم؟

أكيد أن في الأمر خذلان ونكران للجميل، من أمة، يشهد تاريخها، كيف منح قائدها الأول شرف الآذان لبلال القادم من الحبشة، وكيف ضمّ سلمان القادم من بلاد فارس إلى أهل البيت والعائلة المحمدية الهاشمية، وكيف أمّر صهيب القادم من بلاد الروم في مواقع حسّاسة ككاتم أسرار غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم، وسنكون صادمين للكثير من الناس، عندما نقول بأن الملاكم الراحل محمد علي رفقة الداعية الأمريكي “إليجي محمد”، تمكنا من أن يفتحا باب الإسلام في وجه مليون نسمة في قارة أمريكا، فدخلوا في دين الله أفواجا، في الوقت الذي عجز من يسمّون أنفسهم ونسمّيهم نحن، بالعلماء والفقهاء والدعاة من أن يردّوا رجلا واحدا إلى طريق الحق، أو تائها في صحراء الضياع، إلى سبيل الرشاد.

لقد اختار محمد علي إعلان إسلامه، وتغيير اسمه، في فترة تاريخية لم يكن من رجل في الكرة الأرضية، أشهر منه، فقد أحرز بطولة العالم في الرياضة الأكثر شعبية في عام 1964، وبعد أشهر قليلة، عندما كان يسيطر على الصفحات الأولى في كل الصحف والتلفزيونات العالمية أعلن إسلامه، وأجبر الإعلاميين والساسة والمشجعين على أن ينادوه بمحمد علي.

ورفض محمد علي المشاركة في حرب بلاده على الفيتنام، في الوقت الذي استجابت دول إسلامية بشعوبها وجيوشها، لأمريكا، وشاركت في تخريب عاصمتي الخلافة الإسلامية في بغداد ودمشق، وتحدّى بلاده، ووضع شهرته وألقابه الخارقة على حافة الخطر، في الوقت الذي ينبطح الساسة، ويهادن أي مواطن، ويقدّم كرامته على طبق، من أجل الحصول على الجنسية الغربية أو حتى تأشيرة دخول لهاته الأمصار، وانتقد السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ورفض احتلال العراق، في الوقت الذي خبّأ المحسوبون على الإسلام رؤوسهم، في رمال المنطقة.

عندما نعلم بأن تونس استقبلت الأمريكي “مايكل جاكسون” وكرّمته شعبيا ورسميا، واحتفت المغرب بـ”مادونا” وكرّمتها شعبيا ورسميا، واستضافت مصر الصهيوني “أنريكو ماسياس” وكرّمته شعبيا ورسميا، واستقبلت الجزائر “زيدان الذي حمل علم فرنسا” وكرّمته شعبيا ورسميا، لا يمكننا سوى أن نصلي صلاتي غائب، واحدة على محمد علي، والثانية على أرواحنا.

سؤال إفتراضي بريء قد يردّنا إلى واقعنا: ماذا لو اختار هذا الملاكم الأسطورة في عزّ تفوقه، الديانة اليهودية وغيّر اسمه إلى بنيامين؟

مقالات ذات صلة